نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتبة هبة صالح، تتحدث فيه عن الهجوم الذي يتعرض له شيخ
الأزهر أحمد الطيب، من الإعلام المؤيد لنظام الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن رموز إعلام النظام شنوا قبل أيام من الهجوم المزدوج على الكنيستين، موجة من الهجمات غير العادية على الأزهر، الذي ظل مركز التعليم الإسلامي للمسلمين في كل مكان، ولقرون طويلة.
وتنقل الكاتبة عن عمرو أديب، وهو أحد مقدمي البرامج الشهيرة، قوله: "لو لم تعد قادرا أو متعبا وأصبت بالملل، فاترك الوظيفة لشخص آخر، فموقفك السلبي يقتلنا"، داعيا الطيب للاستقالة.
وتعلق الصحيفة قائلة إن النقد الغاضب يعكس التوتر بين قادة مصر السياسيين والقادة الدينيين على ما يبدو، حيث يتهم الإعلام المؤيد للنظام قادة الأزهر بالفشل في مواجهة التطرف، إن لم يكونوا مشاركين في إشعاله وإثارته.
وتضيف الصحيفة أن الضغط زاد على الأزهر، خاصة في ظل زيارة بابا الفاتيكان البابا فرانسيس لمصر الشهر الماضي، وفي ظل الهجمات على الكنيستين في طنطا والاسكندرية، التي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنها، وقتلت عددا من المسيحيين.
ويلفت التقرير إلى أن مقدمي البرامج التلفزيونية اتهموا الشيخ الطيب بتجاهل دعوات السيسي "لثورة دينية"؛ من أجل مواجهة التعصب والأيديولوجية الجهادية، مشيرا إلى أن السيسي، الذي كان وزيرا للدفاع، قام بالإطاحة بمحمد مرسي عام 2013، ودعا بشكل واضح إلى تجديد الخطاب الديني، وقال إنه "سيشكوهم إلى الله".
وتقول صالح إن هذه التوترات تعكس التحديات المعقدة التي تواجه الرئيس، الذي يحاول التأثير في الفضاء الديني، ومحاربة الجهاديين، وملاحقة المعارضين الآخرين، حيث أن جماعة الإخوان المسلمين تعرضت للملاحقة الشديدة، عندما وصل السيسي إلى السلطة، ووضع عددا من عناصرها في السجون، لافتة إلى أن عددا من المعلقين يرون أن الهجوم على الأزهر هو جزء من توجهات النظام تشديد السيطرة، حيث مرر مجلس الشعب المصري قانونا يقيد المجتمع المدني، وصادق على قرار في فترة قريبة يعطي الرئيس الحق في تعيين قضاة المحاكم العليا.
وتذكر الصحيفة أن النائب محمد أبو حامد، الذي يعد واحدا من تحالف مؤيد للنظام، اقترح مشروع قرار يطالب فيه بالحد من استقلال الأزهر، ويعطي الرئيس الحق بإعفاء شيخ الأزهر من منصبه، مع أن منصبه محمي بموجب الدستور.
وينقل التقرير عن أبو حامد، قوله: "طلبت الدولة منهم (الشيوخ) تحسين الخطاب الديني، لكنهم تخلوا عن دورهم لعدم وجود إلزام، وهذا القانون يجعل هذا الأمر واجبا"، وقال رئيس مجلس الشعب إن مقترح أبو حامد لن تتم مناقشته، ويرى الأزهر أن الهجمات الشرسة على الشيوخ، هي محاولات سياسية للتدخل في المؤسسة الدينية، التي تدير جامعة وآلاف المدارس.
وتفيد الكاتبة بأن الشيوخ وقفوا ضد الحكومة التي حاولت توحيد خطبة الجمعة وفرضها، حيث تقوم وزارة الأوقاف بتحضيرها، ورفض مجلس للعلماء، يقوده الشيخ الطيب، طلب السيسي حول الطلاق الشفوي، الذي دعا الرئيس لأن يكون أمام المحكمة وليس شفويا.
وتنوه الصحيفة إلى أن مظاهر إحباط الرئيس من الأزهر شجعت نقاده، الذين يتهمونه بتدريس النصوص الدينية التي تبرر للجهاديين، وتدعو إلى التعصب ضد المسيحيين، ففي الفترة الماضية أثار سالم عبد الجليل، وهو أحد الشيوخ الذين تخرجوا من الأزهر، جدلا عندما تحدث عن المسيحية بصفتها دينا "فاسدا"، مستدركة بأن الأزهر وشيوخه رفضوا الاتهام بأنهم يثيرون التطرف، وقالوا إنهم يدرسون الطلاب للتفريق بين الأفكار التي تصلح للعصر الحديث وتلك التي لا تصلح، وأبعد عدد من شيوخ الأزهر أنفسهم عن تصريحات عبد الجليل.
وبحسب التقرير، فإن الباحث في الأزهر وبرنستون في مجال الدراسات الإسلامية طارق الجوهري، يرى أن إضعاف الأزهر يهدد بالتأثير في محاربة الإرهاب والمتشددين في مصر؛ لأن شيوخ الأزهر هم الذين يملكون الأدوات العقدية لإقناع الجهاديين بنبذ العنف، وقال: "من الخطأ تحميل المسؤولية عن أمن المصريين على الأزهريين، فهذا ليس مهمتهم".
وتبين صالح أن عددا من المحللين يعتقدون أن
الإصلاح الديني لن يتحقق في ظل غياب الحريات السياسية وغيرها من الحريات، لكنهم يقولون إن الدولة قد تقوم باتخاذ خطوات قصيرة المدى من أجل معالجة التشدد والتمييز ضد المسيحيين، وتضم هذه الخطوات تحسين ملف حقوق الإنسان، وتعزيز النظام القضائي، وفتح المجال أمام حرية التعبير، وتدريس التسامح في المدارس، ومعاقبة الذين يقومون بالتمييز ضد الأقليات العرقية في المدارس.
وتورد الصحيفة نقلا عن الباحث في المبادرة المصرية للحريات الشخصية عمرو عزت، قوله: "لو لم يقبل الأزهر بمفهوم التنوع في الآراء فإنه يجب على الدولة والقضاء دعم حرية التعبير"، ويستدرك قائلا: "في الحقيقة لم تقم الحكومة بمواجهة التمييز ضد المسيحيين، واتخاذ إجراءات متشددة لمنعه، وفي الوقت ذاته لم تقم بمعاقبة مرتكبي العنف الطائفي".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول عزت إنه "حتى الآن، فإن الحديث عن الإصلاح الديني يظل مجرد (شعارات كبيرة ومطالب غامضة)".