لم يتوقع محمد، وهو شاب سوري مقيم في
تركيا، أنه لن يستطيع لم شمله مع خطيبته الموجودة في
سوريا، بسبب فرض تركيا لتأشيرة على السوريين القادمين إليها، ما جعلهما عالقين بموقف لا حل له، فلا يستطيع هو العودة إلى سوريا لأسباب أمنية، ولا هي تستطيع القدوم إلى تركيا.
وهذا ليس حال محمد وخطيبته فقط، بل يعاني منه الكثير من السوريين والعائلات التي وجدت نفسها موزعة على أكثر من بلد.
في حوار خاص مع "
عربي21"، يتحدث الشاب محمد الذي ينحدر من دمشق؛ عن المعاناة التي يواجهها نتيجة فرض
التأشيرة، قائلا: "قدمت إلى تركيا منذ ثلاث سنوات لأكمل دراستي الجامعية، وبقيت خطيبتي في دمشق لتنهي دراستها وتلتحق بي بعد ذلك، ولكن مع الأسف فرضت التأشيرة على السوريين في بداية عام 2016، لتنقطع سبل قدومها إليّ، ومنذ ذلك التاريخ أبحث عن طريقة لتأمين الفيزا ولكن بدون جدوى".
ويتابع: "أرقام كبيرة تطلبها مكاتب وسماسرة لتأمين الفيزا، فمنهم من يطلب ثلاثة آلاف دولار، ومنهم من يطلب أربعة آلاف دولار، والكثير منها تأشيرات مزورة يتم ضبطها في المطار".
ولفت إلى أن "القدوم من خلال معبر باب الهوى عن طريق لم الشمل؛ يعتبر مخاطرة كبيرة، فالطريق من دمشق لإدلب خطير جدا، كما أن دخول تركيا من خلال المعبر يحرم الشخص من حقه في استصدار إقامة سياحية في تركيا، وإنما يمنح بطاقة الحماية المؤقتة، وبالتالي لا يمكنه الخروج من تركيا حيث أنه إن خرج لا يمكنه العودة، وبالتالي يحرم من رؤية عائلته ولو في بلد آخر، وهذا حالي حيث أني أحمل بطاقة الحماية المؤقتة".
ويشرح محمد المعاناة التي يعيشها، فيقول: "بعد أن يئسنا من استصدار الفيزا، قررنا أن تأتي خطيبتي عن طريق معبر باب الهوى، رغم ما في الطريق من مخاطر. وقدمنا الأوراق بانتظار الدور، ولكن مع الأسف تم إيقاف لم الشمل في بداية الشهر أيار/ مايو الماضي، لنقف عاجزين حتى اليوم ننتظر التسهيلات التي يعدنا بها المسؤولون الأتراك منذ عامين، مع أن الواقع يزداد صعوبة".
قصة أخرى يرويها الشاب سعيد، المنحدر من حمص، قائلا: "اضطررت للانفصال عن خطيبتي بعد خطبة استمرت سنة ونصفا؛ بدأت بعد وصولي إلى تركيا، حيث خطبت قريبتي في سوريا وتمت الخطبة عن طريق السكايب، كحال الكثير من السوريين هذه الأيام".
ويضيف لـ"
عربي21": "بعد فرض التأشيرة والبحث الطويل للحصول على تأشيرة، لم أستطع الوصول لحل أبدا، ورفضت عائلة خطيبتي إرسالها عن طريق الحدود البرية لخطورة الطريق، فاضطررت للانفصال عنها مجبرا، فلا يمكنني العودة ولا يمكنها القدوم ولا أستطيع السفر إلى بلد آخر لأجتمع بها، وهذا حال عائلات كثيرة اضطرت إلى الطلاق بعد انعدام أسباب الوصول إلى تركيا".
أما الشاب محمود، والذي تجاوز الثلاثين من العمر، فيتحدث عن معاناة أخرى، حيث يقول: "أنا وكثير من أصدقائي في تركيا نفكر بالزواج ولكن لا سبيل إلى ذلك، فأنا وحيد في تركيا وعائلتي في ريف دمشق، فلا يوجد من يبحث لي عن فتاة مناسبة في تركيا، وظروف عملي لا تمكنني من البحث أيضا".
ويوضح محمود: "عائلتي في ريف دمشق تحاول إقناعي بأن أتقدم لخطبة فتاة في ريف دمشق، ولكني أرفض الأمر قطعيا، فلا سبيل لقدومها إلى تركيا، والكثير من أصدقائي ممن زوجته وأطفاله في سوريا يعانون من هذا الموضوع منذ شهور فلا أريد أن أعيش معاناتهم".
ويضيف محمود: "معظم الشبان في تركيا في سن الزواج ومعظمهم يعيش نفس المشكلة، وبالمقابل في سوريا نسبة الشابات كبيرة جدا بالنسبة للشبان الذين بات معظمهم خارج سوريا".
ويشار إلى أنه منذ فرض تركيا التأشيرة على السوريين، في كانون الثاني/ يناير 2016، تواجه معظم طلبات التأشيرة للدخول إلى تركيا؛ بالرفض.
وأتاحت الحكومة التركية في البداية فرصة للم شمل العائلات السورية عن طريق معبر باب الهوى البري حصرا، ولكن هذا الحل لا يناسب الكثير من السوريين ممن لا زالوا في مناطق النظام، وخاصة في العاصمة وما حولها، لصعوبة الوصول إلى الشمال السوري، والحرمان من العودة إلى دمشق مرة أخرى.
ومع ذلك، فقد توقف استلام طلبات لم الشمل للعائلات (الزوجات والأبناء) منذ مطلع نيسان/ أبريل 2017، ليتوقف بشكل رسمي وحتى إشعار آخر.