مع استمرار وتيرة المعارك بين
حزب الله والنظام السوري من جهة ومسلحي
هيئة تحرير الشام من جهة أخرى في منطقة
عرسال وجبال القلمون، تتواصل ارتدادات ذلك سياسيا في الداخل اللبناني، حيث إن الانقسام هو سيد الموقف تجاه مشاركة حزب الله في المعركة أو ما يقوله معارضوه إنه إلغاء لدور الدولة اللبنانية.
وعلى الرغم من إعلان سابق لرئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، أن
الجيش اللبناني سينفذ عملية في منطقة جرود عرسال، إلا أن اللبنانيين فوجئوا بأن حزب الله هو الذي أعلن بدء الحملة العسكرية، فيما اكتفى الجيش اللبناني بدور المراقبة وحماية الحدود.
ثنائية الجيش والحزب
وحيال الموقف الحالي، علق المحلل السياسي اللبناني شارل جبور بأن "هدف الجيش اللبناني هو حماية الحدود، وعدم نقل المعارك إلى داخل عرسال ومخيماتها".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21" أن "ما يحصل هو جزء لا يتجزأ من القتال داخل
سوريا، والحكومة اللبنانية غير معنية بهذا القتال، والأولوية اللبنانية هي حماية الحدود"، في إشارة إلى حزب الله.
اقرأ أيضا: الحريري: نعتزم القيام بعملية عسكرية عند الحدود السورية
في المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير، أن "الجيش اللبناني يقوم بمواجهة أي مجموعات مسلحة تحاول الدخول إلى لبنان فقط"، مضيفا في حديثه لـ"
عربي21" أن "الجيش قام بإجراءات عديدة قبل المعركة لمنع المسلحين من القيام بردات فعل".
وفي ما يتعلق بمسارعة حزب الله إلذي أعلن إطلاق الحملة العسكرية بمعزل عن الجولة اللبنانية، أكد جبّور أنه "لا يوجد أي غطاء لحزب الله، إذ إنه يقاتل في سوريا دون إذن الجيش والشعب اللبناني، وما نحن معنيون به هو عدم إعطائه الشرعية، وعدم مساعدته، وحماية الحدود هي مسؤولية الجيش".
وأشار إلى أن الموقف الرسمي "يعتبر بوضوح أن تدخل حزب الله في سوريا يشكل خروجا عن الإجماع والموقف الرسمي اللبناني ومقتضيات العيش المشترك في لبنان"، معتبرا أن "قتال حزب الله في سوريا يأتي انطلاقا من أولويات إيرانية وليست لبنانية".
لا تنسيق
ونفى جبور في حديثه وجود أي تنسيق من الحكومة والجيش مع حزب الله، وقال إن "الحكومة لم تفوضه بشكل رسمي، وهو يخوض المعركة في عرسال على غرار المعارك التي حصلت في حمص و إدلب وغيرها".
ونوه إلى أن "مسألة قتال حزب الله في سوريا وسلاح حزب الله، هي إحدى الإشكاليات ونقاط الخلاف الأساسية في لبنان"، مستدركا بالقول: "لكن ما باليد حيلة، ولا تستطيع الحكومة نزع سلاح حزب الله ومنعه من القتال في سوريا".
اقرأ أيضا: أعنف هجوم من الطفيلي على حزب الله والجيش بسبب عرسال (شاهد)
بدوره، رد قصير على جبور حول هذه النقطة، بالقول: "حزب الله يشارك في المعركة من ناحية الداخل اللبناني، ومن خلال اتخاذ سلسلة إجراءات بين منطقة جرود عرسال ومخيمات النازحين وذلك لمنع تسلل المسلحين إلى داخل المناطق اللبنانية".
وأضاف أن "حزب الله مهّد للقيام بالمعركة من خلال حملة إعلامية تشير إلى مخاطر استمرار وجود المسلحين في جرود عرسال".
مصير الحدود واللاجئين
وعن مصير الحدود السورية اللبنانية بعد انتهاء المعركة، رأى جبّور أن الحدود "لن تتأثر، لأن الجيش اللبناني يحكم قبضته على الحدود لمنع المسلحين من الدخول إلى عرسال، وهو يقوم بمهمته على أفضل وجه ولا مخاوف على الحدود من هذا الجانب".
في حين أشار قصير إلى أنه "لا يمكن حاليا تحديد مستقبل منطقة الحدود، لكن حزب الله عمد قبل المعركة لتسليم مناطق عديدة للجيش اللبناني قرب الحدود، وبعد انتهاء المعركة من مصلحة الحزب تسليم الجرود للجيش".
أما في ما يتعلق بمصير عشرات آلاف اللاجئين السوريين، فرأى المحلل السياسي شارل جبور أن "الهدف الأساسي للجيش والحكومة اللبنانية هو توفير الحماية للاجئين والمواطنين اللبنانيين المقيمين في عرسال، وفتح طريق آمن أمام النازحين وتوفير الأمن لهم داخل المخيمات".
وأكد أنه "لا يمكن ترحيلهم إلا وفق خطة شاملة عن طريق الأمم المتحدة لمناطق آمنة داخل سوريا وعودتهم لاحقا من المناطق الآمنة إلى بلداتهم داخل سوريا"، مشددا في الوقت ذاته على أنه "لن يلزَم أحد بالعودة، خصوصا مع رفضنا لأي تنسيق مع النظام السوري لأنه هو المسؤول عما حصل مع شعبه".
أما قصير فرأى بخصوص هذه المسألة، أن "وضع اللاجئين سيتغير إذا لم تنتقل المعركة إلى المخيمات"، مرجحا أنه بعد انتهاء المعركة "قد يكون وضع اللاجئين أفضل، وقد يفتح المجال لعودة قسم منهم إلى سوريا كما حصل مع سكان عرسال الورد قبل شهر تقريبا".