تحدث الكاتب
المصري المعروف عبدالله السناوي عن مرحلة جديدة وخطيرة إذا تم تسليم جزيرتي "
تيران وصنافير" من مصر إلى
السعودية.
واعتبر السناوي، في مقاله المنشور في صحيفة الشروق المحلية، أن هناك أخطاء يمكن تصحيحها وتصويبها وأخطاء أخرى يختلف بعدها كل شيء، مشيرا إلى أن تسليم الجزيرتين يندرج في النوع الثاني.
وكشف أنه "إذا ما أنزل العلم المصري من فوقهما فلا سبيل إلى استعادتهما مرة أخرى، فهناك وثائق دولية سوف توقع وتودع في الأمم المتحدة تنتقل بمقتضاها -وفق معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية- الالتزامات الأمنية المصرية في «تيران» و«صنافير» إلى السعودية".
وقال إن "أي تطلع لاستعادة الجزيرتين مستقبلا تجديف ضد الحقائق والمصالح، كما أنه مشروع حرب مفتوحة مع إسرائيل وحلفائها".
"بصياغة أخرى، فإن إسرائيل المستفيد الأول من تسليم الجزيرتين للسعودية".
وأوضح أن "التسليم يفضي -أولا- إلى توسيع «كامب ديفيد» بإدخال السعودية طرفا مباشرا في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ما يعنى اعترافها بالدولة العبرية تطبيعا أمنيا وعسكريا واستخباراتيا واقتصاديا، دون أي التزام بالمعاهدة العربية للسلام، التي تقضي بالتطبيع الشامل مقابل الانسحاب الكامل حتى حدود (4) يونيو (1967)".
وأضاف أن "التسليم يفضي -ثانيا- إلى ضرب أي استراتيجية مصرية في البحر الأحمر، مؤثرا على القدرات الدفاعية عن سيناء".
وتابع بأنه "إذا ما نشبت مواجهات سلاح بالمستقبل، وهذه مسألة لا يمكن استبعادها، فإن الوضع الاستراتيجي يكون أكثر حرجا، باعتبار مضيق «تيران» مياها دولية لا مصرية كما هو الحال الآن".
وبين أن "التسليم يفضي -ثالثا- إلى إفساح المجال أمام إسرائيل للإقدام على مشروعات تهمش قناة السويس، عبر ما سوف تصبح مياها دولية، المشروعات معلنة والقدرة على منعها محدودة".
وأكد أنها بنصوص الاتفاقية مع السعودية. بمقتضى المصالح فإنها مع إسرائيل".
وبين أنه "بعد وقت لن يطول، سوف يخرجون من المشهد كله، وتظل الحقائق ماثلة بأن مضيق «تيران» الاستراتيجي ضاع، وأن إسرائيل تمكنت من السيطرة على البحر الأحمر، وأن القضية الفلسطينية دخلت على المذبح الأخير".
وقال مقاله المنشور في صحيفة الشروق المحلية إنه لأول مرة في تاريخ أي أزمة مماثلة في أي مكان في العالم تتطوع دولة لإثبات أحقية دولة أخرى في أراض تخضع لسيادتها الكاملة، وتتعلق باستراتيجية أمنها القومي.
وبين أنه "طوال شهور الأزمة لم تتقدم السعودية بمستند واحد يثبت أحقيتها في الملكية والسيادة على «تيران» و«صنافير»، بينما تكفلت السلطات المصرية بعرض ما تصورت أنها وثائق تثبت «سعودية الجزيرتين»، وأخفت أي وثائق تثبت العكس، حاربت بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة تسليم الجزيرتين حتى بدا مسؤولون رسميون ونواب برلمان أكثر حماسا من السعوديين أنفسهم".
وقال إنه "بأثر تسليم الجزيرتين على النحو الذي تجري به الحوادث، التصدع الأخلاقي سوف ترتفع وتيرته، بما يتجاوز أي كابوس، والجريمة الجنائية مرشحة للتزايد".
واردف بأن "ذلك يصب في طاحونة الإرهاب، ويوفر بيئات إضافية حاضنة، لكن لا أحد يتحسب للتداعيات الخطيرة".
تداعيات أخلاقية
وقال إن التداعيات الاجتماعية والأخلاقية لا تقل خطورة عن السياسة والاستراتيجية.
وأضاف أنه "بقوة الغضب توقفت إجراءات التسليم لنحو سنة، أصدر القضاء الإداري خلالها حكمين تاريخيين بمصرية الجزيرتين، وفق ما توافر من وثائق ومستندات وخرائط، لعب المصريون في الخارج دورا جوهريا في الحصول عليها من مكامنها بالمكتبات الدولية، غير أنه في نهاية المطاف جرى العصف بأي قواعد دستورية وقانونية وحجية الأحكام القضائية".
غير أن أحد التداعيات الخطيرة لتمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، على الرغم من الحكم القضائي النهائي ببطلانها، ضرب أي تطلع لبناء دولة مؤسسات حديثة والعصف بدولة القانون من عند الجذور، فلا النصوص الدستورية التزمت، ولا حجية الأحكام القضائية احترمت، بحسب السناوي.
وأضاف أنه "كان مستغربا أن يصف رئيس مجلس النواب الأحكام القضائية، التي صدرت عن المحكمة الإدارية العليا، ببطلان الاتفاقية بـ«أنها والعدم سواء»".