نشرت صحيفة "هافنغتون بوست" الأمريكية جزءا جديدا من المراسلات المسربة من بريد سفير
الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة، كشف انتقاده لتوقعات فوز دونالد ترامب ليلة الانتخابات الرئاسية، وسخريته منه في مراسلات أخرى.
وأوردت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، أن العتيبة في مراسلاته الخاصة مع المستشار البارز في البيت الأبيض، جاريد كوشنر، العام الماضي، ومسؤولين موالين للرئيس السابق باراك أوباما، انتقد ترامب، وفق رسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها "هاف بوست".
وتكشف المراسلات أنه في الساعة 9:12 مساء ليلة الانتخابات، ازداد احتمال فوز ترامب بشكل كبير، وكتب حينها روب مالي، المسؤول الأول في الشرق الأوسط في البيت الأبيض في إدارة أوباما، إلى عتيبة ما يلي:
مالي: "لقد حصلت على مكان لي في أبو ظبي". في إشارة ساخرة إلى أنه غير راض عن النتيجة ويريد الهرب إلى عاصمة الإمارات بسبب اقتراب فوز ترامب.
ورد عتيبة: "هذا ليس مضحكا. كيف ولماذا يحدث هذا الأمر؟".. "على أي كوكب يمكن أن يكون رئيسا؟"، ليعبر عن صدمته من اقتراب ترامب من الفوز برئاسة الولايات المتحدة.
وأظهرت رسائل البريد الإلكتروني السابقة لهذه، أن السفير الإماراتي سعى على ما يبدو للحصول على مساعدة مالي في الحصول على معلومات عن نتائج الانتخابات قبل بثها بشكل علني.
وكتب عتيبة في الساعة 5:53 مساء: "هل يا رفاق تتلقون معلومات مهمة عن استطلاعات الرأي؟ (…) أم إن الجميع يرون كل شيء في الوقت ذاته؟".
ورد مالي: "لا ترغب بأن تعرف (النتيجة)!"، وجاء رده تمام الساعة 6:11 مساء.
وبدا عتيبة أكثر رفضا لترامب في محادثاته على بريده الإلكتروني في أكثر من مناسبة حتى قبل عام 2016، لا سيما في مراسلاته مع الصحفية الأمريكية جوديث ميلر.
وكتب السفير الإماراتي إلى ميلر في 9 أيار/ مايو 2016، وهي مراسلة سابقة في صحيفة "نيويورك تايمز":
"7 دقائق قضيتها بقراءة هذا، كان ما يعادل مشاهدة 7 دقائق من دونالد ترامب. هذه مضيعة لوقتي".
اقرأ أيضا: هافنغتون بوست تؤكد صحة رسائل تحريضية للسفير العتيبة
وتظهر رسائل البريد الإلكتروني لعتيبة انتقاده لترامب بما لم يفعله قبل الانتخابات لكسب الثقة العالمية، وأثار شكوكا حول قدرته على أن يكون رئيسا ووسيطا في التوترات الحالية بين شركاء أمريكا المهمين.
حملة لتشويه سمعة قطر
وكشف عتيبة الذي اعتبرته الصحيفة أحد أقوى الدبلوماسيين في واشنطن، في مراسلاته عن أزمة إقليمية تصعد في الخفاء، تركز على علاقة الولايات المتحدة بقطر التي تعتبرها شريكا مهما، تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة.
وأثارت دولة الإمارات العربية المتحدة وثلاث حكومات أخرى في الشرق الأوسط نزاعا صارخا مع دولة قطر ليل الأحد، عندما قطعت العلاقات الدبلوماسية، وأوقفت النقل إلى دولة الخليج بحجة دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، والمساعدة المزعومة للمسلحين المدعومين من إيران في المنطقة.
ولفتت الصحيفة إلى أن إدارة ترامب لم تتخذ موقفا رسميا بعد بشأن هذه المسألة.
وأشارت إلى أن إدارة ترامب تتفق مع الإمارات على ضرورة مكافحة الجهات التي تدعمها قطر في المنطقة، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين.
وتصف الإمارات الجماعة بأنها "منظمة إرهابية"، وقامت بممارسة ضغوطات على الولايات المتحدة لتفعل الأمر ذاته، وهو ما يقول باحثو مكافحة الإرهاب إنه سيكون مثيرا للجدل وأمرا يحمل مخاطر عدة.
وأظهرت رسائل البريد الإلكتروني المسربة لعتيبة، حملة استمرت عاما واحدا لتشويه سمعة قطر في الولايات المتحدة، وأن تسريب هذه الرسائل يهدد آمال الإمارات في كسب المباركة الأمريكية الرسمية لحملتها ضد القطريين.
وعلقت الصحيفة بالقول إن إدارة ترامب تبدو كأنها لا تختار أيا من جانبي الصراع. فقد أكد مسؤولون كبار مثل وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس على أهمية حل النزاع.
ووفقا للصحيفة، فإن رسائل البريد الإلكتروني تعكس هشاشة العلاقات بين ترامب وحلفاء أمريكا من العرب، الذين ظهروا كأكبر معجبيه في المجتمع الدولي.
اقرأ أيضا: من هو سفير الإمارات بواشنطن وما علاقته بصناع القرار؟ (صور)
ولفتت الصحيفة إلى أن تسريبات البريد الإلكتروني لعتيبة أظهرت مستوى العلاقة التي كانت تربطه بالبيت الأبيض وإدارة أوباما، ووصفتها بأنها جيدة، "على الرغم من ادعاءات السفير الإماراتي العلنية بأن الرئيس أوباما فشل في الشرق الأوسط.
وتشمل التسريبات أيضا مراسلات بين السفير الإماراتي ومستشارة الأمن القومي لأوباما سوزان رايس، وأظهرت انتقادا لنائب الرئيس جو بايدن جراء تعليقاته حول الدول التي تعد شريكة للولايات المتحدة مثل الإمارات والسعودية وتركيا.
وقالت الصحيفة إنه عندما أرسل عتيبة لرايس مذكرة حول خطاب بايدن في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، وانتقاده لها، أجابت رايس:
"لم أرها قبل أن تذكرها لي.. غير جيدة. سيصدر مكتب نائب الرئيس بيانا ويزيلها. شكرا".
وتحدث كل من رايس ومالي وعتيبة بصراحة عن قضايا تثير قلقهم. وكثيرا ما طلب السفير الإماراتي مساعدة رايس في إقامة اتصال بين رئيس الإمارات والرئيس باراك أوباما.
ومع تسارع قلق الكونغرس بشأن الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة في اليمن في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، أرسل كلاهما رسائل إلكترونية عن استراتيجية التحالف العربي هناك، بما في ذلك عملية السلام التي لم تؤتي ثمارها بعد.
وفي 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، كتب مالي إلى عتيبة يحذره من تنامي شكوك لدى القادة والمجتمعات الغربية حول المملكة العربية السعودية، وجهودها في اليمن.
وكتب له حول مناقشات مهمة تدور في اليمين الفرنسي وحزب الوسط، في انتخابات الرئاسة الفرنسية.
وحذر مالي السفير الإماراتي من مخاوف الفرنسيين من "الفكر الوهابي".
وتشير "التسمية الوهابية" إلى الطريقة التي يتحدث بها المعلقون الغربيون، خاصة في الولايات المتحدة، عن الضغط الشديد للإسلام الذي ترعاه الحكومة السعودية، بحسب الصحيفة.
وظل عتيبة ومالي على اتصال حتى آذار/ مارس 2017 على الأقل.
وطبقا للرسائل التي تم تبادلها بينهما، فيبدو أن الاثنين تناولا عشاء معا في 8 شباط/ فبراير.