نشرت صحيفة "فايني آبازيريني" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن شراء المملكة العربية
السعودية لمنظومة "إس ـ 400" الروسية. ولعل السبب وراء ذلك يكمن في الشعور الدائم بالخوف في صفوف الأمراء السعوديين خاصة بعد نجاح المتمردين
اليمنيين في قصف ضواحي العاصمة الرياض.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه وعقب الهجمات المتكررة من طرف المتمردين اليمنيين، على غرار ضرب القاعدة العسكرية للقوات المسلحة الملكية في شباط/ فبراير سنة 2017، شرعت المملكة العربية السعودية في التفكير جديا في تعزيز جهازها الدفاعي.
وبالعودة إلى أوائل سنة 2015، عندما قررت المملكة العربية السعودية التدخل في اليمن، لم يكن بوسع قياداتها أن يتخيلوا أن المملكة ستتعرض لضربات انتقامية في غضون سنتين. ففي البداية، كانت خطة الحرب في اليمن تبدو متكاملة وواقعية، خاصة وأنه لا يمكن الاستهانة بقوات التحالف السعودي. في ذلك الوقت، ووفقا لتقديرات رئيس هيئة الأركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، كان من المتوقع أن تستمر الحملة لمدة أقصاها 3 أشهر.
وتطرقت الصحيفة إلى فشل المخطط السعودي. فقد تمكن القرويون البسطاء وجزء من الجيش اليمني، الذي لا يملك سوى أسلحة خفيفة، ومضادات دروع محمولة، ومن خلال استخدام تكتيكات المغاوير، من شل حركة قوات التحالف السعودي المدججة بالسلاح. وفي هذا الصدد، وعلى الرغم من محاولات قوات التحالف السعودي لعكس مسار الوضع لصالحه، إلا أن الحرب في اليمن تحولت إلى مستنقع يصعب الخروج منه.
والجدير بالذكر أنه، وحتى قبل بداية الحرب كانت اليمن تمتلك صواريخ سوفيتية "آر 17" التي يمكن أن يصل مداها إلى مسافة 300 كم. أما سوريا، فقد بادرت بشراء نماذج مطابقة من هذه
الصواريخ تم تصنيعها من قبل كوريا الشمالية وإيران. وفي حزيران/يونيو سنة 2015، أطلقت أول صواريخ بالستية يمنية طويلة المدى باتجاه المملكة، ولكن تم التصدي لها عن طريق منظومة الدفاع الجوي الصاروخي باتريوت. وفي 26 من آب/أغسطس أعاد المتمردين الكرة إلا أن محاولتهم باءت بالفشل، لينجحوا في العملية الثالثة في ضرب قاعدة عسكرية جوية في المملكة، تقع في جنوب غرب البلاد بالقرب من خميس مشيط.
وأوضحت الصحيفة أنه وفي أيلول/سبتمبر سنة 2016، أطلق صاروخ باليستي يمني باتجاه قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة الطائف. وقد كان واضحا أن الصاروخ المعتمد في العملية ينتمي إلى أحدث الإصدارات من صواريخ سكود التي يقع تصنيعها اليوم في
إيران وكوريا الشمالية. في الأثناء، كان الأمر الأكثر ترويعا بالنسبة للمملكة وقوفها عاجزة عن التصدي للتهديد الصاروخي الجديد، علما وأنه وفي وقت مبكر من أيلول/ سبتمبر سنة 2016، حذرت قيادة المتمردين اليمنيين من أن الهدف القادم سيكون عاصمة المملكة العربية السعودية.
وبينت الصحيفة أن
روسيا والولايات المتحدة الأمريكية تحتكران صناعة النظم الحديثة في مجال الأسلحة اليوم وذلك ما دفع المملكة للاختيار بينهما في إطار سعيها إلى شراء منظومات دفاع جوي مضادة للصواريخ. ومن هذا المنطلق، وخلال زيارة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية، بادر ترامب والعاهل السعودي بإبرام اتفاق لتزويد المملكة بمنظومة "ثاد"، مجهزة بنحو 44 منصة إطلاق، و360 صاروخا، و16 مركز قيادة، و7 رادارات.
وذكرت الصحيفة، أنه في 6 من تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2017، أعربت المملكة العربية السعودية عن رغبتها في توريد منظومات صواريخ "إس 400" الروسية بقيمة ملياري دولار. ومن المفارقات أنه وفي اليوم نفسه، أعلن البنتاغون، أن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت على بيع منظومة "ثاد" لصالح الدفاع الجوي الملكي السعودي بمبلغ 15 مليار دولار.
وتجدر الإشارة إلى أن منظومة "إس 400" الروسية تعادل أو تتسم بجميع مواصفات منظومة "ثاد" الأمريكية، ولكن هل هناك اختلاف في الأسعار. وهل تعتبر المنظومة الأمريكية الأفضل مقارنة بالمنظومة الروسية، مع العلم أن كلا المنظومتين تتمتعان بالقدرة على اعتراض مختلف الصواريخ وحماية المملكة من أعدائها سواء إيران أو المتمردين في اليمن؟
وأقرت الصحيفة بأنه وفقا للمخطط الأمريكي فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، من الضروري أن تفقد المملكة العربية السعودية جزءا كبيرا من نفوذها وموقعها الريادي في المنطقة. وفي حين حاول الكثيرون الاستهانة بهذا المخطط، إلا أن أحداث الربيع العربي أثبتت فعليا أن واشنطن تتبنى بهذه الإستراتيجية إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط. ولكن السؤال المطروح: ما هي مصلحة روسيا من عملية تزويد المملكة بأحدث المنظومات الدفاعية؟
وأوضحت الصحيفة، أن فكرة تدمير المملكة العربية السعودية تتعارض مع مصالح روسيا. ففي الواقع، تسعى موسكو إلى استعادة الاستقرار والسلام في المنطقة. ولعل أفضل طريقة لتحقيق ذلك تتمثل في استعادة الوضع القائم قبل الحرب. وفي هذا الصدد، تمكنت موسكو بالفعل من جذب خصومها السابقين (إيران وتركيا) إلى معسكرها، الذين، بدورهم، يأملون في حل مشاكلهم الجيوسياسية بالاعتماد على النفوذ الروسي.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن روسيا تحاول تجنب جميع الصراعات من خلال دعم الأمراء السعوديين ومنع واشنطن من تحقيق مآربها والإطاحة بهم، الأمر الذي قد يشعل نار الحرب في المنطقة. وبالتالي، ترى موسكو أن من واجبها حماية المملكة من خلال منظومتها "إس 400"، من أي صواريخ تابعة للاتحاد السوفيتي السابق، أو الصواريخ الإيرانية الحديثة.