وحّد
حراك الريف مئات الآلاف من المغاربة الذين خرجوا في
مسيرة حاشدة، بالعاصمة الرباط، الأحد، مطالبين بإطلاق سراح كافة
المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم معتقلي الحراك، ودعوا إلى رفع "الحكرة" والتهميش عن إقليم
الحسيمة كما باقي المدن
المغربية.
"وطن واحد .. شعب واحد"
وعرفت المسيرة الوطنية التي اتخذ لها شعار: "وطن واحد.. شعب واحد ضد الحكرة"، مشاركة مختلف مكونات الشعب المغربي من منظمات وهيئات حقوقية ومدنية ونقابات وأحزاب سياسية وحركات إسلامية، حجوا من مختلف المدن المغربية وتوحدوا جميعهم رغم اختلافاتهم الإيديولوجية وانتماءاتهم السياسية في مطلب واحد هو رفع التهميش عن منطقة الريف وباقي المدن المغربية، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم معتقلو الحراك.
كما عرفت المسيرة مشاركة عائلات المعتقلين وعلى رأسهم والدا
ناصر الزفزافي قائد الحراك، وشاركوا عموم المتضامنين برفع الشعارات مطالبين بإطلاق سراح أبنائهم وتحقيق كافة المطالب الاجتماعية التي ما فتئوا ينادون بها منذ بدء الحراك بعد وفاة بائع السمك "محسن فكري" في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
اقرأ أيضا: هذا ما جرى خلال جلسة الاستماع لقائد حراك الريف بالمغرب
العدالة الاجتماعية
وفي هذا الصدد، قال عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، محمد الحمداوي في تصريح لـ"
عربي21" إن "مشاركتنا اليوم هي ضد الحكرة بكل أنواعها، فلا مجال الآن ليبقى المواطن المغربي مقموعا".
وأضاف: "نطالب بوقف كل أشكال الاعتقالات وفتح المجال للشعب ليعبر بكل حرية فالناس خرجوا بشكل سلمي ومنظم ومسؤول فلا يعقل أن يقمعوا وهم خرجوا ليطالبوا بمطالبهم المشروعة والعادلة".
وتابع: "كفى من الحكرة من القمع ولا حل لهذا المغرب إلا بترسيخ عدالة اجتماعية في البلد وحرية مسؤولة واقتسام ثروات الأمة".
على الدولة تغيير مقاربتها الأمنية
بدوره قال الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال، عادل بنحمزة، في تصريح لـ"
عربي21" إن "المسيرة هي تضامنية مع حراك الحسيمة من أجل إطلاق سراح المعتقلين ومطالبة الدولة بتغيير مقاربتها الأمنية التي انتهجتها مؤخرا ضد المسيرات الاحتجاجية بإقليم الحسيمة التي امتدت لمدة سبعة أشهر بشكل عادي، إلا أنه وقع تحول مؤخرا نظرا لسوء تدبير أحزاب الأغلبية لهذه الاحتجاجات من خلال محاولة تحريف المطالب الاجتماعية وجعلها مطالب انفصالية، وكذا من خلال تغليط الرأي العام بحملة إعلامية ضد نشطاء حراك الريف".
وأكد بنحمزة على أن المقاربة الأمنية في التعامل مع "حراك الريف" أثبتت فشلها، مشيرا إلى أن "الحراك الذي كان محصورا وطنيا، اليوم العالم بأجمعه يعرف مظاهرات للتضامن معه والتنديد بالدولة، وهذا فيه إساءة لبلدنا".
وشدد على أن "الدولة لابد أن تراجع أوراقها وتعلم أن المقاربة الأمنية مقاربة خاطئة وخطيرة يمكن أن تؤدي ببلدنا إلى عواقب غير سليمة".
واستدرك أن السلطات الأمنية بسماحها بتنظيم مسيرة اليوم هي "إشارة مهمة نتمنى أن تستمر الدولة في هذه المقاربة، لبناء الثقة، التي لن تتحقق إلا بالإطلاق الفوري لكافة معتقلي الحراك".
ودعا البيان الختامي للمسيرة إلى ضمان الحقوق والحريات لكافة المغاربة، كما دعا كافة الهيئات بمختلف تلاوينها السياسية والنقابية وكذا عموم المواطنين والمواطنات لتحمل مسؤوليتهم في هذه المرحلة التي وصفها بـ"الدقيقة"، "للتكاثف لتحسين المكاسب الديمقراطية والاجتماعية والضغط السلمي والمدني لتحقيق المطالب العادلة للشعب المغربي والتصدي لخيارات الدولة لجر الحراك السلمي والمدني لمقاربات سنوات الرصاص".
وبحسب منظمات حقوقية، فإن عدد المعتقلين باسم "حراك الريف" وصل 140 شخصا بخلاف ما روجته القنوات الرسمية التي صرحت باعتقال 104 أشخاص فقط.
اقرأ أيضا: تضامنا مع حراك الريف.. المغاربة يحتجون في مسيرة وطنية
وعرفت الاحتجاجات الأخيرة بإقليم الحسيمة تدخلا أمنيا عنيفا خلف العديد من الإصابات في صفوف المحتجين بالرغم من أن وزير العدل المغربي، محمد أوجار، نفى خلال رده على أسئلة البرلمانيين، الثلاثاء الماضي، بمجلس النواب، استعمال السلطات والقوات العمومية القوة لتعنيف المحتجين، وقال إن "السلطات والقوات العمومية من خلال مختلف الاحتجاجات التي شهدها إقليم الحسيمة منذ 7 أشهر، التزمت باحترام ممارسة الحق في الاحتجاج دون استعمال القوة لتفريق التجمعات أو تعنيف المحتجين".
من جانبه، قال وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، بمجلس النواب، الثلاثاء الماضي، إن القوات العمومية نهجت "سلوكا نموذجيا في تعاملها مع المحتجين بالإقليم، وضبط النفس وعدم استعمالها القوة بالرغم من لجوء بعض العناصر من داخل الحركات الاحتجاجية، التي تبنت ممارسة عنيفة متطرفة اتجاههم منذ انطلاق الاحتجاجات".
اقرأ أيضا: من البرلمان.. داخلية المغرب تحمل نشطاء الريف مسؤولية التوتر
ونشر بعض النشطاء الحقوقيين بشبكات التواصل الاجتماعية مقاطع فيديو تظهر مشاركة العشرات بوقفات ومسيرات احتجاجية داعمة لحراك الريف بكل من بلجيكا وإسبانيا وهولندا وألمانيا نظمها المغتربون المغاربة بهذه الدول.
ولا تزال الاحتجاجات متواصلة بعدد من مدن وقرى محافظة الحسيمة بمنطقة الريف شمال شرق المغرب، منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي للمطالبة بالتنمية و"رفع التهميش" وذلك إثر وفاة تاجر السمك محسن فكري، الذي قتل طحنا داخل شاحنة لجمع النفايات، خلال محاولته الاعتصام بها، لمنع مصادرة أسماكه.