وفقا لوكالة
قطر للأنباء، فقد تسلمت الخارجية القطرية عبر الوسيط
الكويتي لائحة المطالب الصادرة عن دول محور الحصار، التي تضم ثلاث دول من دول مجلس
التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مصر، وذلك بتاريخ 22 حزيران/ يونيو 2017.
وتنص اللائحة في البند 12 منها، على أن توافق قطر على جميع الطلبات الواردة في الورقة خلال 10 أيام من تاريخ تقديمها، وإلا تعدّ لاغية.
إذا ما اعتبرنا أن تاريخ التقديم هو 22، فهذا يعني أن المهلة المتاحة للموافقة على ما ورد فيها من مطالب ستنتهي يوم الأحد بتاريخ 2 تموز/ يوليو 2017.
من المؤكد أن الجانب القطري أعد الأجوبة اللازمة على هذه المطالب خلال الفترة الماضية، إذ إن محور الحصار جعل مهمة الدوحة في هذا المجال سهلة للغاية، عندما قدم مطالب خيالية وغير واقعية وغير قابلة للتنفيذ.
ليس هذا فقط، بل أقفل محور الحصار الباب على التفاوض، معتبرا أن على قطر أن توافق عليها كاملة، دون قيد أو شرط، أو أن تتركها، وتتحمل التبعات.
الجواب واضح في هذه الثنائية وهو الرفض، وبما أن هذا الجواب معروف سلفا، فمن الأجدر ألا تقوم الدوحة بتسليم الرد على الورقة في المهلة المحددة، لأن فعل ذلك يعني أن الدوحة خضعت نفسيا لتأثير محور الحصار، وإن رفضت المطالب الواردة في ورقتهم.
في موازاة المعركة الدبلوماسية الجارية، من المهم جدا عدم إهمال الحرب النفسية وتأثيراتها وتبعاتها، فهي كذلك أداة قيّمة من أدوات المواجهة، ومن المهم أن تكون في موقع قوي فيها.
رد الدوحة على ورقة محور الحصار خلال المهلة، من شأنه أن يعطي قيمة للورقة والقائمين عليها، في حين أن الحقيقة تقول إنها سخيفة، ولا تمتلك أي قيمة فعلية.
من المهم جدا كذلك، عدم إعطاء دول محور الحصار نقاطا مجانية، فبعض قادة دول هذا المحور يعانون من متلازمة انتفاخ الذات مع فراغ المضمون، وسيكون من الجيد حرمانهم من الشعور بالرضى، وبأن تهديداتهم قد آتت أكلها، وإن كان في أمر بسيط كهذا.
الدول الكبرى والفاعلة في المجتمع الدولي -وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية- كانت قد قالت كلمتها بشأن هذه اللائحة بشكل مسبق، عندما أشارت إلى ضرورة أن تكون المطالب واقعية وقابلة للتنفيذ.
وبما أن المطالب جاءت عكس ذلك، فهذا يعني أنها غير مقبولة من قبلهم أيضا، بكليتها العامة، ولهذا السبب بالتحديد، فإن تأخر قطر في تسليم ردّها لدور محور الحصار لن تكون له تبعات على الأرجح، لناحية مواقف الدول الكبرى من الدوحة.
وفيما يتعلق بالوسيط الكويتي، فإن دول محور الحصار عطّلت بشكل مسبق دوره في الوساطة وأفرغته من مضمونه عندما أصرت/ وتصر على إفشاله من خلال رفضها المسبق للتفاوض وتقديمها هذه اللائحة التعجيزية بالنسبة له.
ولذلك، فإن عدم تسليم قطر الرد خلال المهلة قد يتيح إعادة إحياء الدور الكويتي من زاوية ضيقة.
أما من ناحية دول محور الحصار، فإن تأجيل الرد القطري بضعة أيام إلى ما بعد المهلة المحددة سيضعهم في موقع غير مريح بتاتا.
التأخر عن الرد خلال المهلة يعني أن دول محور الحصار ستضطر إما لانتظار قطر بضعة أيام، وهذا يعني أن موقف الدوحة ترك تأثيره عليهم وأجبرهم على الانتظار، وإما إلى اعتبار المطالب لاغية كما ورد في البند 12، وفي هذه الحالة لم تخسر الدوحة شيئا، لأن ردها الأساسي هو الرفض في العموم.
التأجيل سيرسل رسالة غير مباشرة إلى دول محور الحصار -التي تنظر إلى نفسها كقوى إقليمية كبرى- مفادها أن الدوحة لا تخشى التهديد الصادر عنهم، وهذا سيخلق مزيدا من الحرج لدى هذه الدول.
فإما أن ترد بمزيد من التصعيد بشكل غير مقبول من المجتمع الدولي، ما يؤدي إلى عزلها دبلوماسيا، أو أن تقوم بالنزول عن الشجرة العالية التي صعدت إليها، وتكون الدوحة قد كسبت عصفورين بحجر.
انطلاقا من التجربة السابقة والعقلية غير الناضجة والمراهقة السياسية التي تدار بها دول محور الحصار، لا أعتقد شخصيا أنها ستتجه باتجاه الخيار الثاني، على الأقل في هذه المرحلة، وسأتفاجأ إن حصل هذا فعلا.
أما بالنسبة إلى خيار التصعيد، فربما لن نضطر إلى الانتظار طويلا لرؤية انعكاساته السلبية عليهم حتى وإن افترضنا موافقة الدوحة لاحقا على بعض المطالب المعقولة، فإن الأضرار التي ستصيبهم في هذه الحالة ستكون أكبر بكثير من أي تنازل معقول قد تقدّمه قطر لاحقا في استجابة لأي مطالب واقعية وقابلة للتنفيذ.