نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلقة والناشطة وجاهت علي، ناقشت فيه المعايير المزدوجة للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب في ضوء أحداث
تشارلوتسفيل، وقارنت بين موقفه الرافض لشجب جماعات التفوق العرقي الأبيض، ومسارعته لشجب أي هجوم يرتكبه
مسلمون أو ينسب لهم.
وتبدأ الكاتبة مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، بالقول: "يا أطفالي، لو كنتم نازيين أو قوميين بيض فسيقف الرئيس إلى جانبكم، ولو كنتم مسلمين، مهاجرين، سودا، إناثا، فللأسف فإنكم ستكونون وحدكم، حاولوا العمل في برج ترامب، أو شاركوا في مسابقة ملكة جمال العالم حتى تحققوا ما تريدون، حظا سعيدا".
وتقول علي: "لم أفكر بقول هذا لأطفالي، لكني لم أتوقع مطلقا أن يقوم الرئيس بمقارنات أخلاقية، أو اختلاق مبررات لإرهاب المتفوقين البيض، وبعد مؤتمره الصحافي يوم الثلاثاء نعرف أن الرئيس يؤمن أن (هناك جانبين) للعنف الذي اندلع في تشارلوتسفيل، وخلف وراءه امرأة قتيلة و19 جريحا، وعلى ما يبدو هناك (أكثر من جانب) للنزاع، إلا أن هناك رجلا واحدا وهو جيمس أليكس فيلدز، الذي وجهت له تهمة القيام بقيادة سيارته، عن قصد، بين المتظاهرين، وقتل الناشطة ضد العنصرية هيذر ماير، وفي مراجعة لموقفه من مأساة تشارلوتسفيل يظهر أن لدى ترامب معايير مختلفة للأمريكيين: واحدة لقاعدته وأخرى لليمين البديل، وثالثة للمسلمين والناس الملونين".
وتضيف الكاتبة: "بالنسبة لترامب فإنهم (أناس طيبون)، كما قال عن التجمع الذي نظمه اليمين البديل نهاية الأسبوع، وبعض هؤلاء (الناس الطيبين) ضموا رجالا ونساء من البيض، ارتدوا زي البحرية القديم وملابس من ماركة (غاب) وحملوا مشاعل (تيكي)، اشتروها من متجر (وولمارت)، وكان بعضهم مدججا بالسلاح، وهنفوا بشعارات عنصرية ومعادية للسامية، ورفعوا أيديهم بتحية النازية، ومع أنهم هتفوا (اليهود لن يحلوا محلنا) فإنهم سيمهدون الطريق لأحفاد الرئيس اليهود، وهؤلاء الرجال، الذين أسيء فهمهم، بحاجة إلى ضبط للنفس قبل شجبهم، بحسب موقف الرئيس".
وترى علي أنه "بالمقارنة، فإنه لم يكن هناك تردد من ترامب عندما تعلق الأمر بالمسلمين، فبعد كل شيء، هذا هو الرئيس الذي قال: (أعتقد أن الإسلام يكرهنا)، وهو من قام بطريقة وقائية وغير صحيحة بتحميل
الإرهاب الإسلامي مسؤولية إطلاق النار في مانيلا، واخترع هجوما إرهابيا مسلما لم يحدث أبدا على السويد، ولم يتردد في استخدام (الإرهاب الراديكالي الإسلامي)، على خلاف الرئيس باراك أوباما، الذي وصفه بالضعف، فبعد هجوم سان برناندينو، لم يقم بمدح (المسلمين الطيبين)، الذين يعيشون في الولايات المتحدة منذ 400 سنة، بل دعا بدلا من ذلك لمنعهم من دخول الولايات المتحدة، وبعد إطلاق النار في أورلاندو، قال إن على السلطات الفدرالية مراقبة المساجد".
وتشير الكاتبة إلى أنه "كونه رئيسا منتخبا، فإنه طار إلى أوهايو لزيارة ضحايا رجل مسلم، زعم أنه استلهم عمليته من تنظيم الدولة، عندما دهم بسيارته حشدا وجرح 11 شخصا، ومر أسبوع على حادث تشارلوتسفيل، ولم يزر ترامب بعد عائلة هيذر ماير، وفي الحقيقة لم يكن قادرا على ذكر اسمها في مؤتمره الصحافي يوم الثلاثاء".
وتلفت علي إلى أن "ترامب لم يكن قادرا على تسمية ما جرى نهاية الأسبوع الماضي بأنه فعل من الإرهاب المحلي، رغم أن وزير العدل جيف سيسشن، الذي انتقدته منظمات الحريات المدنية طوال حياته، وصفه بأنه عمل إرهابي، وبدلا من ذلك لا يزال ترامب ينتظر لينظر في الأمر؛ لأنه كما قال في مؤتمره الصحافي (عندما أصدر تصريحا أحب أن أكون دقيقا وأريد حقائق)".
وتعلق الكاتبة قائلة: "هذا يفسر ترويجه لفكرة ولادة أوباما خارج الولايات المتحدة، وأن الرئيس السابق تجسس على برج ترامب، أو تزييفه شريط فيديو يظهر مسلمين يحتفلون بهجمات 11/ 9، أو عندما تبنى فكرة خيالية عن تصويت 3- 5 ملايين مهاجر مسلم لهيلاري كلينتون".
وتقول علي إنها قد تساعد ترامب في الوصول للحقائق والجوانب المتعددة لهذه المعايير المزدوجة، من خلال تأطيرها في قصة يمكنه فهمها.
وتبين الكاتبة أن "المحتجين المسلحين في تشارلوتسفيل هم رجال محبطون وغاضبون، ويشعرون أنهم مقتلعون من التيار الرئيس في المجتمع، ولا أحد يسمعهم أو يريدهم، ولهذا وجدوا مجتمعا على الإنترنت يستمع لمظالمهم، وهم متحدون حول أيديولوجية التفوق، التي تعدهم بالمجد والشرف والكرامة، ويشعرون أن الطريق لخلق مجتمع نقي يكون من خلال تفوق قبيلتهم والتفوق على الجماعات المتدنية، وهذا هو الطريق ذاته نحو التشدد لتنظيم الدولة وللكثير من المتفوقين البيض، ولكنهم بحسب ترامب (أناس طيبون)".
وتتساءل علي قائلة: "إن كنتم لا تصدقون ما أقوله فتحدثوا مع كريستيان بيكولوني، الزعيم السابق لـ(إريا سكينهد) في شيكاغو، وعضو حركة النازيين الجدد التي تركها عام 1996، وهو ذاته ما قاله لي عندما قابلته قبل مؤتمر الرئيس الصحافي يوم الثلاثاء، وتقوم جماعته (الحياة بعد الكراهية) بالعمل على حرف البيض عن طريق التشدد، وحصلت منظمته على 400 ألف دولار منحة من إدارة أوباما، ضمن برنامج (مواجهة العنف المتطرف)، وكانت جماعته هي الوحيدة من بين الجماعات التي حظيت بالدعم التي تركز على مواجهة التفوق الأبيض، وقبل فترة قامت مساعدة ترامب كاثرين غوركا، التي لها تاريخ غني في كراهية المسلمين، وزوجة سبستيان غوركا، مساعد ترامب والمتهم بالانتماء لجماعة هنغارية معادية للسامية، بإقناع وزارة الأمن الداخلي بوقف الدعم عن جماعة (الحياة بعد الكراهية)".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "ربما لو كان الرجل الذي قاد السيارة في تشارلوتسفيل مسلما لكان الرئيس قادرا على النطق بـ140 حرفا، ولاستطاع التوصل للوضوح الأخلاقي لمعرفة جانب واحد ويطلق عليه الاسم الذي يستحقه: فعل كراهية وإرهاب محلي، خان القيم والمبادئ، مات فيه أمريكيون شجعان، وبدلا من ذلك، لدينا رئيس قادر على أن يرى الأفضل في مواطنيه فقط، باستثناء من هم ليسوا من قاعدته".