استعرض أحد أكبر المعلقين
الإسرائيليين، مع رئيس وزراء وزير أمن إسرائيلي أسبق، النقاشات الخفية التي دارت حول المخطط الإسرائيلي لشن هجوم عسكري على
إيران من أجل تدمير مشروعها النووي.
ومن بين ثلاثة إسرائيليين فقط على قيد الحياة، قادوا "إسرائيل" من فوق كرسي رئيس الحكومة وهم؛ بنيامين نتنياهو وايهود اولمرت (سجين)، وثالثهم
إيهود باراك، الأخير هو فقط من يمكنه الإجابة على الاسئلة، وفق ما قاله ناحوم برنياع، كبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرنوت" اليومية الإسرائيلية.
وأوضح برنياع في حوار له مع رئيس الوزراء وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، نشر اليوم، أنه التقى بباراك هذا الأسبوع وتحدث معه لبضع ساعات في العديد من المواضيع منها؛ دخول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في صراع مع روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران في وقت واحد.
وأكد رئيس الوزراء وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، أن "الأماكن التي يوجد بها خطر حدوث خطأ هي إيران وكوريا الشمالية، وبشكل مختلف الصين".
وحول دوافع باراك ونتنياهو نحو عمل عسكري ضد إيران، سأل كبير المعلقين الإسرائيليين بارك : "ما الهدف الذي أردتموه بالفعل؟، في ظل وجود ثلاثة احتمالات، الأول: الحرب، والثاني؛ دفع أمريكا لتشديد العقوبات على إيران، والثالث؛ دفع أمريكا بالدخول في حرب واسعة مع إيران، فأجاب باراك، "كان الهدف دفع الأمريكيين بتشديد العقوبات وتنفيذ العمل أيضا، وأنا كنت أكثر صقورية من نتنياهو".
وهنا لم ينفي باراك، خطته مع رئيس الحكومة وقتها، بنيامين نتنياهو، إلى شن هجوم عسكري ضد إيران وقال: "افترضنا أن الأمريكيين يعرفون كل شيء، بخصوص العملية وبخصوص معارضة رئيس الأركان اشكنازي لها، وكذلك رئيس الموساد داغان ورئيس الاستخبارات العسكرية يادلين ورئيس الشباك ديسكن".
وأضاف: "لقد عرفنا أنه لدينا من يتحدث معهم يوميا"، منوها أنه تحدث مع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، الذي أنهى ولايته مطلع 2009، والسابق باراك أوباما، و"قلت لهما أنه عندما يتعلق الأمر بمسؤولية إسرائيل عن أمنها، فنحن سنتخذ القرارات وليس هما".
وأوضح باراك في حواره مع الصحيفة الإسرائيلية، أن بوش و أوباما "لم يرغبا في خططنا لكنهما احترما حقنا في اتخاذ القرارات، وفي مرحلة ما سألني وزير الدفاع الأمريكي عن وقت إبلاغهم بالهجوم، فقلت له يجب أن نفاجئ، ولا يمكننا إعطاؤكم أكثر من بضع ساعات، وستتم صياغة إعلاننا بطريقة لا تعرض حياة أي جندي أمريكي للخطر".
ورغم معارضة أمريكا للهجوم المخطط له من قبل "إسرائيل"، بحسب باراك، الذي نوه أن الإدارة الأمريكية وقتها أكدت أنها في حال تنفيذ الهجوم "ستوفي بكل التزاماتها نحو إسرائيل".
واعتبر باراك، أن شن هجوم عسكري على إيران "كان بمثابة الأداة للتعامل معها؛ فهي لم تختر مشروعا نوويا يشبه مشروع ليبيا أو جنوب أفريقيا بل اختارته من أجل الردع"، مؤكدا أن "السلاح النووي لدى إيران سيغير الوضع الإقليمي وقد يصبح مشكلة وجودية بالنسبة لإسرائيل".
ولفت إلى أن معارضو الهجوم، قالوا: ايران تحتاج لسنوات قليلة من أجل استكمال المشروع، وهذا غير صحيح"، موضحا أنه في "إسرائيل يسمحون بشن مثل هذا الهجوم إذا توفرت ثلاثة شروط تمثل أضلاع المثلث وهي؛ القدرة التنفيذية العسكرية ووجود شرعية دولية وحاجة ملحة لشن هجوم فوري لا يحتمل التأجيل".
وشبه بارك المشروع النووي، بـ"القطار الذي يدخل إلى النفق رويدا رويدا، وكل عربة منه تدخل تتقلص نجاعة العمل، وهذا هو معنى حيز الحصانة".
وحول السبب الذي أدى إلى تراجع "إسرائيل" عن تنفيذ الضربة العسكرية لإيران، أشار باراك، إلى أن "عدم موافقة رئيس الاركان على العملية لا تمنعها بالضرورة، لأن المستوى السياسي هو الذي يقرر، ولكن عندما تم طرح العملية للنقاش في 2010 أوضح اشكنازي أنه لا توجد لنا قدرة تنفيذية، وعندما يقول رئيس أركان بأنه لا توجد قدرة تنفيذية فان المصادقة لا تجتاز الحد المطلوب".
وتابع: "للأسف، المعارضون حصلوا على دفعة معنوية من الرئيس شمعون بيرس، وأنا لم أنجح في إقناعه أو إقناع المعارضين الآخرين على الرغم من استثمار ساعات كثيرة في ذلك".
وبحسب أقوال باراك، فإن بيني غانتس، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي جاء خلفا لأشكنازي، أكد في عام 2011، أن العملية خاطئة، رغم أن هناك قدرة على تنفيذها، ويضيف باراك: "قمنا بجمع الوزراء الثمانية واعتقدنا أنه إذا وافق الوزراء على ذلك فان الكابينت (المجلس الوزاري المصغر) سيوافق أيضا، لكن موشيه يعلون يوفال شتاينيتس ، اعترضا على الهجوم".
وحول تراجع نتنياهو وقتها قال باراك: "لست على يقين من أنه بذل جهدا كبيرا للإقناع، ومن سنة لأخرى زاد الشك لدي حول تصميمه على العمل، واقترحت عليه التقدم في الموضوع الفلسطيني، إذا لم يكن من أجل الاتفاق، فعلى الأقل من أجل التأييد الدولي الواسع للهجوم على إيران".
ومضي بقوله: "يحتمل أن الأمر الذي أخاف نتنياهو هو الحاجة لفعل شيء أو التقدم في الموضوع الفلسطيني، أو ربما أن أهمية وحجم الهجوم على إيران هو الذي ردعه؛ لأنه يخشى من تحمل المسؤولية عن قرار يعارضه جميع رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية".
وحول انفصال إيهود باراك عن حزب العمل الإسرائيلي الذي كان يتزعمه في 2011، وتأسيس حركة باسم "الاستقلال"، فقد أرجع السبب لفشله في إقناع المعارضين للهجوم على إيران من حزب العمل وعلق بقوله: "هناك أمور أهم من الحزب".
وعقب توقيع أمريكا على الاتفاق النووي مع إيران، لفت باراك أن نتنياهو بعد يومين "استدعاني للتشاور، وكنت خارج السياسة، وأكدت له أن الاتفاق سيء، ويجب إظهار موقفنا، وفي نفس الوقت لا يجب أن ننقل الصراع إلى الكونغرس، لأن فرصة النجاح ضعيفة، ويكفي أن نتحدث في الايباك ومؤسسات الكونغرس كما هو متعارف عليه".
ورأى باراك، أن نتنياهو أضاع فرصة بعد توقيع الاتفاق، بالحصول على مساعدة عسكرية بمبلغ 45 مليار دولار لعشر سنوات وليس 38 مليار، مع زيادة التعاون الاستخباري والتوصل لتفاهمات حول شروط تشديد العقوبات.