بعد طول انتظار ناقش مجلس النواب
المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) تطورات الأحداث في
الحسيمة (شمال) بعد الحل الأمني الذي اعتمدته الحكومة، في مواجهة 7 أشهر من
الاحتجاجات لما يوصف على نطاق واسع بـ"
حراك الريف".
القانون والتنمية
لم يتردد وزير الداخلية المغربية عبد الوافي لفتيت في تحميل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بمناطق الريف وإقليم الحسيمة، إلى نشطاء حراك الريف.
وتساءل عبد الوافي لفتيت في الجلسة الأسبوعية لمجلس النواب، الثلاثاء، "أمام كل ما تقوم به الدولة نتساءل عن المغزى من إصرار البعض على الاحتجاج المتواصل، ومن له مصلحة في دفع باب الحوار إلى الباب المسدود؟ ومن المسؤول عن حالة الإحباط؟".
وزاد لفتيت متهما نشطاء الحراك بصناعة الأخبار الزائفة عبر تطبيقات "الرسائل الفورية"، وقال إن "اختيار الوقت لنشر تلك الأخبار يؤكد أن الأمر مدروس".
واعتبر اعتقال النشطاء يدخل في واجب الدولة بفرض سلطة القانون تحت رقابة القضاء، وعندما يلجأ البعض لخرق القانون فإن الدولة ملزمة بتطبيق القانون من منطلق صلاحيتها لتوفير ظروف مواتية لممارسة جميع الحقوق.
وشدد وزير الداخلية على أنه "لم يتم اعتقال أحد لمدة 7 أشهر إلا حينما تمت عرقلة حرية العبادة بدون مراعاة حرمة المكان المقدس، وسب الإمام".
وسجل أن "برنامج الحسيمة منارة المتوسط الذي ستنتهي به الأشغال في 2019، يستجيب لـ 90 % من المطالب المعبر عنها من طرف الساكنة، بل إنه يتجاوز الوثيقة المروجة في بداية الحراك".
وأوضح أن "الدولة واعية أن المجهودات التي تم بذلها تبقى غير كافية للاستجابة لحاجات الساكنة التي تعرف نموا مضطردا، مما جعلها تراهن على جعل المنطقة قطبا اقتصاديا في إطار مشروع الحسيمة منارة المتوسط، الذي خصص له مبلغ 6.5 مليارات درهم (حوالي 6 ملايين دولار)".
الحرية قبل التنمية
ورفض رئيس فريق (كتلة) حزب الاستقلال (معارض) بمجلس النواب، نور الدين مضيان، اتهام عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية لعدد من نشطاء حراك الريف بخدمة أجندة انفصالية.
وقال مضيان، تعقيبا على وزير الداخلية على أسئلة الفرق النيابية، بخصوص أحداث الحسيمة: "نريد أن نعرف من هؤلاء الخونة في حراك الريف الذين يخدمون أجندة انفصالية؟". واستدرك قائلا: "إننا نعرف أن الحراك بريء من هذه الاتهامات".
ودعا مضيان إلى ضرورة إطلاق سراح المعتقلين وإطلاق حوار جدي مع نشطاء الحراك، مسجلا أن "المطالب الاجتماعية الآن أصبحت متجاوزة، حينما اعتقلتم شباب الحراك، لقد أغلقتم باب الحوار، لذلك لا حوار إلا بإطلاق سراح المعتقلين".
واعتبر مضيان أن ما يحدث في الحسيمة هو "نتيجة لاستهداف الأحزاب ذات التمثيلية الشرعية مما أدى لقطع الوساطة بين الساكنة والدولة، والمؤسسات المنتخبة في إقليم الحسيمة.. الآن لا تمثل الساكنة".
إسقاط المتابعات
وفي ذات السياق، طالب حزب العدالة والتنمية بإسقاط التهم التي وجهتها النيابة العامة لمعتقلي حراك الريف.
ودعت بثينة قروري، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية (أغلبية)، في تعقيب لها إلى "إسقاط كل التهم الموجهة للنشطاء".
وتابعت قروري: "إن دور النيابة العامة دور حساس في هذه المرحلة، وبدل أن تقوم بالتهدئة أصدرت بلاغات تتضمن اتهامات ثقيلة لنشطاء الحراك من قبيل المس بالسلامة الداخلية للدولة".
وتساءلت قروري عن "الأسباب التي جعلت النيابة العامة تلوذ بالصمت رغم التهديد بالقتل الذي تعرض له عدد من نشطاء الحراك على وسائط التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي لم تتردد في متابعة عدد من الشباب بتهمة الإشادة بمقتل السفير الروسي بناء على تدوينات فيسبوكية".
الشباب الملكي
وانتقد رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي الإدريسي، قيام ما يسمى بـ"الشباب الملكي" بمهاجمة الأشكال التضامنية مع حراك الريف.
وقال الأزمي إن "تأطير المظاهرات اختصاص للدولة حصريا، ولا أحد يمكن أن يتدخل فيه أحد، كما لا يمكن أن نترك أحدا يتحرش بالمتظاهرين"، قبل أن يردف "كلنا شباب ملكي".
وأضاف الأزمي: "نؤكد أن احتجاجات إقليم الحسيمة لها أهداف ومرامي اقتصادية وتنموية صرفة، ونرفض تخوين شباب الحراك واتهامهم بالانفصال، هؤلاء وحدويون ومن خيرة شباب المغرب".
وربط الأزمي بين ما يحدث في الريف وبين تدخل السلطة في الانتخابات، وقال: "علينا أن نترك للمواطنين اختيار من يمثلهم، ونترك الأحزاب تختار قيادتها بحرية".
وسجل أنه "لا حل لمشكل الحسيمة، وغيرها من مناطق المغرب إلا عبر ثلاث مقاربات متكاملة، سياسيا وتنمويا وحقوقيا، وعلى ضرورة امتثال الجميع إلى القانون أفرادا ومؤسسات".
هذا، ويقول نشطاء وفاعلون حقوقيون إن حملة الاعتقالات في صفوف نشطاء حراك الريف متواصلة، وأنها تجاوزت 86 موقوفا، بعد توقيف أزيد من أربعة نشطاء صحافيين يقومون بتوفير خدمات البث المباشر للاحتجاجات التي يصفها منظموها بـ"السلمية".