نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمحرر الشؤون الصحية كريس سميث، يقول فيه إن ستة ملايين شخص وصف لهم الأطباء جرعة خطأ من دواء "سيمفستاتين"، أو ما يسمى اختصارا "
statins"، لمقاومة زيادة الكولسترول في الدم، بشكل يهدد حياة الكثيرين، ويزيد من مخاطر إصابتهم بالسكتات القلبية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن
دراسة طبية حديثة كشفت عن أن غالبية الأشخاص الذين يتناولون الدواء لم يحصلوا على الجرعة المناسبة، بحسب ما تنص التوصيات الأخيرة لوصفه لمن هم يعانون من زيادة الكولسترول في الدم، لافتا إلى أن الدراسة حثت الأطباء على عدم إبقاء المرضى على الوصفة القديمة ومقاومة زيادتها، وأن عليهم مساعدة المرضى لمواصلة تناوله، وليس التخلي عنه في حال ظهور مشكلات.
ويبين سميث أنه نظرا للضغوط الكبيرة على الأطباء العامين، فإن هناك مخاطر من حدوث مشكلات لمتناولي هذا الدواء في حال انتظروا طويلا لحجز موعد عند الطبيب ومناقشة مشكلاتهم إثر تناول "statins".
وتلفت الصحيفة إلى أن المعهد الوطني للصحافة والعناية الممتازة "نايس" أصدر قبل ثلاثة أعوام تعليمات لوصف جرعات قوية، وقال إن الكثير من المرضى يمكنهم الاستفادة من جرعات عالية، التي تكلف الآن ستة بنسات يوميا، مستدركا بأن الكثير من الأطباء يشعرون بالقلق من الأعراض الجانبية للدواء، رغم الدراسات الدقيقة التي أجريت خلال السنوات الماضية، وأثبتت عدم وجود تلك الأعراض إلا نادرا.
وبحسب التقرير، فإن الباحثين في الدراسة الحديثة قاموا باستخدام سجلات 184 ألف مريض؛ لمقارنة الجرعات التي وصفت لهم بما أوصى به معهد "نايس"، ووجدوا أنه في الفئة التي تعاني من أمراض في القلب ويواجهون مخاطر الإصابة بسكتات قلبية، فإن الأطباء وصفوا لهم جرعات من الدواء أقل من تلك التي أوصى بها "نايس"، وفقط 6% منهم يتبعون الإرشادات، بالإضافة إلى أن هناك نسبة 21% من المرضى لم يصف لهم الأطباء الدواء ذاته.
ويفيد الكاتب بأنه في المجموعة الثانية ممن يواجهون خطر الإصابة، فإن 15% منهم يتناولون "statins" كما هو موصى به، فيما لا تتناول نسبة 39% منهم الدواء، لافتا إلى أنه بناء على هذه النتائج، فإن هناك ثلاثة ملايين من كل فئة بحاجة إلى تغيير الجرعات لمنع مخاطر إصابتهم بالمرض.
وتنقل الصحيفة عن البروفيسور كواسيك ري، من فريق "إمبريال كوليج"، الذي قام بالدراسة، وساهم في كتابة الورقة البحثية التي ستنشر في المجلة الطبية البريطانية "بي أم جي أوبن"، تعليقه قائلا: "إنه رقم ضخم"، وأضاف: "طالما أنه لم يتم تحديد المشكلة ومحاولة التغيير، فإن المرضى سيذهبون إلى المستشفى، إما لأسباب لا علاقة لها بالمرض، أو عندما يصابون بسكتة قلبية"، مشيرا إلى أن كل ما يمكن عمله لمنع عشرات الآلاف من السكتات القلبية والدماغية هو تدخل بسيط من خلال تقنين جرعات "statins".
ويورد التقرير نقلا عن ديلان ستين من جامعة سينسيناتي، وهو أحد الباحثين البارزين في الدراسة، قوله إن "زيادة جرعات (statins) يجب أن تكون أولوية للصحة العامة، وفي بعض الحالات يجب تغيير الدواء إلى دواء أكثر سلامة"، وأضاف أن المشكلة هي "مقاومة وصف العلاج أكثر، حيث يقول الأطباء إنه إذا كانوا يتناولونه وحالتهم جيدة فعلينا ألا نهز القارب".
وقال الدكتور ستين إن وجود 680 ألف شخص يعانون من أمراض قلبية ولا يتناولون الدواء أمر غير مقبول، حتى لو أدى تناول هذا الدواء إلى أعراض جانبية، مؤكدا أنه ينبغي على الناس الذين يتناولون "statins" ألا يصابوا بالذعر، قائلا: "تأكد من إخبار طبيبك عن تلك الأعراض في موعدك المقبل معه".
وينوه سميث إلى أن المدير المشارك لمؤسسة القلب البريطانية مايك نابتون، وافق على وجوب معالجة المشكلة، وقال: "تتغير الإرشادات، وأحيانا من الأسهل ترك المرضى على الجرعة التي يتناولونها، ولا أعتقد أن هناك سوء ممارسة أو تواطؤا من الأطباء، وفي الوضع الطبيعي هو تحدي المرضى، لكن الضغوط على الأطباء تجعل الأمر صعبا، خاصة في ظل تناول الملايين لـ(statins)".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مديرة الكلية الملكية للأطباء العامين هيلين ستكوز- لامبارد، أكدت أن "الإرشادات" هي إرشادات من "نايس"، وليست خطوطا محددة، وأن الأطباء يصفون الدواء بناء على ظروف كل مريض، وتقول إن "تناول (statins) هو التزام طويل المدى، وقد تكون للمرضى وجهات نظرهم الخاصة، ويجب أن يتم وصف (statins) بعد مناقشة بين الطبيب والمريض".