اعتمد
المغرب برنامجا أوليا لتعويم قيمة الدرهم تحت وصاية البند الثامن من
صندوق النقد الدولي، وسط إجراءات نقدية ومالية صارمة تـحسبا لأي مضاربات على العملة، التي تخوض تجربة تحرير سعر الصرف للمرة الأولى منذ اعتمادها عملة قابلة للتحويل عام 1993.
ووزع البنك المركزي المغربي تعميما مشتركا مع وزارة المال والاقتصاد على كل المصـارف التجارية ومؤسسات النقد والصيرفة ووكالات الائتمان والتأمين والشركات العاملة في التصدير والوسطاء الماليين ومكاتب الصيرفة، تشمل الإجراءات الإدارية والأطر القانونية التي يجب اعتمادها في تحرير سعر صرف الدرهم أمام غالبية العملات الدولية، تحت طائلة المساءلة القانونية التي تعطي للمصرف المركزي حق الرقابة على المصارف، بما فيها العقوبات الرادعة التي قد تصل إلى سحب الترخيص.
وقالت مصادر مطلعة وفقا لصحيفة "الحياة"، إن تحرير صرف العملة سيستغرق سنوات طويلة تمتد إلى 15 سنة في المتوسط، وسيُنفذ في شكل تدريجي تماشياً مع عملية الاندماج في السوق النقدية وسلوك المتعاملين والتحولات المالية والظرفية الاقتصادية ومناخ الأعمال. ووفقاً للمصادر، سيتم تعويم جزء بسيط من قيمة العملة قد لا يتجاوز 5 في المائة في المرحلة الأولى، بهدف جس نبض السوق والمتعاملين والوسطاء.
وقال محافظ البنك المركزي المغربي، عبداللطيف الجواهري، إن الانتقال السلس من سعر صرف محدد إلى نظام صرف مرن ومحرر، يحتاج إلى مساهمة إيجابية من جميع الأطراف والمتدخلين، لافتاً إلى أن الرباط قررت تحرير عملتها من دون إملاءات خارجية أو وصاية من صندوق النقد الدولي، الذي منح الرباط ثلاثة خطوط ائتمانية بقيمة 14.5 مليار دولار على مدى ست سنوات تنتهي حلقتها الأخيرة العام المقبل.
وتتخوف السلطات النقدية من مضاربات محتملة على العملة على غرار ما حدث الشهر الماضي، إذ سُحب أكثر من بليوني يورو من الاحتياط النقدي، وانخفض المخزون الأجنبي والذهب من 258 مليار درهم إلى نحو 229 ملياراً.
وتحدثت مصادر عن سحب نحو أربع مليارات دولار من السوق النقدية في سنة، ما يفسر ارتفاع سعر صرف اليورو إلى 11.80 درهم في السوق السوداء، في مقابل 11 درهماً في السوق الرسمية.
وقررت المصارف ومكاتب الصيرفة منع صرف أيّ ورقة نقدية من فئة 500 يورو أو 500 دولار، لقطع الطريق أمام المهربين وتجار المخدرات ومهربي المهاجرين والعملات عبر الحدود.
وصدرت أوامر إلى العاملين في قطاع الصيرفة بعدم مبادلة الأوراق النقدية فوق 100 يورو أو فرنك أو جنيه أو دولار، لسد الطريق على مهربي العملات عبر الحدود وأخطار دخول شبكات إجرامية على خط تعويم العملة.
ولاحظ متعاملون ارتفاع سعر صرف بعض العملات خصوصاً اليورو، وزيادة الطلب على العملة الأوروبية الموحدة التي تُشكل 55 في المائة من تجارة المغرب الخارجية، و70 في المائة من السياحة الدولية.
وتتضمن الإجراءات الجديدة السماح للمسافرين المقيمين زيادة تحويلاتهم إلى الخارج عبر البطاقات المصرفية إلى 6 آلاف يورو سنوياً، بدلاً من 4 آلاف حالياً. كما سُمح لشركات التصدير الحفاظ على جزء من المدخرات خارج البلد.
وأشارت المصادر إلى أن الهدف الاستراتيجي من تحرير العملة هو تحرير هيكلية الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ الأعمال والتجارة الخارجية وزيادة التدفقات والاستثمارات الأجنبية ورفع حجم الصادرات وزيادة تنافسيتها الدولية، خصوصاً نحو الأسواق الجديدة في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا والقارة الأميركية.