أعلن محافظ
البنك المركزي المصري، طارق عامر، أن مليار دولار تدفقات استثمارية أجنبية دخلت مصر خلال 48 ساعة بعد قرار رفع سعر الفائدة الأسبوع الماضي.
وساهم قرار البنك المركزي، الأسبوع الماضي، برفع سعر الفائدة، ومن قبله قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، الذي نتج عنه فقدان الجنيه لنصف قيمته، في تزايد إقبال الأجانب على الاستثمار في السندات وأذون الخزانة الحكومية، بشكل غير مسبوق، للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة.
وقال عامر، في تصريحات صحفية له مساء اليوم، إن هذه أرقام قياسية لم تحدث في تاريخ مصر على الإطلاق، وتعكس نجاح وصحة السياسة النقدية التقدمية التي اتبعها البنك المركزي المصري من منظور السوق الدولية والمحلية، -بحسب تعبيره-.
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن المركزي في إبريل الماضي، وصول
الديون العامة لمصر إلى 4.2 تريليونات جنيه، وقفز الدين الخارجي بنسبة 40.8% على أساس سنوي في النصف الأول من السنة المالية الحالية 2016 /2017، مسجلا 67.3 مليار دولار، بينما قفز الدين الداخلي بنسبة 28.9% إلى 3.052 تريليونات جنيه.
وقرر البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس (نحو 2%) على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 16.75% و17.75% على التوالي، بهدف الحد من ارتفاع معدلات التضخم التي سجلت مستويات قياسية جديدة، لتصل إلى 32.9% على أساس سنوي بنهاية أبريل الماضي.
اقرأ أيضا: بعد صدمة رفع سعر الفائدة.. هذه طريقة إدارة الاقتصاد المصري
وقال رئيس قطاع الدين العام بوزارة المالية المصرية، سامي خلاف، في تصريحات سابقة، إن
الاستثمارات الأجنبية في
الأوراق المالية الحكومية في مصر ارتفعت إلى 103.6 مليار جنيه مصري (5.74 مليار دولار)، وذلك منذ تحرير سعر الصرف في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر وحتى التاسع من أيار/ مايو.
وأظهرت وثائق نشرها صندوق النقد الدولي مطلع العام الجاري، أنه من المتوقع أن ترتفع ديون مصر الخارجية إلى 102.4 مليار دولار، بعد الانتهاء من برنامج “الإصلاح الاقتصادي” المتفق بشأنه مع الحكومة المصرية، العام الماضي، البالغة مدته 3 سنوات، لتصل إلى أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021/2020.
وحذر خبراء اقتصاد من خطورة تزايد استثمارات الأجانب في الأوراق المالية الحكومية، لما تحمله هذه الاستثمارات من مخاطر تقلبات سريعة، لا يستطيع الاقتصاد المصري تحملها.
وقال الباحث الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، إن مصر لها تجربة سلبية قبل ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، سعت فيها إدارة البنك المركزي برئاسة فاروق العقدة لجلب نحو 8 مليارات دولار للاستثمار في أذون وسندات الخزانة، وأتت تلك الاستثمارات من أجل العائد المرتفع على أدوات الدين المصري في ذلك الوقت ومقارنتها بما هو موجود في السوق العالمية.
اقرأ أيضا: الأسعار تغتال فرحة المصريين في أول رمضان بعد "تعويم الجنيه"
وتابع: "ومع حلول ثورة يناير، هرعت تلك الاستثمارات للخروج من السوق المصرية، وقد ضمنت لها السياسة النقدية للبنك المركزي خروجا آمنا في ظل ثبات سعر الصرف".
وأضاف الصاوي، "حسب بيانات النشرة الإحصائية للبنك المركزي المصري في أغسطس/ آب 2011، فقد بلغت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة 64.7 مليار جنيه مصري في سبتمبر/ أيلول 2010، وتراجعت في يونيو/ حزيران 2011 إلى 24.5 مليار جنيه، ما يشير إلى خروج نحو 40.2 مليار جنيه في 10 أشهر."
وأكد أن خروج الأجانب من الاستثمار بأذون الخزانة لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن نشرة البنك المركزي نفسها تُبين في مارس/ آذار 2012 أن استثمارات الأجانب بلغت حدها الأدنى في يناير/ كانون الثاني من ذلك العام، لتصل إلى 3.8 مليارات جنيه، لافتا إلى أن ذلك كان له أثره البالغ على استنزاف احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي، وكذلك رصيد العملات الأجنبية بباقي البنوك المصرية.
وأوضح الصاوي، أن استثمارات الأجانب في مصر وفي غيرها من أدوات الدين العام، ليست أكثر من مقامرة، ولا تعد استثمارا، وإن اصطلح على تسميتها بالاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في الأدبيات الاقتصادية، فهذه الاستثمارات تبحث عن الربح فقط، ولا تعنيها تنمية أو ظروف اقتصادية أو اجتماعية متدهورة في البلدان التي توجد فيها.
اقرأ أيضا: اليوم.. ثاني طرح لسندات محلية في أسبوع رفع الفائدة بمصر
وأشار إلى أن العبرة تظل بتوظيف هذه الديون، والعائد من توظيفها، فإن تم استغلالها واستثمارها في مشروعات استثمارية إنتاجية، ويكون عائدها أعلى من تكلفة الاقتراض، فنحن أمام جدارة مالية واقتصادية كفء، أما إذا استمر مسلسل استغلال وتوظيف هذه الديون في سد عجز الموازنة، وتمويل استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية، فنحن أمام كارثة ستدفع ثمنها الأجيال القادمة، فضلا عن شدة ضائقة الأزمة الاقتصادية على الأجيال الحالية.