نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا سلط من خلاله الضوء على موجة التوتر القائمة في محيط المسجد الأقصى التي تنذر بمزيد من التصعيد، في حال واصل الاحتلال الإسرائيلي تعنته واستمر في حصاره الأمني الخانق الذي طال المسجد الأقصى والحرم القدسي.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مفتي القدس قد حذر من إمكانية وقوع "انفجار شعبي" في وجه السيطرة التي فرضتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أقدس موقع في المدينة، ألا وهو الحرم القدسي.
وقد جدّت هذه التصريحات بعد ساعات قليلة من إصابة خطيب المسجد الأقصى برصاصة مطاطية في خضم المواجهات الأخيرة بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين الفلسطينيين.
اقرأ أيضا: إصابة خطيب الأقصى بمواجهات في محيط الأقصى (فيديو)
وفي هذا الصدد، صرح الشيخ عكرمة صبري، متحدثا إلى الموقع البريطاني "ميدل إيست آي"، أن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على هذا الموقع المقدس من شأنه أن يقود حتما إلى المزيد من العنف، مؤكدا أنه لا يمكن تفادي هذا الأمر إلا في حال تم إلغاء نقاط التفتيش وإعادة فتح البوابات.
وأضاف الشيخ عكرمة صبري: "أريد أن أقول لإسرائيل والعالم أجمع، في حال كانت دولة الاحتلال تريد حقا إحلال السلام، ينبغي لها إذن أن تفتح حالا الأبواب الموصدة وتلغي الحواجز الأمنية التي وضعوها خلال الأسبوع الماضي".
وأردف الشيخ صبري، أنه "لا بد أن يحدث ذلك اليوم وقبل صلاة الجمعة، وإلا سينفجر الوضع من دون شك وكل الاحتمالات واردة، ولا تقولوا إننا لم نحذركم".
وذكر الموقع أن تعليقات الشيخ عكرمة صبري تأتي قبل يوم من الحراك المعلن عنه من قبل الفلسطينيين، الذين أطلقوا عليه اسم "يوم الغضب" في القدس والضفة الغربية المحتلة.
ويعتبر هذا التحرك بمثابة استجابة لدعوة أطلقتها حركة فتح وذلك لمجابهة التعنت الإسرائيلي على خلفية الهجوم الذي جدّ في الحرم القدسي يوم الجمعة الماضي والذي أودى بحياة ثلاثة فلسطينيين مسلحين فضلا عن اثنين من شرطة الاحتلال.
وتجدر الإشارة إلى أن الشرطة الإسرائيلية قد عززت بوابتين من أصل سبع بوابات في الحرم القدسي، الذي يضم المسجد الأقصى ثالث أهم معلم مقدس عند المسلمين، بالجنود في حين بادرت بغلق بقية البوابات.
وأوضح الموقع أن المفتي عكرمة صبري قد اعتقل بعد ساعات من تنفيذ الهجوم المسلح وتم استجوابه من قبل سلطات الاحتلال. وفي الأثناء، أصيب الشيخ صبري بجروح بليغة في خضم الاشتباكات التي جدت مساء يوم الخميس في بوابة الأسد، بعد أن قاد الآلاف من الفلسطينيين في مظاهرات إثر أداء الصلاة، عقب أسبوع من الفوضى. وقد نشبت العديد من المظاهرات الرافضة للتحركات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى في قلنديا وشعفاط وبيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.
ومن المثير للاهتمام أنه وإثر مرور بعض الوقت على هجوم يوم الجمعة، سارع وزير الأمن العام جلعاد أردان لتبرير الإجراءات الأمنية المشددة، مصرحا أن الأقصى قد استخدم بغية التحريض على الإرهاب، وبالتالي، على إسرائيل أن تفرض سيطرتها على الوضع.
ونقل الموقع تصريحات الشيخ عكرمة صبري، الذي أفاد أنه "ليس هناك أي قوة على الأرض لديها الحق في السيطرة على المسجد الأقصى وما تقوم به إسرائيل يعد بمثابة ممارسات عنيفة وبشعة في حق الفلسطينيين فضلا عن أن ذلك انتهاك صارخ للقوانين الدولية". وأردف الشيخ صبري، قائلا: "نحن نطالب أردان بسحب تصريحاته، التي أكد من خلالها أن هيكل المعبد يخضع لسيطرتهم، إذ أن هذه الإفادات خطيرة للغاية".
وأضاف الشيخ عكرمة صبري أن "إسرائيل قد وظفت الهجوم الذي وقع يوم الجمعة الماضي لبسط نفوذها على المسجد الأقصى، في محاولة منها للمضي قدما في مخططها الرامي لتغيير الوضع الراهن. نحن، وبالإضافة إلى آلاف المواطنين الذين قدموا للتظاهر في الأيام القليلة الماضية، نرفض ذلك قطعا".
وأشار الموقع إلى موقف الولايات المتحدة الأمريكية في خضم هذه التجاذبات، حيث أعربت واشنطن عن رفضها للتحركات التي تنتهجها إسرائيل فيما يتعلق بتركيز أجهزة كشف المعادن فضلا عن الأبواب التي وضعتها في وجه الفلسطينيين في محيط المسجد الأقصى. فضلا عن ذلك، دعا البيت الأبيض كلا من إسرائيل والأردن لإيجاد حل مناسب للوضع الراهن.
وفي هذا الصدد، أورد البيت الأبيض أن "الولايات المتحدة مهتمة جدا بتطورات الوضع القائم في الحرم الشريف، الموقع المقدس بالنسبة لليهود والمسلمين والمسيحيين، في حين أنها تطالب إسرائيل والأردن ببذل كل ما في وسعهما للحد من التوترات وإيجاد حل يضمن أمن العامة وهذا المعلم المقدس".
وبين الموقع أن أجهزة الأمن الإسرائيلية منقسمة بشأن مواصلة اتباع هذه الإجراءات المشددة في محيط المسجد الأقصى. فوفقا لبعض التقارير، يحاول "الشين بيت"، جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، الدفع نحو رفع تلك الحواجز، في حين حث جهاز شرطة الاحتلال الوزير أردان على مواصلة اتباع هذه الإجراءات التعسفية.
وفي الختام، أورد الموقع على لسان المفتي عكرمة صبري أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية قد بادرت إلى التصعيد حتى قبل الهجوم الذي وقع يوم الجمعة. وفي هذا السياق، أفاد الشيخ صبري، أن "إسرائيل تتعمد دائما خلق موجة من العنف في الأقصى وذلك من خلال سماحها للعديد من المستوطنين بالدخول إليه. وفي الأثناء، يحاول الإسرائيليون افتكاك السلطة من الوقف الإسلامي في القدس".