اتهمت زعيمة ميانمار أونج سان سو كي من سمتهم "الإرهابيين" بأنهم وراء "جبل جليدي ضخم من التضليل" بشأن العنف في ولاية راخين لكنها التزمت الصمت إزاء فرار نحو 125 ألفا من مسلمي الروهينغا عبر الحدود إلى بنغلادش منذ 25 آب/ أغسطس.
وتتعرض زعيمة البلاد التي يغلب على سكانها البوذيون لضغوط من دول إسلامية بشأن الأزمة. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من مخاطر حدوث تطهير عرقي أو زعزعة استقرار المنطقة.
وفي رسالة نادرة عبر فيها عن قلقه من احتمال تحول العنف المستمر منذ أسبوعين في الولاية الواقعة بشمال البلاد إلى "كارثة إنسانية" دعا غوتيريش مجلس الأمن الدولي إلى الضغط من أجل ضبط النفس والهدوء.
وتحدثت سو كي عبر الهاتف الثلاثاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دعا قادة العالم لبذل المزيد من أجل مساعدة نحو 1.1 مليون شخص يقول إنهم يواجهون إبادة جماعية.
وفي بيان نشره مكتبها على "فيسبوك" قالت سو كي إن الحكومة "بدأت بالفعل في الدفاع عن جميع الناس في راخين بأفضل طريقة ممكنة" وحذرت من أن التضليل قد يفسد العلاقات مع دول أخرى.
لجوء بلا عودة
وقال مصدران بحكومة بنغلادش إن ميانمار تقوم منذ ثلاثة أيام بزرع ألغام أرضية عبر قطاع من حدودها مع بنغلادش وإن الغرض من ذلك قد يكون للحيلولة دون عودة الروهينغا المسلمين الذين فروا من العنف في ميانمار.
وقال المصدران وهما على دراية بالموقف -لكنهما طلبا عدم الكشف عن هويتيهما بسبب حساسية الأمر- إن بنغلادش ستتقدم باحتجاج رسمي على زرع الألغام الأرضية على مسافة قريبة جدا من الحدود.
وعلى الصعيد الإنساني قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية إبراهيم قالن، إن حكومة ميانمار سمحت لوكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) بالدخول إلى إقليم أراكان كأول وكالة مساعدات أجنبية تدخل المنطقة، وإدخال ألف طن من المساعدات الإنسانية كمرحلة أولى.
وأضاف قالن في بيان له اليوم الثلاثاء، أن قرار حكومة ميانمار أعقب اتصالًا هاتفيًا أجراه رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان اليوم، مع رئيسة الحكومة الميانمارية أونغ سان سوتشي، وبحث خلاله قضية مسلمي الروهينغا في إقليم أراكان.
وتابع قالن: "عقب الاتصال الذي أجراه السيد رئيس الجمهورية مع رئيسة الحكومة الميانمارية، جرى السماح لوكالة (تيكا) بالدخول إلى ميانمار كأول وكالة مساعدات أجنبية تدخل المنطقة، والسماح لها بإدخال ألف طن من المساعدات الإنسانية كمرحلة أولى".
ولفت إلى أن الخارجية التركية بالتعاون مع وكالة تيكا، سترسل مساعدات عاجلة تتضمن أغذية ومعدات طبية من ضمنها سيارات للإسعاف، إلى مخيم "كوكس بازار" على الحدود بين ميانمار وبنغلادش والمناطق المحيطة به.
تفاعل دولي
ودعت كل من تركيا وبريطانيا وروسيا إلى إنهاء العنف ضد أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار، التي تتعرض للاضطهاد والقتل والملاحقة والتشريد.
وقالت بريطانيا، السبت، إنها تأمل في أن تستخدم أونغ سان سو كي زعيمة ميانمار "مهاراتها الباهرة"، لإنهاء العنف ضد أقلية الروهينغا المسلمة، الذي دفع عشرات الآلاف إلى الفرار من البلاد.
وتأتي دعوة بريطانيا عقب انتقاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الصمت الدولي إزاء المجازر التي ترتكب ضد المسلمين في ميانمار.
وحض الرئيس التركي المجتمع الدولي على تكثيف جهوده لمساعدة أفراد أقلية الروهينغا المسلمين في بورما، واصفا العالم بأنه "أعمى وأصم" في تعامله مع محنتهم.
ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن حوالي 58600 من الروهينغا فروا من ميانمار عبر الحدود إلى بنغلادش، بينما يجد عمال الإغاثة هناك صعوبة في تلبية حاجاتهم.
وقال وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، في بيان السبت: "أونج سان سو كي، تعدّ عن حق واحدة من أكثر الشخصيات الملهمة في عصرنا، لكن للأسف، فإن معاملة الروهينغا تلطخ سمعة بورما"، في إشارة إلى الاسم السابق لميانمار.
وأضاف: "آمل في أن تتمكن الآن من استخدام كل مهاراتها الباهرة لتوحيد بلدها، ووقف العنف، وإنهاء الغبن الذي يعانيه كل من المسلمين، وأي كان من الطوائف الأخرى".
من جهتها، دعت موسكو أطراف الصراع كافة في ميانمار، إلى البحث عن حل سلمي للوضع المتدهور هناك.
وجاء في تعليق صدر عن إدارة الإعلام والمطبوعات في وزارة الخارجية الروسية: "نراقب عن كثب التدهور الحاد في الوضع الإنساني في منطقة الروهينغا في ميانمار، ونعرب عن قلقنا إزاء التقارير الواردة عن استمرار الاشتباكات التي أدت إلى سقوط ضحايا بين السكان المدنيين وقوات الأمن".
حل مؤقت
وقال مسؤولون إن
بنغلادش وهي واحدة من أفقر وأكثر البلدان ازدحاما في العالم تعتزم المضي قدما في خطة لتطوير جزيرة منعزلة ومعرضة للسيول في خليج البنغال ليقيم فيها مؤقتا عشرات الآلاف من
الروهينغا المسلمين الفارين من العنف في ميانمار المجاورة.
وترفض داكا استقبال الروهينغا وأمرت حرس الحدود بمنع الفارين الذين يحاولون الدخول بشكل غير قانوني. لكن زهاء 125 ألف شخص من الروهينغا عبروا إلى داخل بنغلادش في عشرة أيام فقط لينضموا إلى أكثر من 400 ألف آخرين يقيمون في مخيمات مؤقتة مزدحمة.
وقال إتش.تي إمام المستشار السياسي لرئيسة الوزراء الشيخة حسينة: "نمنعهم أينما استطعنا لكن توجد مناطق لا نستطيع أن نمنعهم فيها بسبب طبيعة الحدود مثل الغابات والتلال".
وتابع يقول: "طلبنا المساعدة من الوكالات الدولية لنقل الروهينغا مؤقتا إلى مكان يستطيعون العيش فيه - جزيرة تسمى ثينجار تشار. ينبغي النظر بجدية في تطوير ثينجار تشار".
وقال ليونارد دويلي المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة إنه يدور حديث بشأن فكرة نقل لاجئين إلى الجزيرة منذ سنين لكنه أوضح أنه لم يسمع بشيء جديد في الأيام القليلة الماضية.
وتبعد الجزيرة، التي تكونت نتيجة تراكم الطمي قبالة دلتا بنغلادش قبل 11 عاما فقط، ساعتين بالمركب من أقرب مكان مأهول لكنها تتعرض لسيول خلال فترة الأمطار الموسمية من حزيران/ يونيو وحتى أيلول/ سبتمبر وعندما تهدأ البحار يجوب القراصنة المياه القريبة بحثا عن صيادين لخطفهم مقابل فدى.