نشرت صحيفة "لبيراسيون" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن مكانة المرأة في المجتمعات
الباكستانية، حيث ألقي القبض، في إقليم البنجاب، على 24 عضوا من مجلس القرية بعدما اغتصبوا فتاة في سن المراهقة على مرأى الجميع، وذلك انتقاما لجريمة أخرى مماثلة كانت قد حدثت في وقت سابق.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
النساء في هذه المنطقة ما زلن يدفعن ثمن أفعال أقاربهن الذكور.
وتعود جذور هذه القضية إلى الفترة التي قام فيها شاب يبلغ من العمر 17 سنة باغتصاب طفلة لم يتجاوز عمرها 12 سنة، عندما كانت في إحدى الحقول تقوم بجمع العشب.
والعار في مثل هذه المجتمعات يلحق بعائلة الضحية عوضا عن المعتدي. فعندما تم عرض هذه القضية على المجلس القروي، الذي يتكون من 27 رجلا، قرر أعضاؤه أن شرف العائلة الضحية لا يمكن أن يتطهر إلا إذا قام شقيق الضحية باغتصاب شقيقة المتهم. وعلى إثر ذلك القرار، تم جلب أخت الجاني من سريرها، في وقت متأخر من الليل، من قبل أعضاء المجلس القروي، وتم اغتصابها في مكان عام.
وأشارت الصحيفة إلى أن عقاب
الاغتصاب في هذه المجتمعات هو الاغتصاب. وفي أغلب الأحيان، يمكن أن تنتهي هذه القضايا بمباركة الشرطة المحلية، على غرار العديد من الحالات الأخرى التي تداولتها الصحافة الإقليمية.
وفي مثل هذه المناطق الريفية التي تعيش تحت نير الإقطاعيين، سيستمر هذا النظام القضائي الموازي في عمله؛ نظرا لعدم كفاءة المحاكم في حل النزاعات بين العشائر. ولذلك، تسن المجالس القروية أحكاما، بموجب قانون العشائر، ليس لها أية علاقة بالقانون الرسمي للبلاد.
ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان العضو في اللجنة الوطنية الباكستانية لشؤون المرأة، فريدة شهيد، قولها: "إننا نشعر بالغضب جراء تواصل عمل هذه الأنظمة غير القانونية والموازية للعدالة، مع العلم أن المحكمة العليا لإقليم السند الباكستاني قد بتت في مثل هذه الممارسات، منذ بضع سنوات. وبالتالي، طالب العديد من الناشطين الحكومة برفع الحصانة عن هذه الجماعات".
وقد قام رئيس المحكمة العليا ورئيس وزراء إقليم البنجاب؛ بإصدار أمر بإيقاف العديد من أعضاء الشرطة المحلية، فيما تساءلت فريدة شهيد عن الأسباب التي تقف وراء عدم تحرك الشرطة المحلية أمام هذه
الانتهاكات.
وعلى الرغم من أن جريمة الاغتصاب وقعت في 16 من هذا الشهر، إلا أن الشرطة لم تصدر تقريرها الأول حول هذه الجريمة سوى يوم 21 منه، مع العلم أنها قد قامت بعرض الضحية على مركز العنف ضد المرأة في 18 من هذا الشهر.
وأفادت الصحيفة أنه تم افتتاح أول مركز لمناهضة العنف ضد المرأة خلال شهر آذار/ مارس، في منطقة الملتان التابعة لإقليم البنجاب، التي تشهد العديد من اعتداءات رش الحمض والاغتصاب والخطف بحق النساء. وفي سنة 2016، صادق الإقليم على قانون حماية المرأة من العنف، على الرغم من معارضة العديد من المجموعات الدينية التي تدعي أن هذا القانون سوف يساهم في "ارتفاع معدلات الطلاق" و"تدمير نظام الأسرة التقليدية".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المركز يسير على خطى "مركز أزمات المرأة" الذي يوجد في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، حيث يمثل ملجأ للنساء المعنفات، ويعمل بالتنسيق مع جهات قانونية وطبية. وهذا المركز تولى معالجة هذه الفتاة الضحية في الحالة الجديدة، وتمكن من تشجيع عائلتها على رفع شكوى، ما أدى إلى سجن 23 شخصا من كبار ذلك المجلس القروي. في المقابل، تمكن مغتصبها من الفرار.
وأكدت الصحيفة أن البرلمان الباكستاني شدد العقوبات على جرائم الاغتصاب، وسن عقوبة تصل إلى السجن لمدة 25 سنة. لكن فريدة شهيد تقول إنه "ينبغي مقاضاة جميع أعضاء مجلس القرية، بدلا من المغتصبين المزعومين فقط. فحتى الشرطة والسلطات المحلية، يجب أن تتحمل مسؤولية مثل هذه الأحداث في الولايات التي تعمل داخلها".
وأشارت الصحيفة إلى جريمة مماثلة وقعت خلال سنة 2002، حيث أصدر على إثرها المجلس القروي حكما ينص على القيام باغتصاب جماعي لشقيقة أحد الفتيان الذي اتهم عن طريق الخطأ بمغازلة فتاة أخرى. لكن الضحية تحدت مجتمعها ورفعت شكوى ضد المعتدين، بيد أن المحكمة قامت بتبرئة الجناة بحجة عدم وجود أدلة كافية لإدانتهم.