خسرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا
ماي مقامرتها، بالدعوة إلى
انتخابات مبكرة؛ من أجل الحصول على تفويض يعطيها القوة لتفاوض الاتحاد الأوروبي على الخروج منه "البريكسيت".
وكانت ليلة الانتخابات مليئة بالمفاجآت، وخسرت فيها الأحزاب الكبيرة مقاعد، وأطاح الناخبون برؤوس كبيرة، منها رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي السابق نيك غليغ، وفي اسكتلندا، أدى تصويت الاسكتلنديين التكتيكي إلى حصول حزب المحافظين على 13 مقعدا من الحزب الوطني الاسكتلندي، فيما حصل حزب
العمال على 7 مقاعد.
ولم يعد حزب المحافظين حزب الغالبية، حيث حصل على 315 مقعدا، أي بخسارة 11 مقعدا عن تلك المقاعد التي حصل عليها الحزب في انتخابات عام 2015.
وكان حزب العمال، بزعامة جيرمي
كوربين، من أكبر الرابحين في الانتخابات المبكرة، حيث عزز الحزب من مقاعده من 226 مقعدا في عام 2015 إلى 261 مقعدا، أي بزيادة 35 مقعدا.
وجاءت نجاحات حزب العمال على خلاف التوقعات، التي قالت إنه سيخسر بشكل كبير؛ نظرا للحملة التي تعرض لها كوربين من الإعلام اليميني، ومعارضة معظم النواب العمال في داخل البرلمان.
وقال كوربين في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن حزبه حقق انتصارا في ويلز وإنجلترا واسكتلندا، وألمح إلى جاهزية حزبه لأن يشكل حكومة أقلية، قائلا: "نحن جاهزون لخدمة البلد"، ودعا إلى أن تبدأ
بريطانيا محادثات الخروج من أوروبا بعد 11 يوما من الانتخابات، حتى وإن لم تحصل ماي على غالبية.
وقال كوربين عندما سئل عما إذا كان سيستقيل طالما دعا في خطاب انتصاره ليلة أمس لاستقالة ماي: "لقد تم انتخابنا ليلة أمس لخدمة بلدنا وإنهاء سياسة التقشف"، وكانت ماي حذرة في حديثها عندما فازت بمقعدها الانتخابي، قائلة إن حزب المحافظين جاهز لتحقيق الاستقرار للبلد.
وتتعرض ماي لضغوط من حزب العمال، ومن داخل حزبها، الذي دفعها لعقد انتخابات مبكرة؛ على أمل الحصول على غالبية مطلقة، فانتهت خاسرة لغالبيتها، حيث لم يحقق أي حزب رقم 326 الذي يمنحه تشكيل الحكومة.
وبحسب وسائل الإعلام، فإن ماي تناقش مع فريقها عقد ائتلاف مع الحزب الإيرلندي، الديمقراطي الوحدودي، الذي عرض المساعدة.
وكانت ليلة درامية في السياسة البريطانية، حيث لم يحقق حزب الاستقلال البريطاني، الذي وقف وراء عملية الخروج من أوروبا، أي نجاح، وخسر مقعده الوحيد في البرلمان.
وعلقت صحيفة "فايننشال تايمز" قائلة: "كان من المفترض أن تكون الانتخابات لتقوية وضع تيريزا ماي في السلطة والحزب، إلا أنه بصدور النتائج في صباح الجمعة، فإن وضعها أصبح ضعيفا في ظل شائعات عن تحد لقيادتها".
وترى الصحيفة، بحسب ما ترجمته "
عربي21"، أن ماي وقعت ضحية حملتها الانتخابية الفاترة، التي فاقمت من مشكلات حزبها؛ لأنها استثنت عددا من نواب المحافظين والناشطين.
وتقول الصحيفة إن حس الأزمة بدا كبيرا؛ لأن المفاوضات حول البريكيست ستبدأ سريعا، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي وصف فيه مسؤولون في حزب المحافظين نتائج الانتخابات بأنها جيدة، إلا أن وزير الخزانة السابق جورج أوزبورن وصف نتائج الاستطلاعات الأولية في تصريحات لقناة "آي تي في، بأنها "كارثية".
وقال أوزبورن: "لو لم تحصل على النتائج ذاتها، التي حصلت عليها قبل عامين، ولم تستطع تشكيل حكومة، فإنني أشك أنها ستنجو"، وقال مسؤول محافظ بارز آخر إن نتائج الانتخابات، التي جاءت أقل من نتائج عام 2015 ، جعلت ماي "تواجه مشكلة".
وتجد الصحيفة أن ما يهم في انتخابات يوم الخميس، أنها عززت من موقع كوربين، الذي قاد حركة شعبية، وحشد الشباب تجاه القضايا التي تهمهم، مثل الصحة والتعليم والرسوم الجامعية، لافتة إلى أن كوربين قاد حملة انتخابية لمدة 7 أسابيع، وألقى فيها 100 خطاب، وأنهى الحملة في لندن ليلة الأربعاء.
وقالت صحيفة "الغارديان" إن كوربين وجه صفعة كبيرة لسلطة ماي السياسية، وأضافت أن الانتخابات شهدت تدفقا في الناخبين، وأعادت نظام الحزبين، بعد غياب طويل لمدة 20 عاما، وأكثر من هذا فإن الانتخابات أدت إلى منح الجيل الشاب الفرصة لاستعراض عضلاته.
وتذهب الصحيفة إلى أن من العوامل التي غيرت الحسابات الانتخابية، أن حزب العمال استطاع جذب ناخبي قواعد حزب الاستقلال، وعددهم 4 ملايين شخص، وحاز على أصواتهم، بالإضافة إلى أنه استطاع اختراق مناطق ظلت لعقود طويلة من القواعد الداعمة لحزب المحافظين، مثل كانتبري وبليموث وإبسويتش.
وتشير الصحيفة، بحسب ما ترجمته "
عربي21"، إلى أن كوربين بدأ حملته الانتخابية وكان بينه وبين ماي 23 نقطة، بالإضافة إلى حملة شيطنة للحزب لم يواجهها منذ مايكل فوت في الثمانينيات من القرن الماضي، منوهة إلى أنه استطاع تقليل الفجوة مع ماي، من خلال الحملات الانتخابية، وحاول تجنب الموضوعات التي حاولت ماي طرحها، "البريكسيت والمهاجرين"، وبحسب استطلاعات "يوغوف"، حصل كوربين على 39 نقطة، فيما أصبحت ماي مشكلة لحزبها، رغم استثماره الكبير فيها.
وتقول الصحيفة إن القصة لا تتوقف عند هذا الحد، فإن حزب العمال فاز في لندن وفي ويلز، أما
المحافظون فأنهم توسعوا في اسكتلندا، على حساب الحزب الوطني الاسكتلندي وليس حزب العمال.