نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا عمدت من خلاله إلى التكهن بمصير
السعودية في ظل تولي أمير متهور زمام الأمور في المملكة، وذلك في أعقاب تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد خلفا للأمير محمد بن نايف.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الأمير ذي الـ31 ربيعا قد حظي أخيرا بفرصة تولي منصب ولي العهد ضمن سلالة آل سعود. ومن المثير للاهتمام أن محمد بن سلمان يعد أصغر وزير دفاع في العالم، في حين أنه يدير الديوان الملكي. إضافة إلى ذلك، يرأس الأمير الشاب مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي أسسه والده بغية السيطرة على وزارة الاقتصاد، علما أن العاهل سلمان قد منح ابنه زمام قيادة شركة "أرامكو" النفطية.
وأكدت الصحيفة أن مستقبل المملكة أضحى منذ مدة بيد هذا الأمير الشاب، خاصة إثر منحه صلاحيات التوقيع على صفقات الأسلحة.
من جهته، أشار المختص في دراسة شؤون المملكة السعودية، ستيفان دو لاكروا، إلى أنه "نظرا لأن محمد بن سلمان هو نجل العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، فمن المرجح أن يضع يده على كل ما يديره والده".
في الواقع، من الواضح أن أغلب القرارات السياسية التي اتخذتها المملكة في الفترة الأخيرة تعود بالأساس إلى الأمير الشاب.
وأضاف الأخصائي الفرنسي أن "هذا الشاب يعد معروفا نسبيا في أروقة البلاط الملكي، لكن لم يلاحظ أحد سرعة تدرجه في المناصب، وتحديدا منذ وفاة الملك عبد الله سنة 2015".
ونقلت الصحيفة على لسان الخبير في دراسة شؤون المملكة العربية السعودية، دافيد ريفولي-روز، أن "قوة تأثير محمد بن سلمان على والده تعتبر بمثابة "انقلاب صغير". وأردف الخبير الفرنسي أن "محمد بن نايف ليس لديه أولاد من الممكن أن يزاحموا محمد بن سلمان على تولي قيادة المملكة في يوم ما… ومن المتوقع أن يخلف محمد بن سلمان والده، صاحب 82 سنة، في القريب العاجل على عرش السعودية. وفي حال تحقق ذلك فعلا، فمن المرجح أن يحكم البلاد لفترة طويلة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الأمير الشاب لم يتول أية مهام رسمية في السابق، على عكس ولي العهد المقال، الأمير محمد بن نايف، الذي تشهد له جهوده في محاربة تنظيم القاعدة سنة 2000. علاوة على ذلك، لم يتلق محمد بن سلمان أي تعليم خارج المملكة خلافا لعدة أمراء من البلاط، كما أنه لا يتقن اللغة الإنجليزية جيدا. فضلا عن ذلك، لا يضم سجله التعليمي سوى إجازة في الحقوق تحصل عليها سنة 2008 من جامعة الملك فيصل في الرياض.
وأوردت الصحيفة وجهة نظر دبلوماسي فرنسي سابق في الرياض، الذي أفاد أنه "في حقيقة الأمر، لا يعد
ابن سلمان مؤهلا لتولي مناصب رفيعة، ولكنه الطفل المدلل للعاهل". كما أكد الدبلوماسي أن "ابن سلمان مقرب جدا من والده، حيث تربطهما علاقة مميزة للغاية". وتجدر الإشارة إلى أن محمد بن سلمان متزوج من الأميرة فهدة بنت فالح بن سلطان التي تتحدر من أكبر عشائر منطقة عجمان.
وفي السياق ذاته، وحسب مقربين من الأمير الشاب، فإن ابن سلمان لا يشرب الكحول ولا يدخن، كما أنه غالبا ما يتباهى بحفلاته وأعياده الخاصة التي عادة ما ينظمها في جزر المالديف.
وأقرت الصحيفة بأن المملكة في عهد محمد بن سلمان ستدخل منعطفا تاريخيا. وفي هذا الصدد، أورد ستيفان لاكروا أن "السعودية تتجه نحو المَلكية المطلقة، أي أن الابن يخلف أباه في سدة الحكم، مع إقصاء بقية الأقارب من العائلة المالكة".
وأضاف لاكروا أن "ابن سلمان شخص قاس ومتغطرس، ومن المؤكد أنه لن يتردد للحظة في قطع رؤوس معارضيه وأعدائه".
وفي سياق متصل، صرح أحد أبناء العائلة المالكة في السعودية، متحدثا عن محمد بن سلمان، أن "مشكلته الوحيدة تتمثل في شدة كبريائه، حيث يوهم نفسه بأنه خبير في الشؤون السياسية، والعسكرية، والاجتماعية".
وبينت الصحيفة أنه ومع حلول سنة 2015، قاد الأمير المتغطرس حربا ضروسا في اليمن لمطاردة الحوثيين الشيعة المدعومين من قبل إيران. في المقابل، تعكس هذه الحرب فشل الأمير السعودي الذريع. فبعد مرور سنتين منذ تدخل السعودية عسكريا في اليمن، شهدت هذه البلاد أزمة إنسانية حادة، إضافة إلى مقتل 8 آلاف يمني، جلهم من المدنيين. في الوقت ذاته، يعد قرابة 7 ملايين شخص على شفا المجاعة.
والجدير بالذكر أن هذا الفشل لم يوقف محمد بن سلمان الذي قرر هذه المرة استهداف قطر. فمن المؤكد أن الأمير المتهور يقف وراء قرار قطع العلاقات الدبلوماسية وفرض حصار عربي على الدوحة.
وفي الختام، تطرقت الصحيفة إلى مساعي محمد بن سلمان لإنعاش الاقتصاد السعودي الذي أنهكه تراجع سعر برميل النفط. وفي الأثناء، يوقن ابن سلمان جيدا أن النفط هو الضامن الوحيد للسلام الاجتماعي في البلاد منذ 60 سنة.
وفي هذا السياق، دعا الأمير الشاب إلى ما أسماه "بالثورة التاتشرية" والبحث عن بدائل اقتصادية بعيدا عن النفط.