كشف ناشطون في مدنية
حلب، التي تخضع لسيطرة النظام السوري في شمال
سوريا، عن تزايد
الجرائم التي ترتكبها
مليشيات "الدفاع الوطني" (
الشبيحة) التابعة للنظام بحق أبناء المدينة، وكان آخرها جريمة قتل طفل كان يبيع العلكة في الشارع.
وتحدث الناشط الإعلامي زكريا مؤمن عن إقدام أحد عناصر الشبيحة، الأحد الماضي، على قتل الطفل أحمد جاويش (12 عاما)، أمام نادي الاتحاد في حي الموكامبو في المدينة، بعد أن تقدم منه ليبيعه بعضا من العلكة، ليقوم على إثرها عنصر المليشيا بإطلاق النار على رأس الطفل من سلاحه الفردي ويرديه غارقا بدمائه، وهي الرواية التي أكدته أيضا صفحات موالية للنظام.
وقال مؤمن لـ"عربي21" إن الطفل بقي غارقا بدمائه لدقائق، دون أن يتجرأ أحد من المدنيين -الذين تابعوا أحداث الجريمة أمام أنظارهم- على الاقتراب منه أو نقله إلى المستشفى، وذلك "بسبب الخوف من عناصر الشبيحة، في ظل غياب كامل للقوى الأمنية عن مكان الجريمة، إلى أن قام لاعب نادي الاتحاد حازم محيميد بإسعافه، إلا أن الطفل كان قد فارق الحياة"، وفق قوله.
وبعد انتشار نبأ وفاة الطفل، سارعت إحدى الإذاعات المحلية إلى استقبال والد الطفل، الذي قال باكيا: "قتلوا أحمد برصاصة برأسه؛ لأنه طلب منهم أن يشتروا منه العلكة لكي يفطر، قتلوا ولدي أمام الجميع، ولم يتحرك أحد لإنقاذه". وتوجه والد الطفل بالحديث لقتلة ابنه: "شكوتكم إلى الله... الله لا يسامحكم".
وأشار مؤمن إلى أن مليشيا الدفاع الوطني ارتكبت خلال أسبوع واحد فقط العديد من الجرائم، منها مقتل طبيبة الأسنان تالار فوسكيان، وهي مسيحية، على يد "شبيح" يقود سيارة من دون لوحات في حي السليمانية، حيث قام بصدمها، وفر مسرعا من مكان الحادثة، في حين أقدم "شبيح" آخر، الجمعة، بالاعتداء على لاعبي نادي الاتحاد بإطلاق الرصاص والاعتداء عليهم بالسكاكين، ما أدى إلى إصابتهم ونقلهم إلى إحدى المشافي، حيث قام "الشبيح" بتبرير جريمته بأنه انزعج من صراخ اللاعبين أثناء خروجهم من أحد الأبنية التي يقطنها.
وأشار الناشط قتيبة ياسين، في حديث لـ"عربي21"، إلى أن عناصر مليشيات الدفاع الوطني "هم بالأساس عناصر خارجة عن القانون، فمن الطبيعي أن يكون هذا الإجرام الذي يحدث في حلب عملهم".
وقال: "الآن هم القانون، حتى من سجنهم يوما (الشرطة) يخاف منهم اليوم"، مضيفا: "منذ اليوم الأول لمظاهرات حلب كانت الشرطة تخاف الشبيحة، لكن غير الطبيعي أن نرى جرائم بوجود مجرمين طلقاء أصبحوا اليوم هم السلطة"، وفق قوله.
وتساءل ياسين عن أسباب عدم وجود الشرطة الروسية والشيشانية الموجودة بحلب، والتي جاءت بحجة "ملاحقة الشبيحة وإحلال الأمن والأمان في المدنية، إلا أنها -على ما يبدو- كانت صورية فقط لتطمين الأهالي، وبالفعل الأهالي صدقوا الكذبة وراحوا يشتكون لهم"، كما قال.
وأكد ياسين على أن مليشيات الدفاع الوطني "هي السلطة العليا في حلب، شئنا أم أبينا، وتعلو سلطتها كلما اقتربت من المليشيات الإيرانية".
أما الناشط في مجال حقوق الإنسان، فيصل الأعور، فيقول لـ"عربي21": "نظام الأسد -الذي فقد شرعيته سياسيا- لم يعد قادرا على إعادة إنتاج نفسه ثقافيا ولا اقتصاديا، حيث بدأ يفقد السيطرة على الأحداث في الداخل"، وفق تقديره.
وأضاف: "انتشرت الجريمة فوق العادة، حتى أصبح قتل طفل أعزل يجوب الشوارع باحثا عمن يشتري منه علكة مسألة مزاجية على أيدي الشبيحة، ودهس الناس في الشوارع مسألة عادية أمام قتلهم بالبراميل المتفجرة، والاعتداء على شباب في فريق رياضي بالسلاح الأبيض والتسبب بأذيتهم، بحجة أنهم يصدرون ضجة في الشارع، مسألة غير ذات أهمية"، مشيرا إلى أن "الجريمة تورق وتزهر في سوريا الأسد، والناس أصبحوا حملانا بائسة، تُنحرُ على مذبح المزاجات التشبيحية لزعران النظام الأسدي"، بحسب تعبيره.
يذكر أن نظام الأسد كان قد أصدر قرارا في 25 أيار/ مايو الماضي، بإقالة قائد مليشيات الدفاع الوطني في حلب، سامي أوبري، في حين قالت مصادر إعلامية موالية في ذلك الوقت إن الأسباب التي أدت إلى إقالة أوبري هي خلاف على السرقات مع فروع أمن النظام، حيث وصلت الخلافات بينهم أكثر من مرة إلى الاشتباك بالرصاص الحي على خلفية عمليات "التعفيش" في أحياء عدة في مدينة حلب.