أعلن اللواء المتقاعد خليفة
حفتر أن قواته فرضت سيطرتها الكاملة على مدينة
بنغازي (شرقي
ليبيا)، واصفا ما حدث بـ"التحرير الكامل للمدينة من الإرهاب"، وأن المرحلة القادمة ستكون مرحلة إعمار بنغازي، حسب بيان متلفز مساء الأربعاء.
ووجه حفتر، الذي ظهر مرتديا زيا عسكريا أبيض مزينا بالأوسمة، الشكر للدول الشقيقة والصديقة التي دعمت قواته في معركتها التي استمرت ثلاث سنوات، دون ذكر دولة بعينها.
في المقابل، نفى عسكريون وناشطون من المدينة سيطرة حفتر الكاملة على بنغازي، وأن هناك من يقاتلون حتى الآن في بعض المناطق، لكنهم لم ينفوا تقدم القوات التابعة للحكومة المؤقتة التي يقودها حفتر.
هل سيطر فعليا؟
واستمرت
معارك حفتر في الشرق الليبي أكثر من ثلاث سنوات، دمرت قواته فيها عدة أحياء في مدينة بنغازي، وارتكبت انتهاكات تصل إلى جرائم حرب، لكنه أعلن أخيرا سيطرته الكاملة، وهو ما طرح تساؤلات، من قبيل: هل هي سيطرة فعلية ونهائية؟ ومن ساعده تحديدا في ذلك؟ وأين ذهب مقاتلو ما يسمى مجلس شورى بنغازي المناوئون له؟ وهل سينقل حفتر معاركه إلى مناطق أخرى؟
ضابط يكشف
من جهته، أكد الضابط في رئاسة الأركان الليبية بطرابلس، العقيد عادل عبد الكافي، أن "معركة بنغازي لم تنته بعد، رغم إعلان حفتر نهايتها وتقدمه في محور الصابري، لأنه حتى الآن توجد مجموعات تقاتل ضده رغم القصف الذي تقوم به طائرات الدول الداعمة له، وكيف نسمي الاستنزاف البشرى لليبيين وآلاف القتلى وتدمير بنغازي وتهجير آلاف العائلات بالانتصار أو التحرير"، حسب كلامه.
وأوضح أن "ظهور حفتر بالزي العسكري الأبيض، وعليه الأوسمة، هدفه إرسال رسالة للداخل والخارج بأنه أنجز شيئا بعد ثلاث سنوات وأكثر، وبداية الانتقال إلى مرحلة أخرى من الصراع في منطقة أخرى".
طائرات إماراتية
وكشف العقيد الليبي لـ"عربي21" أن "دولة الإمارات هي التي قامت بدعم حفتر بطائرات "كام كوبتر" وطائرات "بري داتور"، وأنها شاركت في المعركة الأخيرة، وهي التي ساعدته على التقدم في بعض المناطق؛ لأن أزمة حفتر كانت في الاقتراب من خطوط الاشتباك، ولم يستطع التقدم، وعانى من الخسائر الكبيرة في الأرواح والآليات، ولولا الطائرات الإماراتية ما استطاع أن يتقدم مترا واحدا حول بنغازي"، وفق قوله.
وحول أين سينقل حفتر معاركه القادمة، قال عبد الكافي: "سينقل حفتر معاركه إلى مدينة
سرت؛ لأن هناك قوة داعمة له من مقاتلي "داعش"، التي تم توفير ممرات آمنة لها من بنغازي إلى حدود سرت، وتمركزت مجموعة منها بمنطقة "هراوة" (شرق سرت)، ومجموعة أخرى جنوب غرب سرت بمناطق ما حول مدينة بني وليد".
انتصار تاريخي
لكن العضو السابق في المؤتمر الوطني العام الليبي، محمد دومة، رأى من جانبه أن "تحرير بنغازي هو نهاية لفصل دموي في تاريخ ليبيا المعاصر، وسيكون البداية الحقيقية لخروج ليبيا بشكل عام من أزمتها السياسية والاقتصادية الخانقة"، حسب وصفه.
وأكد أن "سيطرة "الجيش" على المدينة بشكل كامل تعني سياسيا "أننا بصدد مرحلة سياسية جديدة قد نشهد انتخابات تشريعية قريبا"، كما قال لـ"عربي21".
وقال الكاتب الليبي إبراهيم قويدر إن "جهود المناضلين في بنغازي توّجت بالنصر المبين على الظلمة المجرمين، وإن هذا الانتصار سيمكّن قيادة "الجيش الليبي" من أن تستمر في خوض معاركها العسكرية والسياسية؛ من أجل توحيد البلاد، وإعادة هيكلة الدولة".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الجانب المهم بالنسبة لبنغازي هو الاهتمام بالنازحين، وتقديم العون لهم؛ لأن كمية الدمار كبيرة، والإهمال أو التباطؤ في هذا الشأن سيحدث غضبا شعبيا كبيرا لا تحمد عقباه"، حسب قوله.
خطاب تصعيدي
لكن الناشط السياسي من بنغازي، فرج فركاش، أكد أن "تصريحات بعض صقور البرلمان والناطق الرسمي للقيادة العامة أحمد المسماري لا تعطي مؤشرات إيجابية، خاصة بعد تصريح الأخير بأن "المؤتمر الصحفي القادم سيكون من قلب سرت"، وهذا النوع من الخطاب التصعيدي لا يساعد على الاستقرار أو المصالحة".
وتابع: "وبخصوص بنغازي، فالمعركة كانت محسومة منذ مدة، لكن محاولة نقل الصراع إلى مناطق أخرى سيزيد الوضع تعقيدا وتدهورا، وحان الوقت ليتقدم السياسيون خطوة للأمام، والبدء في الحوار؛ لتعديل الاتفاق السياسي، والوصول إلى قيادة سياسية موحدة تأتمر بأمرها مؤسسة عسكرية موحدة"، وفق قوله لـ"عربي21".