لا تزال الزيارة التي قام بها ملك الأردن للضفة الغربية، تحمل الكثير من التساؤلات عن القضايا التي جرى بحثها، خاصة وأن الزيارة "المفاجئة" بحسب محللين؛ تمت في ظرف سياسي حساس وحملت العديد من الأسرار والرسائل.
الزخم الشعبي
وقام العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بزيارة رام الله الاثنين الماضي، بعد غياب دام خمس سنوات، واجتمع برئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس، الذي قرر عقب أزمة المسجد
الأقصى المبارك وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال
الإسرائيلي.
وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي عدنان أبوعامر، أن "الإسرائيليين لم تقع عليهم زيارة الملك عبد الله إلى رام الله، بردا وسلاما، وهم يعتقدون أن هذه الزيارة حملت عدة مضامين".
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "من ذلك؛ ما يتعلق بالوضع الداخلي في الأردن، حيث يسعى الملك إلى استعادة الزخم الشعبي، بعد ما اعتبره الأردنيون سلوكا نم عن ضعف أردني؛ عقب عودة حارس السفارة الإسرائيلية قاتل المواطنين الأردنيين إلى تل أبيب، وذلك بدون اعتقاله أو محاكمته".
وأشار أبو عامر إلى أن "الإسرائيليين يعتبرون أيضا أن هذه الزيارة ولقاء عباس، تحمل رسالة دعم وإسناد له في ظل حالة العزلة السياسية التي يواجهها من قبل إسرائيل والإدارة الأمريكية"، كما قال.
التفاف أردني
ورأى أن الجانب الإسرائيلي، أدرك أن رئيس السلطة وملك الأردن؛ تمكنا من "تشكيل توافق أردني فلسطيني حول إدارة الوقف الإسلامي في المسجد الأقصى، بعدما ترددت أنباء عن وجود التفاف أردني على الموقف الفلسطيني في هذا الموضوع، والاكتفاء بالتفاهمات الأردنية الإسرائيلية".
ونوه الخبير في الشأن الإسرائيلي؛ إلى أن الاحتلال "يرى أن هذه الزيارة التي لم تشمل إسرائيل؛ غير موفقة من قبل الأردن، وقد تسهم في زيادة التوتر الحاصل بين عمان وتل أبيب، على خلفية مقتل الأردنيين على يد الحارس الإسرائيلي وسط عمان"، على حد قوله.
ولفت أبو عامر إلى أن "إسرائيل تزعم بشكل دائم، أن الأردن محاط بتهديدات من الداخل والخارج، مصدرها تنظيم الدولة واللاجئون السوريون في الأردن، إضافة لمخاطر الوطن البديل"، مؤكدا أن "إسرائيل تعتقد أن هذه المخاطر والهواجس تقرب الأردن منها أكثر فأكثر، وتعزز من مكانة إسرائيل، أنها بوابة الأمان للأردن أمام تلك المخاطر".
وتابع: "هذه الزيارة قد تكون أظهرت لإسرائيل، أن الأردن غير مكترث بالرعاية الإسرائيلية له، في الوقت الذي تعتبر إسرائيل هي إحدى صمامات الأمان للأمن الأردني في الداخل والخارج، وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان".
اجتماع مغلق
من جانبه؛ رأى أستاذ العلوم السياسية، مخيمر أبو سعدة، أن زيارة ملك الأردن لرام الله والتي أتت بعد خمس سنوات من زيارته الأخيرة "كانت مفاجأة، وجاءت في ظرف سياسي حساس بعد أحداث المسجد الأقصى الأخيرة".
وقال في حديث لـ"عربي21": "صحيح أن الزيارة حملت دعما وإسنادا للرئيس عباس، ولكن الأمر لم يقتصر على ذلك، حيث جرى اجتماع مغلق بين الرجلين استمر نحو نصف ساعة".
ورجح أبو سعدة، أن يكون قد تم خلال تلك الجلسة المغلقة "البحث في موضوع خلافة الرئيس عباس، ومناقش عقد المجلس الوطني الفلسطيني، وهو ما يترتب عليه انتخاب لجنة تنفيذية جديدة وأمين سر لها، وبالتالي تهيئة المسرح السياسي لما بعد فترة الرئيس محمود عباس، الذي عاني مؤخرا من أزمة صحية تطرح تساؤلات عن مستقبل السلطة والقيادة الفلسطينية"، وفق تقديره.
ومن بين الأمور التي نوقشت في هذا اللقاء، نوه أستاذ العلوم السياسية إلى أنه "ربما تم طرح كيفية مواجهة عدم الانتباه الأمريكي الإسرائيلي لقضية المفاوضات وحل الدولتين".
وأكد أن السلطة الفلسطينية "تعاني الكثير من المشاكل، منها التهميش السياسي من قبل إسرائيل وأمريكا، كما كشفت أزمة الأقصى حالة الإحباط تجاه ما تقوم به إسرائيل تجاه القدس والمسجد الأقصى"، مضيفا: "كما أن القضية الفلسطينية لم تعد القضية المركزية بالنسبة لدول الخليج تحديدا"، حيث يدور الحديث عن توجه بعض تلك الدول للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وختم أبو سعدة حديثه بالقول إن الأردن "لا يريد أن يتم حل أي مشكلة فلسطينية على حساب الأردن ومستقبله السياسي"، كما قال.