تسجيل الأقباط بطريقة "رابعة".. وقساوسة يرفضون قصف ليبيا

شكَّك عدد من القساوسة في مصر في الأهداف الحقيقية للغارات الجوية التي أمر بشنها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي على مدينة "درنة" الليبية، طيلة الأيام الماضية، ردا على مقتل نحو 30 مسيحيا في هجوم بمحافظة المنيا، الجمعة، مشيرين إلى أن هذه الغارات لن تحمي المسيحيين في مصر.

يأتي هذا في وقت شكا فيه ذوو ضحايا الهجوم من تزوير شهادات وفاة أقاربهم، وعدم تسجيل أن سبب الوفاة طلق ناري.

وكان أهالي ضحايا الفض الدموي لاعتصامي "رابعة والنهضة"، في آب/ أغسطس 2014، قد تعرضوا لضغوط من قِبل سلطات الانقلاب؛ كي يوقعوا على إقرارات تقول إن ذويهم ماتوا منتحرين، وليس نتيجة طلق ناري، كسبب للوفاة، وإلا فلن يتسلموا جثث ذويهم.

تزوير شهادات وفاة "المنيا"

والأمر هكذا، فجَّرت صحيفة "وطني"، المقربة من الكنيسة الأرثوذكسية القبطية، الأربعاء، مفاجأة إذ كشفت عن تزوير شهادات وفاة من اعتبرتهم "شهداء الدير".

وقالت الصحيفة إن الموظفين والأطباء بمستشفى العدوة بمحافظة المنيا قد تجردوا من ضميرهم المهني والإنساني، ليشاركوا في مذبحة دير الأنبا صموئيل؛ بعد إصدارهم شهادات وفاة على غير الحقيقة، تثبت أن الوفاة ناتجة عن صدمة عصبية، وأخرى هبوط في الدورة الدموية.

ونقلت الصحيفة عن ميخائيل أيوب، سكرتير أسقف مغاغة والعدوة، الأنبا غاثون، قوله إن هذا ما دفع الأخير لتفجير طاقة غضبه ضد المستشفى، معتبرا ما حدث جريمة، متسائلا: "كيف لشهداء اخترق الرصاص أجسادهم ببشاعة، ثم يُكتب إن سبب الوفاة "صدمة"؟، بحسب تساؤله.

والأمر هكذا، رفض الأنبا غاثون تسلم شهادات الوفاة، فيما ثار غضب وسخرية وهجوم من قبل الأقباط؛ لاعتبارهم ذلك تضليلا الحقيقة، في وقت كان أقباط دير الجرنوس نفسه، قد عبَّروا عن غضبهم من مديرة الصحة بالمنيا، وسوء المعاملة بمستشفيات العدوة ومطاي، مع المصابين، والجثامين، وإلقائها على الأرض.

وكشف الكاتب الصحفي نادر شكري النقاب عن أن هذا الغضب قد دفع وزارة الصحة في النهاية إلى تعديل الشهادات إلى الوضع الصحيح بأن الوفاة ناتجة عن إطلاق مقذوف ناري، وأنه تقرر تحويل من ارتكبوا التزوير بالمستشفى للتحقيق.

مفاجأة مكاريوس حول ليبيا

وغير بعيد شكَّك عدد من القساوسة والناشطين المسيحيين في أهداف رئيس الانقلاب من قصف أهداف في ليبيا عقب حادثة المنيا.

وفي مداخلة هاتفية لبرنامج "هنا العاصمة"، عبر فضائية "سي بي سي"، مع الإعلامية لميس الحديدي، تساءل أسقف المنيا وأبو قرقاص، الأنبا مكاريوس: "هل الأوكار الإرهابية التي ضربها الجيش المصري في ليبيا كانت مرصودة من سابق أو خلال ساعتين فقط؟".

فردت عليه  الحديدي: "لا.. الأوكار دي معروفة ومرصودة بشكل عسكري، وتم ضربها وفقا لمعلومات عسكرية محددة".

فرد عليها قائلا: "بعد وقوع الكارثة؟.. أنا بصراحة لا أستطيع أن أقتنع بذلك"، مشيرا إلى أنه يجب أن تكون هناك خطوات استباقية لمنع حدوث الأعمال الإرهابية.

وكان الأنبا مكاريوس وجه رسالة إلى ذوي الضحايا قال فيها: "علينا أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي في العمل والأسرة والخدمة، ولا نكرس كل الوقت والفكر في انتظار حادث جديد قد نُقتل فيه".


"الغارات تخدم سياسة النظام لا حماية للأقباط"

ومتفقا مع الأنبا مكاريوس، استنكر الكاهن بمطرانية الفيوم، القمص يعقوب عشم الله، الإجراءات الحكومية التي أعقبت هجوم المنيا، متهما الدولة (نظام حكم السيسي) بأنه استغلَّ حوادث الأقباط لاتخاذ إجراءات تخدم سياسة النظام، وليس حماية الأقباط.

وكتب القمص، عبر صفحتيه بموقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر": "الأقباط اتفجروا في طنطا وإسكندرية.. الدولة أعلنت حالة الطوارئ، وكسبت مزيدا من البطش والسلطة المفرطة.. الأقباط اتقتلوا في المنيا.. الدولة ضربت ليبيا، ووقفت جنب حليفها الرئيسي في ليبيا خليفة حفتر".

وتابع: "الأقباط خدوا إيه غير مصمصة الشفايف من البعض، والشماتة من البعض، والتعاطف من البعض.. شوفوا إيه المكسب اللي جاي علشان الضرب مش هيقف"، بحسب تعبيره.

وتابع، في تدوينة أخرى: "سبحان الله.. إحنا بنستنجد بفخامة الرئيس ترامب يساعدنا في الحرب على داعش اللي إحنا برضوا بنقول إنها صناعة أمريكية".

"رسالة إلى سيادة فخامة الرئيس"

ومن "فخامة الرئيس ترامب" إلى "فخامة الرئيس السيسي"، كتب حبيب عبد النور، تحت العنوان السابق، عبر صحيفة "وطني" معربا عن صدمته من أنه اختار السيسي رئيسا، باعتبار أنه "دا الأسد اللي ها يرعب الغابة كلها، وهيوقف الإرهاب، ويدمر معاقل الإخوان والتطرف"، وفجأة زادت الطينة بلة"، على حد قوله.

وأشار "عبد النور" إلى أن المهاجمين في المنيا: "مصريين ولابسين ملابس داعش وراكبين عربيات معروفة وسلاح كتير معاهم.. يعني كده خطر.. يعني دول عايشين وسطنا، خلعوا ملابس داعش، وممكن بكرة ينفذوا عملية تانية، وتالتة"، بحسب وصفه.

ووجه حديثه للسيسي قائلا: "يا ريس.. أنا النهارة بأنادي بصوت عال.. حقنا ياريس.. دمنا ياريس".

البشموري: "نحن أمام عمل مخابراتي"

وكأنه يرد على "عبد النور"، معبرا عن غضب أقباط الخارج، قال المتحدث الإعلامي للهيئة القبطية السويدية مايكل عزيز البشموري، عبر صحيفة "الأهرام الجديد الكندي": "جميع المؤشرات تقول إننا أمام عمليات إرهابية نوعية خطيرة، والشعب القبطي بات تحت مرمى "نيران الإسلاميين والأجهزة المخابراتية"، سواء كانت بالخارج أم بالداخل، ودماء الأقباط باتت بالنسبة لتلك الأجهزة الورقة الرابحة لتصفية حساباتها مع نظام السيسي وشركائه"، حسبما قال.

وأضاف: "مذبحة المنيا كانت عملا مخابراتيا وليس إرهابيا، وهناك دلائل قطعية تؤكد صحة هذا الادعاء، وأبرزها تحذير وزارة الخارجية الأمريكية لمواطنيها المتواجدين في مصر بوقوع عمل إرهابي مرتقب على الأراضي المصرية، عشية الأربعاء، أي قبل وقوع العملية الإرهابية على الأقباط بثمان وأربعين ساعة فقط.

وأوضح البشموري: "لقد اختار الأقباط الدولة الدينية عندما منحوا الشرعية السياسية لقادة الكنيسة المصرية، الذين تناسوا بدورهم صفتهم الدينية والرعوية، فتحالفوا مع السلطة الزمنية، واختاروا مسيحا آخر غير مسيحهم، فنبذ قادة الكنيسة مصطلح الدولة المدنية بمحض إرادتهم لتحقيق أهداف دينية وأيدلوجية بعينها، وها هي النتيجة: لم ينعم شعبهم: لا بالأمن، ولا بالسلام، ولا بالاستقرار".

وخلص إلى القول: "على المجمع المقدس لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية وعلى رأسهم البابا تواضروس الثاني.. تحمل المسؤولية كاملة فيما يتعرض له شعبهم الأعزل من مذابح دموية لتدخلهم في اللعبة السياسية بشكل مباشر".