نشر موقع "المركز الفرنسي للبحث الإستخباراتي" تقريرا ذكر فيه أن أكراد
العراق أصبحوا يتمتعون بإقليم مستقل، في حين أن أكراد
سوريا وضعوا أيديهم على عدة مناطق سورية. أما بالنسبة لحزب العمال الكردستاني، فقد أصبح يقاتل الند للند ضد الأتراك. في المقابل، لم يظهر أكراد
إيران إلى حد الآن على الساحة على الرغم من أنهم يمثلون 10 بالمائة من الشعب الإيراني.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن أكراد إيران ينفردون عن باقي
الأكراد بإعلان دولة كردية مستقلة، التي سرعان ما اضمحلت. فقد أعلن عن استقلال كردستان لأول مرة في مدينة "مهاباد" في 22 كانون الثاني/يناير سنة 1946، قبل أن تسقط مع نهاية مؤسسها، قاضي محمد، الذي تم إعدامه شنقا يوم 31 آذار/مارس سنة 1947.
وفي الوقت الحاضر، وعلى الرغم من أن كردستان إيران تشرف على الحدود التركية العراقية، إلا أنها بمنأى عن أية تأثير قادم من جيرانها.
وأكد الموقع أن الأكراد في العراق استفادوا من الحرب المعلنة ضد تنظيم الدولة، حيث ضموا مناطق أكثر من تلك التي حددها لهم دستور سنة 2005. كما أن قوتهم العسكرية تنامت بصفة كبيرة نظرا للدعم الذي تلقوه من العديد من الدول الغربية. علاوة على ذلك، لأكراد العراق موعد لتقرير المصير من خلال تنظيم
استفتاء يوم 25 أيلول / سبتمبر الجاري بغية نيل الاستقلال.
اقرأ أيضا: خبير إيراني يحذر الأكراد من "حرب دموية" إذا انفصل كردستان
من جانب آخر، ذكر الموقع أن حكومة
إقليم كردستان، التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود برزاني، تسعى إلى عدم إغضاب تركيا، ذلك البلد الذي ترتبط به جل المبادلات التجارية للإقليم الكردي العراقي خاصة في قطاع النفط.
في المقابل، يعتبر الحزب الكردي الثاني، والمتمثل في الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني، مقربا جدا من طهران. ويبدو أن هذا الحزب مكره على التقرب من طهران نظرا لأن مقره الرئيسي يرتكز في مدينة السليمانية المشرفة على الحدود العراقية الإيرانية.
وعموما، يعني ذلك أن طهران تتدخل بصفة منتظمة في كل من حكومة بغداد، والحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، بهدف "إخماد" تحركات المعارضين الإيرانيين، من بينهم الأكراد، وطردهم من العراق.
من جهة أخرى، أسس حزب العمال الكردستاني "حزب الحياة الحرة الكردستاني" سنة 2004، حيث يتشارك معه المعسكرات المنتشرة على سفوح جبل "قنديل" المطل على الحدود العراقية الإيرانية. لكن سرعان ما غير حزب العمال الكردستاني إستراتيجيته بعد التغييرات التي طرأت في كل من سوريا وتركيا منذ سنة 2011.
اقرأ أيضا: أكاديمي أردني يطلب الحصول على جنسية كردستان (شاهد)
أما في كل من سوريا والعراق، فيتعامل حزب العمال الكردستاني بحياد مع الميليشيات الشيعية على غرار حزب الله اللبناني وقوات الحرس الثوري المنتشرة بين البلدين. ومن جهتها، تلعب طهران ورقة الأكراد من أجل زعزعة استقرار جيرانها دون أن تغفل طبعا عن مراقبة الأكراد.
وكنتيجة لذلك، أكد الموقع أن حزب العمال يتجنب في الوقت الحالي معاداة طهران بسبب اختلافات إستراتيجية. وعلى الفور، فرض حزب العمال على حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك) إيقاف نشاطاته في إيران. وبالطبع، رضخ "البيجاك" لذلك بما أنه يعتمد على حزب العمال لوجستيا.
في المقابل، يمكن أن تتغير هذه الإستراتيجية مستقبلا، فحزب العمال دخل من جديد في حرب ضد أنقرة منذ صيف سنة 2016. من جهتها، حققت تركيا تقاربا مع طهران تبلور في توقيع البلدين لاتفاق مشترك لمحاربة "الإرهاب".
اقرأ أيضا: مجلس كركوك ينضم لاستفتاء كردستان ورفض عربي وتركماني
وأشار الموقع إلى أن مصطلح "الإرهاب" المستخدم هنا يعتبر غامضا بعض الشيء، ولكنه لا يستثني الحركات الانفصالية الكردية، خاصة منها حزب العمال و"بيجاك". في المقابل، يبقى كل شيء رهن قرارات طهران. ففي حال استأنفت إيران هجماتها العسكرية على منطقة جبل قنديل، فمن المرجح أن تتعرض تلك الهدنة المبرمة مع حزب العمال إلى الخطر. كما أنه سيكون من المنتظر أن يُمنح الضوء لحزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك) باستئناف قتاله المسلح ضد نظام الملالي في إيران.
وقال الموقع إن المهاجمين الخمسة الذين قاموا بعمليتين إرهابيتين في طهران يوم 7 حزيران/ يونيو سنة 2017 مستهدفين مرقد الإمام الخميني والبرلمان، أصولهم كردية. ومباشرة، تبنى تنظيم الدولة مسؤوليته عن هذين الهجومين.
وفي الختام، بيّن الموقع أن التهديد الجهادي عاد من جديد إلى إيران قادما من الجبهة السورية والعراقية للالتحاق بالجماعات المتمردة ضد النظام الإيراني على غرار جيش العدل أو أنصار الفرقان، حيث تنشط هذه الجماعات في محافظة "سيستان وبلوشستان" في الجنوب الشرقي للبلاد وفي مناطق غربية ذات أغلبية كردية.