لعيد الفطر مشاعر خاصة عند
المصريين، حيث يحتفل به كل على طريقته، إلا أن الأحداث السياسية التي تعيشها البلاد في ظل الانقلاب العسكري أثرت وبشكل ملموس على
احتفالات المصريين.
عادات تتراجع
ورغم أن معظم المصريين يبدأون يوم العيد بالصلاة في الساحات والمساجد؛ إلا أن هذه الظاهرة تآكلت بعد الانقلاب العسكري منتصف 2013، حيث سيطرت وزارة الأوقاف على الساحات وفرضت السلطات الرقابة عليها وقللت أعدادها، ومنعت أعضاء جماعة الإخوان من تنظيم صلاة العيد بمعظم ساحات الجمهورية.
ومنعت الأوقاف صلاة العيد بميدان التحرير ومسجد الفتح برمسيس ورابعة العدوية بمدينة نصر في 2014، وهدد مدير مديرية الأوقاف بالقاهرة جابر طايع "بحبس المخالفين لضوابط صلاة العيد وأماكن الساحات التي حددتها الوزارة وتغريمهم وفقا للقانون".
وتعد زيارة الأهل والجيران من العادات التي يتمسك بها المصريون منذ زمن طويل وبخاصة بالريف المصري؛ إلا أن هذه الظاهرة هي أيضا تقلصت إلى حد ما بعد الانقلاب العسكري، وذلك بسبب حالة الاستقطاب السياسي بين مؤيد ومعارض للانقلاب والتي أدت لخلافات اجتماعية داخل الأسرة الواحدة، حسب رأي الشارع المصري.
عيد الأغنياء
ومع أول أيام
عيد الفطر تبدأ احتفالات كبار المطربين المصريين والعرب التي يحرص كثير من الأغنياء المصريين والعرب المقيمين بمصر على ارتيادها في الساحل الشمالي، وشرم الشيخ، والغردقة، والفنادق الكبرى حيث سيحيي كل من الفنانين تامر حسني وملحم زين وفارس كرم والفنانة نوال الزغبي سهرات بالمناسبة بشرم الشيخ ومدينة الرحاب بالقاهرة الجديدة.
هل هناك عيد للفقراء؟
"لم يعد لدينا من احتفال العيد سوى المظاهر الدينية، ولقاء الأهل والجيران والزيارات الأسرية"، كانت تلك هي كلمات الشيخ السلفي محمود وجيه.
وأضاف لـ"
عربي 21"، "أن الفقراء لم يعد هناك من يحنو عليهم، وصار حلمهم في العيد هو الحصول على كيلو لحم أو بعض الكعك والحلوى والمكسرات رخيصة الثمن، وليس بإمكانهم الاحتفال بأكثر من هذا".
أما الباحث الإسلامي، محمد عزب فيرى أن "الاحتفال بعيد الفطر في ظل ما يعانيه المصريون من تراجع في مستوياتهم المعيشية وغلاء الأسعار وانهيار منظومة العدالة وغياب دولة القانون، لهو بعيد عن الواقع".
وأكد عزب لـ"
عربي 21"، أنه مع "غياب التيار الإسلامي عن الشارع لم يعد هناك شعور بالعيد بين الفقراء، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي كان أعضاؤها ينتشرون بين الناس ويعرفون مكان الفقير والمحتاج".
عيد الشباب
ويأتي عيد الفطر هذا العام بعد موسم الامتحانات، وهي مناسبة يقضي فيها الشباب وقته بين صالات السينما والمسارح والمولات الكبرى والحدائق العامة والمتنزهات والشواطئ الشعبية في الإسكندرية ورأس البر والإسماعيلية.
وتغلب ظاهرة تحرش الشباب بالفتيات على أعياد المصريين، وخاصة في القاهرة بمناطق "الكورنيش وحدائق الفسطاط والأزهر والحيوان".
على أسوار السجون
"لم أكن أشعر بمعاناة زوجات المعتقلين حتى صرت منهم؛ وها هو أول عيد لي سأقضيه مثلهم أمام أسوار السجن"، كانت تلك كلمات أم مصعب زوجة المعتقل في سجون الانقلاب عزت عسكر، نقيب المعلمين السابق بالشرقية.
أم مصعب (55)، قالت لـ"
عربي21"، "إنها وعلى مدار ليلتين قامت بإعداد كعك العيد كما تعودت في وجود زوجها حتى لا يشعر الأولاد والأحفاد بافتقاد الأب والجد"، مضيفة أنها مع صلاة الفجر سوف تتوجه وابنها الأكبر إلى سجن الزقازيق العمومي وتنتظر أمام أسواره مؤكدة أنها ستتحمل أية معاناة حتى لقاء زوجها.
ويقبع في سجون الانقلاب عشرات الآلاف من المعتقلين (60 ألفا حسب منظمات حقوقية) على ذمة قضايا تظاهر واتهامات اعتبرها حقوقيون معدة سلفا للبطش بمعارضي النظام.
مؤجل لهذا السبب
وبينما تعيش مصر على وقع أزمة تصديق قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للرياض، فإن هناك فئة من المصريين ترفع شعار "لا احتفالات لا فرحة في ظل سرقة الوطن".
ويغلب على تلك الفئة شباب الثورة الذين يغطي حديثهم عن الاستعداد لموجة ثورية ضد النظام على أية احتفالات بالعيد هذا العام.
وحرص بعض المناهضين للنظام على توجيه مشاعر المصريين في العيد نحو قضية "تيران وصنافير"، وبينهم المستشار أحمد جلال، الذي كتب عبر صفحته بـ"فيسبوك" تدوينة قال فيها: "كل عام وكل المصريين واعِين ومُستيقظين ومُنتبهين ومُتقدمين ومُتحضرين".
وقال الكاتب الصحفي محمد منير: "عن أي عيد تتحدث يا سيدي وعن أي احتفال في ظل بيع الوطن".
وأضاف لـ"
عربي 21": "كيف نحتفل ويحكمنا رجل يكره شعبه؛ والدليل على ذلك الكره للمصريين؛ أنه صدق على قرار التنازل عن (تيران وصنافير) ليلة العيد"، مؤكدا أنه "القرار الأغرب الذي يتخذه حاكم بليلة العيد".