في محاولة منها لطمس الأدلة على بعض انتهاكاتها التي قد تدينها، تعمل
إيران على انتهاك حرمة المقبرة الجماعية في
الأهواز بالجنوب، والتي تضم رفات ما لا يقل عن 44 شخصا أعدموا خارج نطاق القضاء عام 1988.
وأوضحت منظمة العفو الدولية ومنظمة "عدالت براي إيران" (العدالة من أجل إيران)، أن ذلك يعتبر إتلاف أدلة مهمة للطب الشرعي والقضاء على فرص تحقيق العدالة للسجناء الذين تعرضوا للقتل الجماعي في أنحاء البلاد.
وتظهر الأدلة المصورة والمرئية، التي حصلت عليها منظمة "العدالة من أجل إيران" غير الحكومية، أن جرافات تعمل في مشروع بناء بالجانب المحاذي تماما لموقع المقبرة الجماعية في الأهواز، وإحاطة أكوام القمامة، وبقايا أعمال البناء بالمقبرة.
ولم تصدر السلطات الإيرانية أي إعلانات رسمية بشأن الأهواز، وأفاد أحد عمال البناء بأن غاية الخطة في نهاية المطاف هي إزالة الحاجز الخرساني الذي يحدد موقع المقبرة والبناء فوق أرض المنطقة، حسبما علمت عائلات الضحايا.
وقد بدأت عمليات الإعدام الجماعية خارج نطاق القانون للسجناء السياسيين، المعروفة باسم "مذابح السجون"، بعد فتره وجيزة من هجوم مسلح فاشل قامت به منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية في تموز/ يوليو عام 1988، ومقرها العراق.
واعتقلت السلطات الإيرانية سجناء سياسيين من كل أرجاء البلاد، وأفادت تقارير أقارب السجناء، بأنهم كانوا يعدمون في مجموعات ويدفنون في مقابر غير محددة أو جماعية.
اقرأ أيضا : داعية سني إيراني: الإعدامات قد تلهب الطائفية بالخليج
وتظهر المقبرة الجماعية في الأهواز بشكل كتلة خرسانية أفقية طويلة، حيث قامت السلطات بصب الأسمنت فوق القبور لمنع الأسر من حفرها واستعادة رفاة أبنائها. وتعمل السلطات على إزالة الهيكل الخرساني تماما لبناء مشروع تجاري، بحسب ما قال أحد العمال.
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ماجدالينا مغربي: "يبدو أن السلطات الإيرانية، بمحاولتها تدمير المقبرة الجماعية في الأهواز، إنما تقوم بجهد خبيث ومتعمّد بغية إتلاف الأدلة المهمة على جرائمها السابقة، وحرمان ذوي ضحايا القتل الجماعي من السجناء، من حقهم في معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، والحصول على التعويض. إن هذا اعتداء صادم على العدالة يجب وقفه على الفور".
وتقع مقبرة الأهواز الجماعية على قطعة من الأرض على مسافة 3 كلم إلى الشرق من مقبرة بهشت أباد، حيث اعتقل السجناء واختفوا قسرا قبل أن يُقتلوا سرّا،
وعلقت المديرة التنفيذية لمنظمة "العدالة من أجل إيران"، شادى صدر، بالقول: "طيلة سنوات، دأبت السلطات على التسبب بمعاناة لا تُحتمل لعائلات ضحايا عمليات الإعدام خارج نطاق القانون، وأجبرتهم على المشي خلال أكوام من القاذورات لزيارة موتاهم، وهاهم الآن يخططون لتدمير مكان دفنهم سعيا لمحو ذكراهم من التاريخ".
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، فقد ضاعفت السلطات المعاملة المهينة التي انتهجتها مع رفات الضحايا وعائلاتهم وحظرت على العائلات عقد تجمعات تذكارية أو تزيين مواقع القبور الجماعية برسائل تذكارية.
وأضافت ماجدالينا مغربي: "بدلاً من محاولة محو ذكرى الذين قتلوا وإعاقة تحقيق العدالة، فإنه يجب على السلطات الإيرانية أن تضمن المحافظة على مواقع المقبرة الجماعية لعمليات القتل الجماعي التي وقعت عام 1988 وحمايتها، إلى أن يتم إجراء تحقيقات لائقة ومستقلة. إن من حق العائلات معرفة ما حدث لأحبائها ودفنهم بكرامة".
وقضى أغلبية الضحايا بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم بتوزيع الصحف والمنشورات، والمشاركة في المظاهرات السلمية المعارضة للحكومة، والانتماء لجماعات سياسية معارضة.
ولم يجر التحقيق مع أيٍّ من المسؤولين الإيرانيين وتقديمهم إلى العدالة بشأن عمليات الإعدام خارج نطاق القانون، ولا يزال بعض الجناة المفترضين في مناصب سياسية أو غيرها من المراكز المؤثرة، بما في ذلك في السلطة القضائية.