تداول الإعلام
المصري أنباء الخميس والجمعة، عن شراء شركة
فالكون لقناة "الحياة" المملوكة لرجل الأعمال رئيس حزب الوفد، السيد البدوي، وفضائية "العاصمة" لصاحبها البرلماني سعيد حساسين، بعد تعثرهما ماليا الفترة الأخيرة.
كما أعلنت وزارة الكهرباء، الأربعاء، عن تعاقدها مع شركة فالكون لقراءة عدادات المواطنين، وتحصيل الفواتير مقابل مبلغ مليار جنيه سنويا.
لماذا فالكون؟
ومن المعروف، أن شركة فالكون تتبع إحدى الجهات السيادية في مصر، وتأسست عام 2006 كشركة للحراسات وذاع صيتها عندما أوكلت لها سلطات الانقلاب حراسة المنشآت الجامعية، وقامت بالاعتداء على آلاف الطلاب بالجامعات وقامت بتسليم بعضهم للأمن، كما أوكل لها مهمة تأمين المشير السيسي في أثناء حملته الانتخابية في 2014.
وتسيطر الشركة على عمليات حراسة المنشآت المهمة بالبلاد كالمطارات والجامعات، وتقوم بعمليات نقل الأموال بين البنوك والشركات، إلى جانب العمل بأنظمة الحماية الإلكترونية.
ويتولى عدد كبير من ضباط الجيش والشرطة وأجهزة
المخابرات والأمن الوطني السابقين، مناصب المديرين والمشرفين بالشركة، كما أن عناصر فالكون الوحيدون الذين يمتلكون رخصة البندقية الخرطوش بمصر والشرق الأوسط.
عسكرة الاقتصاد والإعلام
سيطرة فالكون على قناتي "الحياة" و"العاصمة"، ومنحها حق قراءة عدادات الكهرباء؛ خطوة وضعها مراقبون في إطار عسكرة اقتصاد الدولة، وسيطرة الشركات التابعة للجيش والمخابرات على مفاصل الاقتصاد والإعلام.
وكشف تقرير لصحيفة واشنطن بوست، عام 2014، أن الجيش المصري يسيطر على نحو 60% من اقتصاد البلاد.
وفي مجال الإعلام تمتلك المخابرات مجموعة قنوات "DMC"، برأس مال 30 مليون دولار، بجانب توجيهها رجال أعمال محسوبين عليها لشراء قنوات وصحف، مثل استحواذ أحمد أبو هشيمة على صحيفة "اليوم السابع"، وموقعي "دوت مصر" و"صوت الأمة" وقناتي "ON TV" و"القاهرة والناس".
هكذا تدار مصر
من جانبه انتقد الكاتب الصحفي أمين اسكندر، إسناد الدولة مهمة تحصيل فواتير الكهرباء لفالكون، مقابل مليار جنيه سنويا.
وتساءل اسكندر عبر صفحته بفيسبوك: "من سيدفع هذا المبلغ؟ ولماذا لا يتم تعيين محصلين جدد وتقليل أعداد العاطلين؟"، مضيفا "أن السلطة بمصر تريد تخفيض العمالة؛ وفالكون هي الحل"، مستنكرا ذلك بقوله: "وهكذا تدار مصر".
تقسيم الكعكة والخطر الأمني
وأكد الكاتب الصحفي قطب العربي، أن "توسع أعمال شركة فالكون التي تمتلك المخابرات جزءا منها مع مستثمرين آخرين بينهم البنك التجاري الدولي، ورئيسها اللواء خالد شريف الوكيل السابق للمخابرات الحربية؛ يأتي ضمن خطة سيطرة شركات العسكر على مفاصل الاقتصاد والإعلام".
وقال الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة بمصر سابقا، لـ"
عربي21"، إن شراء فالكون قناتي "الحياة"، و"العاصمة"، "يأتي في إطار تقسيم الكعكة بين أطراف الانقلاب"، مضيفا أن "المخابرات جزء أساسي من سلطة العسكر؛ وهناك تقسيمة بينهم، وكل جهة لها بعض المجالات تعمل بها ولا ينافسها غيرها".
وحول خطورة دخول عناصر شركة فالكون الأمنية بكل بيت مصري للكشف عن عدادات الكهرباء، وتحصيل الفواتير، رغم وجود أعداد كبيرة تابعة لشركات توزيع الكهرباء تقوم بالمهمة نفسها، يرى العربي، أن "هناك مدلولا خطيرا يدفعنا لفكرة أن دخول عناصر فالكون بيوت الشخصيات المستهدفة أمنيا وسياسيا، قد يكون للتجسس عليها أو حتى لزرع أجهزة تنصت".
تستفيق من غفلتها!
من جانبه قال المحلل السياسي، إبراهيم فايد: "بداية دعونا نتفق بما لا يدع مجالا للشك على أن (فالكون) يشوبها الكثير من الغموض حول تبعيتها وإدارتها وسياسة وآلية عملها".
وأوضح فايد لـ"
عربي21"، أن "فالكون هي الشركة المصرية الوحيدة المتخصصة بمجال التأمين والحراسات التى تنال رخصة استعمال سلاح (البندقية الخرطوش)، وغيرها من المزايا التى لطالما حصلت عليها لاسيما بعد أن سطع نجمها إبان مشاركتها بتأمين بعض الفعاليات المصاحبة للانتخابات الرئاسية الأخيرة".
وذكّر فايد بحصول فالكون كذلك على "امتياز تأمين الجامعات المصرية، وما صحبه من جرائم ارتكبها أفرادها من بطش وقمع ومحاصرة واعتقال لطلاب سلميين، وكذا وشاياتهم وإسهاماتهم لاعتقال مئات الطلاب دون وجه حق خلال الأعوام الماضية".
وأضاف الكاتب الصحفي: "وحول توقيع صفقة انتقلت على إثرها ملكية شبكة قنوات الحياة لحيازة "فالكون"، فالأمر -إن صح- فإنه يثير الكثير من الشكوك والريبة؛ خاصة أن تلك القناة تعرضت مؤخرا لتعنت شديد من السلطات التى قطعت البث عنها لعدة أيام بحجة التأخر عن تسديد ديونها، رغم تورط كل القنوات الخاصة -بلا استثناء- بديون يعجزون عن تسديدها بشكل دوري".
وأكد فايد، أن ذلك التصرف "يبرز فكرة اتباع الدولة لسياسة التهديد وإن كان في الخفاء، إلا أن تأثيره واضح وضوح الشمس فى رابعة النهار".
وتابع أن "ما يزيد الأمر غرابة، أنه بالتوقيت ذاته أعلنت وزارة الكهرباء تعاقدها مع شركة (فالكون) بمبالغ طائلة؛ للاستعانة بأفرادها لتحصيل الفواتير والاشتراكات والاستحقاقات المالية لشركات إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء"، متسائلا: "فلم كل هذا رغم أن الشركة لها بالفعل مفتشون ورجال كشف وتحصيل بمختلف أنحاء الجمهورية منذ عشرات السنين؟".
وختم فايد بقوله: "كل تلك الامتيازات المتتالية تشير بالفعل إلى أن جهاز المخابرات -الأب الروحي لفالكون- استفاق من غفلته أخيرا، وأبى إلا أن يشارك قادة النظام والحكومة في كحكة الموازنة العامة وربح التفريط في أصول الوطن، والقروض والتبرعات والمنح، وبيع السندات، وغير ذلك من مليارات مترامية هنا وهناك".