نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعده كل من إيما غراهام هاريسون وغراهام روديك، يقولان فيه إن الصحافيين في قناة "
الجزيرة"، التي يطالب التحالف السعودي الإماراتي بإغلاق عملياتها، يحاولون في غرف الأخبار وإعداد تقارير من أنحاء العالم، وضع مظاهر القلق جانبا، بأن القصة التي يغطونها قد تكون هي الأخيرة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى التحالف الذي تقوده
السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ويطالب حكومة
قطر بإغلاق القناة، كواحد من 13 شرطا لرفع الحصار المفروض على البلد؛ جوا وبرا وبحرا.
ويورد الكاتبان أنه مع انتهاء المهلة المحددة، فإن الصحافي البارز في الشبكة الإنجليزية جمال الشيال يقول إن الصحافيين جاهزون للعمل تحت الضغط، ويضيف: "دون أن نبدو دراميين، فإن هذه ليست المرة الأولى التي نتعرض فيها للضغط".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "قناة (الجزيرة) قامت، على مدار عقدين من الزمان، بإحداث نقلة في المشهد
الإعلامي في الخليج، وأغضبت في نقطة ما معظم الدول في المنطقة، التي لا تتمتع بتقاليد ديمقراطية أو إعلام مستقل".
وينقل التقرير عن الشيال، قوله: "تعودنا العمل تحت المطرقة؛ لأن (الجزيرة) استثنائية، فهي منظمة إخبارية مستقلة في منطقة مليئة بالقنوات الدعائية".
ويلفت الكاتبان إلى أن القناة الإنجليزية، التي حصلت على جوائز دولية، ويعترف بها دوليا، ليست الهدف الوحيد للحصار، لكن القناة العربية، التي تصل إلى قطاع أكبر من المشاهدين العرب، وتتميز تغطيتها بالجدل، هي الهدف الحقيقي للحصار.
وتذكر الصحيفة أنه تم إطلاق قناة "الجزيرة"، اعتمادا على فريق "بي بي سي عربي"، في عام 1996، بعد إغلاقها بسبب الضغوط السعودية، حيث يقول آخر مدير إداري للقناة العربية إيان ريتشاردسون: "أخذوا معهم روح (بي بي سي)"، لافتة إلى أن حوالي ثلثي الفريق السابق انضموا للقناة، ويقول ريتشاردسون، الذي ظل على اتصال معهم، إن الأزمة الأخيرة ستذكرهم بذكريات مرة عانوا منها.
ويضيف ريتشاردسون: "أعتقد أنهم سيشعرون بالحزن الشديد، ولا يعرفون أين سيمضون، وأنا متأكد من أن العاملين في غرف الأخبار يسألون أنفسهم عن ما إذا كانوا سيدفعون الثمن، ويخسرون وظائفهم ويشاهدون شيئا بنوه بفخر ينهار أمام أعينهم".
وينوه التقرير إلى الاتهامات التي تعرضت لها القناة، من معاداة السامية إلى الطائفية، مستدركا بأن الدول التي تستهدف القناة لا تركز في الحقيقة على المعايير الصحافية، أو التوتر الطائفي، بل دعم القطريين للثورات العربية والجماعات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين، حيث ترى الملكيات المطلقة والحكومات الديكتاتورية أن هذه الجماعات تدفع باتجاه تغيير الأنظمة، وهي بالتالي تمثل تهديدا وجوديا لها.
وينقل الكاتبان عن المدير الإداري لقناة "الجزيرة" الإنجليزية غايلز تريندل، قوله: "يبدو أن هناك حملة تشويه جارية"، ويضيف: "يمكنني رد هذه الحملة إلى عام 2011، عندما بدأ ما يطلق عليه الربيع العربي، وكان هناك حديث عن الديمقراطية، والتخلص من الأنظمة المستبدة، وأعتقد أن هذه الأنظمة، التي لا تزال في مكانها، أو التي عادت للظهور، بشكل أو بآخر، ترى أن هناك منظمات، مثل (الجزيرة)، لا تزال تهددها".
وتورد الصحيفة نقلا عن رئيس جمعية الصحافيين البريطانيين تيم داوسون، قوله إن الهجوم السياسي على "الجزيرة" يعد هجوما على الإعلام، فـ(الجزيرة) من ناحية منتجها التحريري وكهيئة توظيف ليست فوق النقد، لكن هذا لا يجعل الدعوة لإغلاقها أقل فظاعة".
ويجد التقرير أن قرار إغلاق القناة سيكون مدمرا لموظفيها وعائلاتهم، الذين سيجدون أنفسهم بلا وطن، إن جاءوا من دول انتقدتها القناة، حيث يقول داوسون: "لو أذعنت قطر للمطالب السعودية الشائنة، وأغلقت (الجزيرة)، فإن هذا القرار سيؤدي إلى تحطيم طاقمها، وسيخسر الفريق العامل فيها من
بريطانيا وظائفه، ولن يجد معظم العاملين في قطر وطنا لهم".
ويستدرك الكاتبان بأنه رغم أن القناة تعود للدولة القطرية، إلا أن العاملين لا يعرفون موقفها أو طبيعة المفاوضات، فيقول تريندل: "غدا (اليوم) سنرى ما لدى وزير الخارجية بالنسبة لنا، ولا نعرف رد الحكومة القطرية، ولا نعرف الرد عليها، ومن الصعب التكهن".
وتبين الصحيفة أن العاملين في القناة يشعرون في الوقت الحالي بالتشجيع من موقف المؤسسات الإعلامية حول العالم، حيث وصفت مجلة "إيكونوميست" طلب إغلاق القناة بأنه مماثل لطلب الصين من بريطانيا إغلاق "بي بي سي"، ووصفه المعلق في "التايمز" هيوغو ريفيكند بانه أكبر هجوم على الإعلام منذ 50 عاما.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن العاملين في القناة يشعرون بالإحباط، كما يقول الشيال، من المواقف الغربية المترددة، ويقول إن القناة طلبت من السعوديين والإماراتيين أكثر من مرة الظهور على القناة لشرح أسباب الهجوم عليها، وهذا "يظهر التزامنا بالحيادية، ونحن راغبون بمنحهم منبرا؛ لشرح سبب رفضهم لوجودنا".