أثار حديث المبعوث الأممي إلى
ليبيا، اللبناني غسان سلامة، عما أسماه "خطة عمل" من أجل إنهاء الأزمة الليبية، التساؤلات عن قدرة هذه الخطة على إنقاذ ليبيا، لا سيما بشأن مصير اللواء خليفة
حفتر ودوره.
وتتلخص الخطة التي كشف عنه سلامة في: "تعديل
الاتفاق السياسي، مرورا بمجموعة مراحل انتقالية ضرورية، وتنتهي في مرحلة معينة بانتخابات رئاسية وبرلمانية"، حسب تصريحات صحفية له من موسكو، الجمعة.
وأكد سلامة، عقب محادثات أجراها مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن "هناك دعما روسيا صريحا لدور ريادي للأمم المتحدة في جهود الوساطة في ليبيا".
ثلاث رسائل
وأشار المبعوث الأممي إلى أنه "حمل للقيادة الروسية ثلاث رسائل بخصوص ليبيا، وهي: أن الليبيين بحاجة إلى عمل دولي يساعدهم في الخروج من دوامة المراحل الانتقالية، والوصول إلى دولة المؤسسات، والثانية: مطالبة الليبيين للأسرة الدولية بالاتفاق على مبادرة واحدة، والثالثة: أن استمرار الأوضاع كما هي عليه الآن ليست في مصلحة أحد، سواء على المستوى المحلي أو الدولي"، وفق قوله.
وطرحت الخطة المختصرة للمبعوث الأممي، التي سيعرضها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرش، الأربعاء المقبل، عدة تساؤلات حول مدى نجاحها، وهل يمكن أن تلجأ البعثة ومجلس الأمن لفرض هذه الخطة حال اعترض عليها أحد أطراف النزاع، وما إذا كانت تضمن إنهاء لكل طموحات خليفة حفتر في الوصول للحكم عبر استفتاء أو تفويض شعبي كما يروج له أتباعه.
يمكنها حل الأزمة
من جهته، أكد الكاتب والسياسي الليبي، إدريس بن الطيب، إن "الخطة الأممية التي أعلن عنها مؤخرا؛ هي الوحيدة الممكنة لحل الأزمة الليبية، كونها لا تبدأ من الصفر، وستعطي دورا لكل أطراف الصراع للمساهمة في الحل".
وأوضح في حديث خاص لـ"عربي21"؛ أنه "حتى لو اعترض أحد الأطراف على الخطة، وهو أمر مستبعد، فلن يصمد اعتراضه طويلا، باعتبار أنه لا بديل أفضل"، وفق تقديره.
وحول علاقة الخطة بطموحات حفتر، قال الطيب: "حفتر أصبح يعرف جيدا أنه لا طريق لتحقيق هذا الطموح إلا عن طريق الصندوق، وموضوع الاستفتاءات والتفويض وغيرها ليست سوى وسيلة لجس النبض حول حظوظه فى الترشح"، بحسب وصفه.
"خطة مارشال"
لكن مدير مركز "بيان" للدراسات السياسية (ليبي مستقل)، نزار كريكش، رأى من جانبه؛ أن "الخطة ستنفذ، وسيكون العام المقبل مختلف تماما في ليبيا؛ لأن المقاربة للأزمة الليبية تغيرت في المجتمع الدولي، خاصة وأن الأخير يهدف لمنع تدفق اللاجئين".
وأضاف لـ"عربي21": "التوجه الآن هو إيجاد جهة واحدة يمكن دعمها لمنع تدفق اللاجئين، والبعض يقترح خطة شبيهه بخطة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية؛ لدعم المؤسسات الليبية، وآخرون يرون الحل بالدولة المناطقية، أي يعطى للجنوب حق التعاقد مع الشركات الكبرى لتوفير فرص عمل للأفارقة في الجنوب"، كما قال.
وتابع: "خطورة الوضع أجبرت أوروبا على تغيير المقاربة، ويبقى التحدي الحقيقي في استمرار الاقتناع بهذه المقاربة، وهذا ما يحاول غسان سلامة أن يحافظ عليه"، حسب قوله.
"خطط ساذجة" لحفتر
من جهته، يرى المحامي والناشط الحقوقي الليبي، طاهر النغنوغي، أن "الانتخابات قادمة لا محالة، بما أن كل الأجسام المتواجدة الآن انتهت مدتها الزمنية قانونيا".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"؛ إلى أن "حفتر وأتباعه يستخدمون طرق قديمة وساذجة من أجل فرضه على المشهد، مثل جمع تفويضات في زمن ليس بزمنه؛ لأن أتباعه يتأكدون أنه سيخسر الانتخابات، لذا هم مضطرون لجمع تفويضات له"، حسب رأيه.
خارج اللعبة
ورأى الناشط السياسي من الشرق الليبي، فرج فركاش، أنه "من لا يقبل بهذه الخطة التي سيقدمها الأمين العام للأمم المتحدة في يوم 20 من الشهر الجاري، سيجد نفسه خارج اللعبة؛ لأن المبعوث الأممي حصل على دعم الدول الكبرى لهذه الخطة".
وأضاف: "بغير الانتقال السياسي وإنهاء الانقسام؛ سيكون مجرد عبث ووهم لمن يحاول أن يقفز على خيارات الشعب، فصندوق الانتخابات هو الفيصل الوحيد"، كما قال لـ"عربي21".
لكن الناشط الفيدرالي الليبي، أبو بكر القطراني، قال إن "أغلب الأطراف الساعية للسلطة بطريقتها تعي قوة المجتمع الدولي ومدي تمسكه بالعملية السياسية والديمقراطية، ولذلك تحاول هذه الأطراف في سباق مع الزمن قطع الطريق على الاتفاق السياسي للوصول إلى السلطة بمحاولات فردية".
واستدرك في حديث لـ"عربي21": "أعتقد أن العملية السياسية عبر
الأمم المتحدة ستكون هي الأوفر حظا، نتيجة الانقسامات المتعددة في البلاد واختلاف التوجهات والمطالب وطرق الحكم والوصول إلى السلطة"، وفق قوله.