تشهد مدينة
درعا، جنوب
سوريا، معارك عنيفة بين قوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه، من جهة، والجيش الحر من جهة أخرى، فيما تشهد خريطة السيطرة تغيرات مستمرة.
فبعد أن أطلقت غرفة عمليات "البنيان المرصوص"، التابعة للجيش الحر، معركة "الموت ولا المذلة"، في 12 شباط/ فبراير الماضي، سيطر
الجيش الحر على حي "المنشية"، في درعا البلد، منطلقا منه للتقدم إلى حي سجنة، آخر معاقل نظام الأسد في درعا البلد.
وبعد تعرض النظام السوري لخسائر كبيرة، بحسب قيادات عسكرية، عمد إلى استجماع قواه مستعينا بمليشيات إيرانية وحزب الله البناني، بدعم جوي من الطيران الحربي الروسي.
ويقول الناطق باسم غرفة عمليات البنيان المرصوص، المعروف باسم "أبو شيماء"، إن النظام بدأ بحملة عسكرية في 3 حزيران/ يونيو الجاري، ساعيا لإيقاف تقدم الفصائل نحو حي سجنة، ومحاولا دعم جبهات مليشياته خوفا من سقوطها كسابقاتها، مع سعيه لتحقيق انتصار يرفع به معنويات عناصره. وفق قوله لـ"
عربي21".
وفي السياق ذاته، قال الناشط الإعلامي، سامر مسالمة، في حديث خاص لـ"
عربي21"؛ إن نظام الأسد يعلم تماما أن دخوله للعمق في أحياء درعا المحررة مكلفة جدا له ماديا وبشريا، لذلك يحاول حصار المدينة بمحاولة التقدم في محيطها وصولا للحدود الأردنية.
وأشار إلى قوات تسعى إلى التقدم من جبهة المخابرات الجوية شرقي المدينة، وصولا إلى منطقة غرز وصوامع الحبوب، ومن هناك إلى بلدة نعيمة (المدخل الشمالي الشرقي لمدينة درعا) والتي تقع تحت سيطرة الجيش الحر، وهو ما يشكل مدخلا للتقدم باتجاه بلدة أم المياذن ذات الموقع الاستراتيجي، وصولا إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، أحد أهداف النظام من حملته، وفق تقديره.
وأوضح المسالمة في حديثه، أن قوات النظام تحاول أيضا التقدم من غربي درعا عبر جبهة بلدة اليادودة، مستغلة ضعف مشاركة جيش المعتز بالله، المرابط هناك، وصولا إلى الطريق الحربي وإلى جمرك درعا البلد القديم مع الأردن، "مهددة بذلك عبر المليشيات الإيرانية؛ الحدود الأردنية بعدما فشلت محاولاتها في البادية السورية، وانقطعت أحلامها هناك بالوصول قرب الحدود الأردنية بعد إنشاء القاعدة الأمريكية في منطقتي التنف والزكف".
وذكر المسالمة أن قوات النظام تخوض معركة حقيقية بالنسبة لها بقيادة نخبة من القيادات الإيرانية، ومشاركة حركة النجباء العراقية ونخبة من قيادات حزب الله اللبناني، بغطاء جوي روسي، "لكن فصائل البنيان المرصوص تمكنت من إفشال الهجوم حتى اللحظة، بالرغم من قصف عنيف بالصواريخ والغارات الجوية واستخدام أسلحة تدميرية روسية".
وتحدث عن مقتل عدد من قيادات المليشيات العراقية والإيرانية وحزب الله اللبناني، لافتا إلى أن القصف الذي تتعرض له أحياء درعا الخاضعة لسيطرة الجيش الحر ومحيطها؛ عنيف جدا، وسبب دمارا كبيرا.
وفي سياق متصل، أطلق ناشطون إعلاميون في درعا حملة تحمل وسم "#تحرك_لأجل_درعا"، تهدف إلى الضغط على جميع الفصائل للانخراط في المعركة، وللتنبيه إلى حجم الخطر على المنطقة في ظل الهجوم العنيف من النظام وحلفائه.
وفيما يخص العمليات العسكرية في درعا، فإن هدنة لوقف جميع أنواع العمليات العسكرية القتالة قد فُرضت من قبل الدول الداعمة للفصائل للنظام، بتوافق أمريكي روسي، بحسب مصدر عسكري في الجيش الحر، رفض ذكر اسمه، حيث تم توجيه رسائل صريحة لقيادات الفصائل بالجنوب السوري بهذا الخصوص.
وفُرضت الهدنة ابتداء من الساعة 12 ظهر يوم السبت 17 حزيران/ يونيو الجاري، إلى 48 ساعة قابلة للتجديد. وبحسب المصدر، فإن عدم استقدام النظام لتعزيزات عسكرية كان أحد نقاط الهدنة، لكن وبالرغم من توقف القصف في هذه الفترة، إلا أن النظام استمر في استقدام تعزيزات من مليشيات عراقية وأفغانية، وعاود القصف في اليوم الثاني للهدنة.
وفي إطار موقف غرفة عمليات "الموك"، الداعمة للجيش الحر بالجنوب، والتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أوضح المصدر ذاته أن دعمها "محدود".
والثلاثاء، استعادت فصائل الجيش الحر السطيرة على قاعدة الدفاع الجوي غرب مدينة درعا، في نفس اليوم الذي سيطرت عليها قوات النظام، 20 حزيران/ يونيو الجاري.
يُذكر أن غرفة عمليات "البنيان المرصوص" تجمع فصائل الجيش الحر العاملة في معارك مدينة درعا، وهي تقود معركة "الموت ولا المذلة" التي تهدف لاستكمال السيطرة على مدينة درعا.