جاءت ملحمة
الأقصى الأخيرة، والانتصار
الفلسطيني الكبير والمتميز وفرض الإرادة الفلسطينية على سلطة الاحتلال وصلفه؛ لتدشن مرحلة جديدة من مراحل النضال، ليس الفلسطيني فقط، ولكن النضال العربي والإسلامي، خاصة أن قضية الأقصى لا تهم الفلسطينيين فقط، ولكنها تهم جموع العرب والمسلمين، وعليهم أن يفرحوا بهذا النصر، وإن كان بطله الحقيقي هو الشعب الفلسطيني بصموده الرائع على مدار أسبوعيين في مقاومة سلمية في مجملها العام، ولكنها لم تفتقد للنضال المسلح الذي فرضه الكيان الصهيوني على أبطال الأقصى دفاعا عن النفس أو ثأرا لشهداء. ولكن المشهد العام كان راقيا بسلميته وتوحده وتماسك نسيجه، بطريقة أعادت لنا ذكريات الزمن الجميل مع الربيع العربي، وتلك المشاهد التي أشاد بها العالم أجمع، وها هو الشعب الفلسطيني يعيد لنا ربيعنا العربي مرة أخرى.
نصر بإرادة شعبية
والحقيقة التي لا يختلف عليها أحد؛ أن هذا النصر هو صناعة شعبية فلسطينية خالصة، ليس لأي جهة رسمية فضل فيه، سواء فلسطينية أو عربية، وهذا هو النصر الحقيقي، حيث استطاعت الشعوب أن تفرض كلمتها سواء على المحتل من ناحية أو على الحكام العرب من ناحية أخرى التي دائما ما كانت تلجأ في حال تدخلها إلى تفريغ أي نضال فلسطيني من مضمونه، والضغط باتجاه "فرملته" وعدم دعمه، والحيلولة دون تحقيق مكسب حقيقي، ومحاصرة الإرادة الفلسيطينة. ولكن هذه المرة كان القرار لأصحاب الإرادة والحق على الأرض، سواء رجال الدين أو المعتصمون حول الأقصى، وبالتالي كانت قرارات صائبة تحققت فيها الإرادة والعزيمة والإصرار على إنجاز المطلوب كاملا، وليس الاكتفاء بنصر جزئي، وهو ما تمثل في رفع كل الإجراءات التي من شأنها تقييد حركة دخول الأقصى، والعودة إلى ما قبل الرابع عشر من تموز/ يوليو.
فلسطين مصدر الأمل دائما
ولعل هذه الملحمة تكون ملهمة لباقي الشعوب العربية، كما جرى الأمر دائما، حيث كلما فقدت الشعوب العربية والإسلامية الأمل جاءها من داخل فلسطين وشعبها المحاصر والمحتل، وهو ما حدث من الانتفاضتين السابقتين، وكذلك معارك المقاومة الناجحة مع الكيان الصهيوني، وهو ما منح الشعوب العربية الثقة والأمل في النصر، وأنه يمكن تحقيقه واستنساخه بطريقة مختلفه وآليات أخرى في صراع الشعوب العربية مع القمع والاستبداد من جانب حكامهم، وهو ما جرى في ثورات الربيع العربي.
استعادة الحرية والكرامة
وأعتقد أن هذه الملحمة من جانب أبطال الأقصى ستكون دفعة جديدة لإعادة الثقة للشعب الفلسطيني، وتحقيق مزيد من الانتصارات على الكيان الصهيوني وكذلك للشعوب العربية، لاستعادة نفسها وبعث الربيع العربي من جديد، وتعلم الدرس المهم، وهو أن إنصاف الثورات والمطالب ترتد بأثر عكسي، ولكن الإصرار على النصر كاملا يأتي به، وهو ما يجب أن تتعلمه شعوب الربيع العربي لتحقيق النصر واستعادة الحرية والكرامة.