شدَّد عدد من المنتسبين إلى التيار الليبرالي (العلماني) في
مصر، من حملتهم على التيار السلفي، شريكهم السابق في صنع الانقلاب، وطالبوا رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي بإقصائه من الحكم، وفق تعبيرهم.
وتزامنت الحملة مع هجوم شنَّه الإعلامي المصري الساخر المقيم بالولايات المتحدة،
باسم يوسف، على أبرز رموز التيار السلفي بمصر، موجها إليهم سيلا من النعوت والشتائم.
جاء ذلك وسط مطالبات عدة للسيسي بحل حزب "النور" المنبثق عن الدعوة السلفية، وفي ظل انضمام عدد من الكتاب الموالين للسيسي إلى تلك الحملة، في إطار ما يُسمى بـ "الحرب على الإرهاب والتطرف".
وتأتي تلك الحملة على إثر حادثة
المنيا التي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنها، وتعرضت فيها حافلتان متوجهتان إلى أحد الأديرة بمحافظة المنيا التي تُلقب بـ "عروس الصعيد" إلى هجوم مسلحين، مما أسفر عن مقتل ثلاثين مسيحيا، وإصابة 12 آخرين.
وتزعمت قيادات كنسية الحملة على
السلفيين. وقال المتحدث باسم الكنيسة الإنجيلية، القس إكرام لمعي، في حوار مع فضائية "LTC" مساء السبت، إن "ترك شيوخ السلفيين يتكلمون ضد المسيحيين (ياسر برهامي وأمثاله).. هذا تقصير من الدولة ناحية الأقباط، وتقصير من الأزهر ناحيتهم"، وفق وصفه.
بيان لـ 92 حزبا ومنظمة وشخصية عامة
وأصدر 92 من الأحزاب والمنظمات والشخصيات العامة في مصر، بيانا، السبت، أدانوا فيه العملية، وحمّلوا نظام حكم السيسي مسؤولية التقصير في تأمين حياة المواطنين، وطالبوه بإقالة وزير الداخلية، وبإقصاء السلفيين من الحكم.
وقال البيان: "ما زال حملة الفكر السلفي شركاء في الحكم، يروجون لفكرهم عبر منابر الإعلام والتعليم".
ودعا إلى "إقالة وزير الداخلية، وتطوير كتب التراث التي تُدرس بالكليات الشرعية بالأزهر، وتنقيتها من كل ما يشيع ثقافة العنف والتمييز، وتعديل قانون الأزهر الصادر سنة 1961 بما يعود به إلى سيرته الأولى كمؤسسة دينية إسلامية تعمل على تشجيع الاجتهاد، وإلحاق معاهده بالتعليم المدني التابع لوزارة التربية والتعليم، وإلحاق كلياته المدنية بالجامعات المصرية التى ينظمها قانون الجامعات".
كما دعا إلى "التصدي للمتطرفين داخل وزارة التربية والتعليم، ومنعهم من العملية التعليمية، وتطهير المناهج من أفكار التعصب والتمييز"، مشددا على أهمية "وضع قانون مكافحة التمييز والعنصرية ونشر الكراهية، ومعاقبة من يستخدم الدين للتحريض على ذلك".
"حل "النور" مطلب لا يقبل التنازل"
وبجانب المطالب السابقة، عادت مرة أخرى المطالب بحل حزب "النور" المنبثق من "الدعوة السلفية"، باعتباره "مطلبا لا يمكن التنازل عنه في مواجهة الإرهاب".
وقال رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع اليساري، رفعت السعيد، في تصريح لصحيفة "اليوم السابع"، إن حل حزب النور مطلب لا يمكن التنازل عنه مطلقا، خاصة في ظل ما تواجهه مصر حاليا من حرب شرسة ضد الإرهاب.
باسم يوسف يعمِّم ويشتم
وبشكل مفاجئ شن باسم يوسف هجوما كاسحا على رموز التيار السلفي في مصر، عبر تدوينتين نشرهما بحسابه الخاص على موقع "فيسبوك"، يومي السبت والأحد.
وكتب يوسف في التدوينة الأولى، السبت: "يلعن أبو الحويني وحسان ووجدي غنيم وشومان وشيوخ الولاء والبراء، و"ايه يعني لما نقول عليهم كفار"، وشيوخ الوسطية الملزقين اللي زرعوا الكراهية في نفوس الناس لحد لما بقينا نشوف على "التايم لاين" ناس بتفرح في قتل أطفال، وتعتبره انتقام وتخليص حق.. ما هم كفار طبعا بس انت كواحد وسطي كيوت يا دوبك تقف ع الولاء والبراء، والتاني حيستحل دمهم (مش كفار؟) أو توقف بناء كنائسهم (مش بيوت كفر برضه؟)".
وواصل باسم لعناته: "يلعن أبو المناهج اللي خلت ناس تبص على المسيحيين على أنهم مواطنين درجة تانية أو تحت وصايتنا وكأنهم عيال مسؤولين مننا.. يلعن أبو شيوخ الوهابية وفكر سيد قطب وفكر ابن تيمية وفكر ابن القيم، وأي حد عايش في إنكار أن ده مالوش دعوة أو بيحور في الموضوع، ويقول لك: "طب مش تتكلم عن المسلمين في بورما؟".
بعدها بساعات، صبيحة الأحد، نشر باسم تدوينة ثانية قال فيها: "أنا سعيد جدا بالبوست الأخير اللي أنا كتبته لأنه طلع أوساخ ودواعش من البلاعات.. الغريبة أن الواحد ما شتمش في دين، ولا قرآن.. أنا لعنت فكر شيوخ بشر معمولهم كهنوت. وده كان كافي أن المسلمين الغيورين على دينهم يشتموا زي الحوارتجية "،غيرة على الدين".
وخاطب باسم يوسف هؤلاء الأخيرين بقوله: "أنتم أوسخ دعاية لأي دين أو عقيدة.. وأنا مبسوط أن كل شوية ناس زي دي تطلع، والواحد ينضف صفحته منهم، ومنهم نشطاء إسلاميون كانوا بيجروا عليَّ عشان ياخذوا صور معايا، وأيّام "أيد واحدة"، و"اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا"، وبعدين بقوا إرهابيين بامتياز.. تعالوا ياللا: وروا سماحة الدين، وأنه دين سلام بأنكم تشتموا زي الصُيع".
وحيد حامد: "التيار السلفي ممول"
وانضم وحيد حامد، إلى الحملة على السلفيين. وقال: "اهتمام الدولة بالحرب على الإخوان وترك السلفيين يتوسعون بهذا الشكل الذي هم عليه الآن، هو أشبه بالمثل الشعبي الذي يقول: "خدنا بالنا من الحية، لكن معملناش حساب العقربة"، وهذا أثره سيكون بالغ الخطورة، لأن السلفيين سيكونون سببا في اندلاع حرب أهليه بمصر بتقسيمهم المجتمع المصري لكافر وآخر مؤمن"، حسبما قال.
وأضاف، في حوار مع صحيفة "الشروق": "هم يظهرون غير ما يبطنون، وما بداخلهم أنهم يريدون إقامة دولة سلفية، كأنها جزء من السعودية"، مستدركا: "التيار السلفي ممول بالكامل من السعودية وقطر، والجميع يعرف لكن لا أحد يتكلم".
ناعوت: "هؤلاء جنود داعش بمصر"
وملمحة إلى السلفيين قالت الكاتبة الليبرالية فاطمة ناعوت عبر "فيسبوك": "لو اتفقنا على ما قاله السيسي حول استراتيجية داعش.. أليس معنى هذا أن (كل) و(أي) إنسان مصري يقول كلمة مسيئة عن المسيحيين، هو بالضرورة جندي من جنود داعش لأنه يسهم في تنفيذ استراتيجيتها؟".
جهاد عودة: "فتشوا عن السلفيين"
في السياق نفسه، علق جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية، على حادث المنيا قائلا: "ابتسم أنت في دولة المنيا الداعشية".
وبعد أن ذكر عددا من الانتهاكات التي تعرض لها مسيحيون، قال في تدوينه له عبر "فيسبوك": "السباب والشتائم علنية وبمكبرات الصوت علي النصارى واليهود الكفار المشركين في الزوايا والمساجد التي يسيطر عليه السلفيون، والجميع يرددون وراءهم: "آمين".
وتابع: "بعد ده كله بنندهش ونشجب وندين وندد ببلاهة شديدة كأننا من كوكب تاني".
الدعوة السلفية والنور يستنكران
وكانت الدعوة السلفية استنكرت حادث المنيا في بيان أصدرته، مناشدة الجميع، "التخفيف من آثار هذه الجريمة على أهالي الضحايا والمصابين، وتوفير سبل الرعاية لهم"، واصفة دماءهم بأنها معصومة.
كما استنكر رئيس حزب النور، يونس مخيون، الحادثة في بيان أصدره، قائلا إن هذا العمل الإجرامي لا يمكن أن يقوم به إنسان لديه ذرة من انتماء لدين أو وطن.