كتاب عربي 21

في مواجهة الهجمة الدولية والاقليمية: الاسلاميون بين الجمع والطرح

1300x600
منذ الزيارة التاريخية للرئيس الاميركي دونالد ترامب الى السعودية والحملة الدولية والاقليمية على القوى والحركات الاسلامية تزداد وتتفاعل، فالرئيس الاميركي لم يفرّق بين القوى والحركات المقاومة ووصفها كلها بالارهاب الى جانب داعش والتنظيمات المتطرفة، ومن ثم تواصلت الحملة من قبل دول عربية ضد بقية القوى الاسلامية ومن يدعمها او يحتضنها ولم يتم التمييز بين الحركات الاسلامية.

وانتشرت في الايام القليلة الماضية تقارير اخبارية وسيناريوهات متنوعة عن الحملة التي قد تتعرض لها القوى الاسلامية او قوى المقاومة في فلسطين ولبنان في المرحلة المقبلة، ومن هذه السيناريوهات: حرب اسرائيلية على قطاع غزة للقضاء على حركة حماس، وحرب على لبنان للقضاء على حزب الله، استهداف لدول تدعم او تحتضن قوى وحركات اسلامية ، قوانين اميركية لوضع حركات اسلامية على لوائح الارهاب وتجريم كل من يدعمها او يقدم لها المساعدة،اعادة تغيير خريطة الاوضاع في دول عربية لزيادة الدور الاميركي والسيطرة على بعض المناطق بهدف تحجيم قوى وحركات اسلامية او قطع طرق الامداد عنها، الى غير ذلك من السيناريوهات والتقارير التي تتضمن اما معلومات او توقعات خطيرة والقاسم المشترك بينها استهداف وضرب القوى والحركات الاسلامية على اختلاف توجهاتها وتنوعاتها الفكرية والسياسية والمذهبية.

ومع ان القوى الاسلامية لا تلتقي اليوم على رؤية موحدة تجاه العديد من الملفات والاحداث ،ولا سيما حول ما يجري في سوريا والعراق والبحرين واليمن وليبيا، وهناك نقاط خلافية فكرية او سياسية بين هذه القوى في كيفية مواجهة التحديات المختلفة الخارجية، فانه لا يزال هناك بعض القواسم المشتركة ومنها اولوية مواجهة العدو الصهيوني ودعم خيار المقاومة ، وثانيا الفصل بين القوى المتطرفة والارهابية وبين القوى والحركات الاسلامية التي تحمل رؤى سياسية ايجابية، وثالثا رفض تحويل المنطقة العربية والاسلامية الى ساحة للقوى الدولية، ورابعا مواجهة الفتن المذهبية والطائفية.

والملفت في هذه المرحلة: ان الادارة الاميركية الحالية ولا سيما الرئيس الاميركي دونالد ترامب وفريق عمله لا يميز ابدا بين القوى والحركات الاسلامية ويضعها جميعا في سلة واحدة وهو يعمل من اجل محاصرة هذه القوى وتجفيف مصادر الدعم والتمويل لها ، وتلاقي الادارة الاميركية في هذا التوجه بعض الدول العربية والتي تشن حاليا حملة قاسية ضد كل القوى والحركات الاسلامية بدون أي تمييز بينها.
وعلى ضوء هذه المعطيات والمتغيرات الحاصلة اقليميا ودوليا، فان السؤال الذي يطرح نفسه : كيف ستواجه هذه الحركات والقوى الاسلامية الحملة المتصاعدة عليها؟ وهل ستظل تتعاطى مع هذه المتغيرات بشكل جزئي ومن خلال التركيز على نقاط الخلاف فيما بينها ؟ او انها يمكن ان تبحث عن نقاط التلاقي والتوافق كي تبني عليها ومن ثم معالجة المشكلات الاخرى؟.

لا يمكن لأي مطلع على قوى الحركات والقوى الاسلامية ان يتجاهل حجم التباينات فيما بينها ، وكذلك حجم الخلافات التي حصلت طيلة السنوات الست الماضية ولا سيما تجاه ما يجري في سوريا والعراق واليمن والبحرين وليبيا، وكذلك بشأن الموقف من بعض الدول الاقليمية ولا سيما ايران وتركيا، لكن في المقابل فان من يراقب المتغيرات الحاصلة اليوم في المنطقة يدرك انه يتم التحضير حاليا لمعركة قاسية ضد كل هذه الحركات ولكل من يدعمها ، وان الصراع سيكون صراع وجود دون تمييز بين هذه الحركات وادوارها ومواقفها.

وباختصار فان القوى المعادية للحركات الاسلامية تتعاطى معها من خلال جمعها في سلة واحدة دون تمييز، في حين ان بعض هذه الحركات او من ينتسب اليها يتعاطى مع الاوضاع من خلال الانقسام والتقسيم او سياسة ما يمكن تسميتها: سياسة الطرح، اي انقاص نقاط القوى واستفرادها بدل جمعها.

كل المعطيات والمؤشرات تؤكد ان الايام المقبلة ستحمل المزيد من الحروب المباشرة او غير المباشرة على القوى والحركات الاسلامية، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سترد هذه الحركات على هذه الحروب بسياسة الجمع او الطرح؟
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع