على الرغم من إعلان النظام
المصري قطع
العلاقات مع
قطر قبل اسبوع من الآن، إلا أن الكثير من جوانب التعاون بين البلدين ما زالت قائمة حتى الآن وبشكل عادي.
وكانت مصر والسعودية والإمارات والبحرين، قد أعلنت يوم الاثنين الماضي قطع العلاقات مع دولة قطر بذريعة دعم "الإرهاب".
ويقول مراقبون إن مصر ليس في إمكانها سوى قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية فقط مع قطر، فيما تظل مجالات أخرى تسير بشكل عادي، من بينها الاستثمارات القطرية في مصر ودراسة القطريين في مصر وعمل القضاة المصريين في قطر.
"الطلاب القطريين ولادنا"
وفي هذا السياق، قالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي في مصر، سحر نصر، إن الاستثمارات القطرية في مصر محمية وفقا للقانون، مشددة على أن الدولة المصرية تحترم تعاقداتها وتوفر المناخ الآمن لاستثمارات الأفراد والمؤسسات على أرضها، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وبحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار المصرية، فإن قطر تحتل المرتبة التاسعة في قائمة الدول التي لها استشمارات في مصر، خلال الفترة من 1970 حتى 2017، بإجمالي استثمارات بلغ 1.105 مليار دولار.
من ناحية أخرى، قال مساعد وزير التعليم العالي، حسام الملاحي، إن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر شيء ووجود الطلاب القطريين الدارسين في مصر شيء آخر.
وأضاف الملاحي لصحيفة "الشروق" الخميس الماضي، أنه يوجد في مصر 1738 طالبا قطريا يدرسون في كليات حكومية وخاصة، وفي كليات الشرطة والحربية والأزهر، موضحا أن رئيس الوزراء أصدر قرارا بعدم المساس بالطلاب القطريين في مصر.
وأكد أن الطلاب القطريين في مصر يمارسون حياتهم بشكل طبيعي ولا توجد عليهم أي ضغوط ، قائلا إن "الطلاب القطريين ولادنا وفي ضيافتنا"، وفق قوله.
القضاة لم يتأثروا بالخلاف
وفي ذات السياق، كشفت مصادر قضائية أن وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى لم يتخذا أي قرارات بشأن القضاة في قطر.
وأشارت صحيفة "البوابة نيوز" المقربة من الأجهزة الأمنية، إلى أن المجلس الأعلى للقضاء رفض بحث موقف القضاة المعارين في قطر، وذلك خلال اجتماعه الدوري الأسبوعي يوم الخميس الماضي بعد مطالبة البعض بعودتهم.
وكان بعض القضاة دشنوا حملة جمع توقيعات للمطالبة بإعادة زملائهم القضاة المعارين إلى قطر، مؤكدين أن القضاة جزء من الدولة ولا بد أن تتوافق مواقفهم مع سياسات الدولة.
لكن المستشار عادل الشوربجي، عضو مجلس القضاء الأعلى، أكد أن وضع القضاة المصريين في قطر لم يتأثر بالمواقف السياسية بين البلدين ويعاملون هناك بكل تقدير واحترام، مشيرا إلى أن عددهم 400 قاض يشغلون درجات قضائية عليا، ويمثلون نحو 80 في المئة من القضاء القطري.
وأضاف أن الهيئات القضائية المصرية لم تقرر إنهاء إعارة أعضائها في قطر، موضحا أن الحالة الوحيدة التي سيعود فيها أعضاء الهيئة هو إصدار قرار سيادي ملزم بعودتهم.
وفي ذات السياق، لم تطالب مصر رعاياها في قطر الذين يبلغ عددهم نحو 300 ألف بالرجوع إلى بلادهم، حيث يشكلون مصدرا هاما للدخل القومي من العملات الأجنبية، ولا يمكن للنظام تحمل النتائج المترتبة على عودتهم، بحسب مراقبين، خاصة وأن قطر لم تتخذ ضدهم أي إجراءات ولم تطالب بالمغادرة.
توقف تدريجي
وتعليقا على هذه الأزمة قال الباحث السياسي محمود السعيد؛ إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها مصر والسعودية والإمارات لا تشير إلى أن العلاقات مع قطر ستعود قريبا، لافتا إلى أنه كانت هناك وساطة مع قطر عام 2014 قبل وفاة الملك عبد الله عاهل السعودية، وفي ذلك الوقت وافقت قطر على إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر، وغيرت من سياستها الإعلامية قليلا تجاه النظام المصري، واعترفت بالسيسي رئيسا، لكن بعد وفاة الملك عبد الله عادت كل الأمور لما كانت عليه، وفق قوله.
وأضاف السعيد، في حديث لـ"
عربي21" أن موقف مصر من قطر الآن يشبه إلى حد كبير موقفها من العراق عندما غزا الكويت عام 1990، حيث كانت هناك استثناءات من هذه المقاطعة بسبب آلاف المصريين العاملين هناك، لكنه توقع أن تؤدي هذه الأزمة إلى توقف أوجه التعاون الأخرى بشكل تدريجي.
أما المحلل السياسي عبد الخبير عطية؛ فقال إن العلاقات السياسية بين مصر وقطر وصلت إلى مرحلة اللاعودة، مشيرا إلى وجود تطورات تحدث يوميا في هذا الملف الذي بدأ بقطع العلاقات الدبلوماسية ومنع الطيران، وأخيرا إعلان قائمة "الإرهابيين" التي تضم عشرات الأشخاص والمؤسسات، توقع أن تزداد الأمور تعقيدا في الفترة القادمة.
ولم يستبعد عطية، في تصريحات لـ"
عربي21" أن تنظر مصر في أمر القضاة المنتدبين للعمل في قطر وتعيدهم إلى بلادهم خلال أيام قليلة، بخلاف آلاف المصريين الذي يعملون بشكل شخصي في قطر الذين لا تملك الدولة إجبارهم على العودة.