تنذر تحذيرات أطلقها مسؤولون عراقيون، من خطورة الأوضاع الأمنية في
كركوك، بأنها قد تصل إلى
حرب أهلية، الأمر الذي دفع
التركمان إلى مطالبة حكومة بغداد بالتدخل لفرض الأمن بالمحافظة.
وبالتزامن مع تلك التحذيرات، فإن هناك إقبالا متناميا لمواطني المدينة على اقتناء
السلاح الخفيف الذي شهد ارتفاعا ملحوظا في أسعاره، حيث بلغ ثمن القطعة الواحدة نحو 800 دولار، حسبما أكدت مصادر عراقية لـ"
عربي21".
وقبل ذلك كله، فإن كركوك تعاني من ترد أمني تثبته عمليات الاغتيال والسطو المسلح اليومي، إلى جانب اعتداءات مسلحة على عدد من مقار الأحزاب التركمانية في المحافظة، وفقا لمصادر رسمية.
وكان نائب الرئيس
العراقي إياد علاوي قد حذر الاثنين، من حرب أهلية في كركوك التي يديرها الأكراد، إذا فشلت المحادثات بشأن بين بغداد وأربيل بعد توترات خلفها استفتاء إقليم
كردستان العراق.
وقال علاوي في حديث مع "الأسوشيتد برس"، إنه "يحث زعيم إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، والحكومة المركزية في بغداد والمليشيات المدعومة إيرانيا (الحشد الشعبي)، على إظهار ضبط النفس، وحل الخلافات حول المدينة".
وشدد نائب الرئيس العراقي على أن "محافظة كركوك (الغنية بالنفط) قد تكون نقطة ساخنة تشعل الصراع في شمال العراق، مؤكدا رفضه لاستقلال كردستان العراق".
استهداف للأحزاب التركمانية
وفي حديث لـ"
عربي21" قال النائب في البرلمان العراقي عن المكون التركماني، حسن توران، إن "المكون التركماني يدعم توجه الحكومة المركزية في بغداد بنشر قوات عراقية في محافظة كركوك ومعالجة الملف الأمني".
وقال توران إن "الوضع الأمني في كركوك مقلق، في ظل استهداف لمقرات حزبية تركمانية وعمليات اغتيال وسطو مسلح يومي، يدلل على أن هناك خللا في المنظومة الأمنية".
وبخصوص الجهات التي تقف وراء تلك العمليات، قال توران إن "كركوك لديها سجل حافل في عامي 2016 و 2017، في ما يخص الاغتيالات، حيث إن نسبة 15 بالمائة فقط تم الكشف عن مرتكبيها".
واتهم توران جهات سياسية (لم يسمها) بالسعي لعدم كشف 85 بالمائة من عمليات الخطف والسطو المسلح في كركوك، مؤكدا أن المنظومة الأمنية في المحافظة بحاجة إلى إعادة ترتيب.
وأضاف أن "الحكومة العراقية المركزية جادة في إرسال قوات عراقية للمحافظة، وخصوصا بعد استعادة قضاء الحويجة من سيطرة تنظيم الدولة، إضافة للوضع الأمني المربك في مركز المحافظة الذي يقطنه نحو مليون شخص".
وأعرب توران عن أمله بأن "تصل رسالة رئيس الوزراء حيدر العبادي التي دعا فيها قوات البيشمركة إلى عدم الاصطدام مع القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها، لضمان أمن جميع المكونات".
وأكد أن "الحكومة العراقية لا تفكر بأي صدام مسلح مع البيشمركة، لكنها تستخدم صلاحياتها الدستورية وفق الدستور، وأن رئيس الوزراء العبادي هو من يقدر المصلحة في تكييف الوضع الأمني في كركوك".
جهات رسمية ترفض التعليق
وبعد محاولات عدة لـ"
عربي21" لأخذ توضيح رسمي من رئيس مجلس محافظة كركوك، ريبوار الطالباني، على التحذيرات من "حرب أهلية" في المحافظة، فقد رفض التصريح حول الموضوع واعتذر عن الإدلاء بأي تعليق.
وعلى الصعيد ذاته، فقد حذر النائب عن تحالف القوى محمد الكربولي، أمس الثلاثاء، في حديثه لـ"
عربي21" من خطورة التصعيد السياسي بين بغداد وأربيل على الأوضاع الأمنية في محافظة كركوك.
وأوضح أن "زيارة رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، إلى إقليم كردستان ولقاءه مسعود البارزاني، كانت أيضا تعبر عن أنه ممثل للسنة وهو بالتالي حريص على حياة المواطنين
العرب في كركوك وغالبيتهم من المكون السني".
ويمسك بالأمن في محافظة كركوك المتنوعة الأعراق، قوات البيشمركة مع الأسايش (الأمن الكردي) منذ عام 2014، وذلك بعد اجتياح تنظيم الدولة لعدد من مناطق المحافظة وانسحاب قوات الجيش العراقي منها.
ولأكثر من مرة، هدّدت فصائل من مليشيات الحشد الشعبي، بدخول مناطق متنازع عليها بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان شمال البلاد، والتي تسيطر عليها قوات البيشمركة الكردية، وكان آخرها تصريحات قيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق".
وقال الخزعلي، الأحد، إن "محاولة تقسيم العراق مشروع إسرائيلي لمشاغلتنا"، لافتا إلى أنه "من منطلق القوة، و حب الوطن، نجدّد أن كركوك مدينة عراقية، ومستعدون للقتال دفاعا عنها، وكذلك سهل نينوى، وسنجار، وتلعفر، وربيعة (مناطق متنازع عليها)".
وشدد على أن "الحشد لن يمنعه أحد من دخول أي منطقة عراقية، وسيأتي يوم قريب يدخل كركوك مع الجيش والمناطق المتنازع عليها الأخرى"، مشيرا إلى أن "المعركة بين من يحاول المحافظة على وحدة العراق، وثلة تحاول أن تخدع الشعب الكردي".
وبحسب قوله، فإن "من حق الحكومة العراقية نشر قواتها في المناطق المتنازع عليها، بحسب الدستور، وأي قوة ستقف بوجه القوات العراقية ستواجه بالضرب".
وصوت البرلمان العراقي، في 27 أيلول/ سبتمبر الماضي، على قرار يفوض رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بنشر القوات الأمنية في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها مع إقليم كردستان.