إلى من رقى نفسه في غفلة من الزمن إلى رتبة المشير، وهو لا يستحقها أبدا، حيث إنه لم يشارك في أي حرب في حياته سوى حربه على المعتصمين العُزّل في ميداني رابعة والنهضة، وأباد منهم ما يربو عن 2600 بريء، بلا رحمة وبدم بارد.
على أي الأحوال، ليس هذا هو الموضوع الذي أريد أن أحدثك فيه، يا هذا أردت اليوم أن أنصحك في الله، كل ما ارتكبته من جرائم لترضي أسيادك في واشنطن وتل أبيب لن يرضيهم يوما، وإذا انتهيت من كل ما يأمرونك به لن تجد إلا الراية السوداء تُرفع من أجل التخلص منك، وهذه قواعد اللعب مع الكبار. ولنرجع سوية إلى الماضي القريب، ولنتذكر سوية رغم أني أشك أنك تستطيع ذلك، وأتفهم قدرتك على الفهم والتذكر، ولكنني سوف أشرح لك الأمر بهدوء حتى تستطيع استيعاب ما أقول؛ وسوف أبدأ من زمن ليس ببعيد، فقط سأتحدث عن أمثالك من رجال
العسكر حتى تستوعب ما أقول.
سوف أبدأ بمثلك الأعلى البكباشي جمال عبدالناصر، ترك الشعب من خلفه وتحالف مثلما تحالفت أنت تماما مع الصهاينة والأمريكان، ففصل السودان عن
مصر كما فصلت أنت مياه النيل عن الشعب المصري، وفصل غزة عن مصر كما فصلت أنت بحصارك هذه المدينة المكلومة، وهجرت أهلنا من رفح والشيخ زويد حتى تخلو للصهاينة فيما بعد. كما أخلى هو سيناء من قبل وسلمها للصهاينة في 1956، ثم أعاد الكرة في 1967 وسلمهم أم الرشراش التي سماها الصهاينة إيلات، كما سلمتهم أنت مضيق تيران والجزيرتين تيران وصنافير. ورفعت شعار الانبطاح للصهاينة كما رفعه السادات ومبارك من قبلك، وجوعت شعبك وفرقته شيعا كما فعل سلفك عبد الناصر ومبارك؛ ولكن هنا يأتي السؤال: ماذا كان مصير كل الزعماء العسكر من قبلك؟
الجواب بسيط جدا: بعد أن تنتهي مما وكلوه إليك الصهاينة والأمريكان من مهام لهدم مصر وما حولها، وتفرقة أهلها شيعا ومزقت الأمة كل ممزق، سيكون مصيرك بلا شك هو المصير الذي يحدده سيد البيت الأبيض وسيد تل أبيب، هما من سيقرران الطريقة المثلى للتخلص منك والسيناريوهات كثيرة ومتعددة ومختلفة.
وحتى لا تشعر أنني أزايد عليك أو أختلق لك مصيرا بعيدا عما يرسموه لك أحبابك في تل أبيب وواشنطن؛ دعني أسرد لك مصير كل من خدعوهم قبلك. أما البطل الأول فهو جمال عبدالناصر، رغم أنه لبى لهم كل طلباتهم ويزيد، وبعد أن أنهى تنفيذ المهمات التي وكّلت إليه تخلصوا منه بوسيلة لم يكشفها أحد حتى الآن، ومن بعده الرئيس أنور السادات تخلصوا منه في وسط رجاله وعدته ورجاله، ولم تُطلق رصاصة واحدة على قاتليه حتى ينهوا حياته ثم حاكموهم وقتلوهم فيما بعد، ثم الرئيس مبارك، رغم أنه كان كنزا استراتيجيا للكيان الصهيوني، فسمحوا لكم بالتخلص منه بمعاونة الشعب الثائر. وبالطبع أنت كنت أحد المتآمرين على حسنى مبارك. أما عن الرئيس مرسي الوحيد الذي أتى للحكم على غير رغبتهم، وهواهم فاتفقوا معك وباقي جنرالات المجلس العسكري على أن يتآمروا عليه ليتخلصوا منه ويضعوك على رأس السلطة بالدبابة والرصاص وإسالة دماء الأبرياء، وأتيت سعادة المشير على رأس السلطة لتحقق أحلامك وتنفذ طلباتهم.
وأُشهد الله أنك كنت مخلصا فيما طلبوه منك ويزيد، لكن الآن ما عليك إلا أن تنتظر مصير أحد زعماء العسكر الراحلين، وأقول إنك قد استعجلت النهاية، وقد تعامل الرئيس مبارك معهم بفطنة ومكر شديدين حتى استطاع أن يظل في مكانة 30 عام. أما فخامتك يا سيادة الرئيس كنت تلهث حتى تنفذ كل أوامرهم في زمن وجيز، وهذا مما سيُعجّل من أن يستبدلوك في أول فرصة تسنح لهم. صحيح أنهم أشادوا بك وقالوا إنك بطل قومي للدولة العبرية، وأشادوا بك في كل المحافل الدولية، ويدعمونك ويضغطون على كل الدول الغربية والعربية حتى تواصل دعمك بكل الوسائل الممكنة، رغم فشلك في كل مناحي إدارة الدولة. لكن هذه قوانين اللعبة، فهل أنت جاهز للنهاية السعيدة التي يرتبونها لك؟ ولا أظن أنها ستكون مثل نهاية مبارك، فهو بلا شك أذكى منك بمراحل. اعذرني إن كنت صريحا معك.
ناصح أمين