اعترف وزير التعليم العالي ورئيس اللجنة
المصرية في
اليونسكو، خالد عبد الغفار، بأن أغلب الدول الأفريقية الأعضاء خذلت المرشحة المصرية مشيرة خطاب؛ في انتخابات رئاسة المنظمة التي انتهت الجمعة.
وأكد نور محمد، مسؤول التخطيط بحملة خطاب، في تصريحات صحفية، أن الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية منحت أصواتها لمرشحة فرنسا أودري أزولاي، وأن مؤيدي المرشحة اللبنانية اتجهوا بعد انسحابها، إلى تأييد المرشح القطري حمد الكواري.
من جانبها، قالت صحيفة "لوموند أفريك" الفرنسية يوم الجمعة الماضي؛ إن دولا أفريقية أعطت أصواتها للمرشح القطري حمد الكواري في انتخابات اليونسكو، في مفاجأة غير متوقعة.
"تعالٍ مصري"
ويقول مراقبون إن تصويت الدول الأفريقية للمرشح القطري؛ يعد مفاجأة كبيرة في ظل تأكيد خطاب قبل الانتخابات على أنها مرشحة مصر المدعومة من قارة
أفريقيا. وبحسب مراقبين، فإن المصريين يتعاملون بتعالٍ على الأفارقة، كما أن حملة مشيرة خطاب لم تبذل جهدا حقيقيا لإقناعهم بانتخابها باعتبار أن أصواتهم مضمونة لها، وهو ما لم يحدث.
وأسفرت نتائج الجولة الأولى التي أقيمت الاثنين عن تصدر مرشح قطر بـ17 صوتا، ثم مرشحة فرنسا بـ13 صوتا، ومشيرة خطاب بـ11 صوتا. وفي الجولة الثانية تقدم مرشح قطر بـ18 صوتا، وحصلت مرشحة فرنسا على 13 صوتا، ومشيرة خطاب على 12 صوتا. أما في الجولة الثالثة فتساوى مرشح قطر ومرشحة فرنسا في الصدارة بـ18 صوتا، ثم مرشحة مصر في المركز الثالث بـ13 صوتا.
وفي الجولة الرابعة من الانتخابات انتهت بتعادل مصر وفرنسا بـ18 صوتا لكل منهما، وحصل مرشح قطر على 22 صوتا، وبعد إجراء تصفية بين مرشحتي مصر وفرنسا، فازت الفرنسية بـ31 صوتا مقابل 25 لخطاب. وفي التصويت النهائي فازت المرشحة الفرنسية بـ30 صوتا مقابل 28 للقطري.
"دبلوماسية شعبوية"
وحذرت أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، نهى بكر، من استمرار إدارة العلاقات الدبلوماسية لمصر بالطريقة الشعبوية التي ينتهجها الإعلام والقوى السياسية المؤيدة للنظام، والتي ظهرت أثناء انتخابات اليونسكو وما شهدته من توزيع التهم جزافا للدول التي حصلت على أصوات أكثر، مثل قطر وفرنسا، مطالبة بدراسة أسباب هذا الفشل المتكرر للمرشحين المصريين في المحافل الدولية.
وكانت وسائل إعلام مؤيدة للانقلاب بمصر؛ قد اتهمت تلك الدول الأفريقية بتلقي رشى من دولة قطر لتأييد مرشحها، في محاولة لتبرير هذا الفشل الدبلوماسي لمصر.
وفي هذا السياق، كتبت الصحفي جمال غطاس على فيسبوك؛ أن هذه النتيجة "تعكس خللا فادحا في أداء الدبلوماسية المصرية، وتكشف صورة مغايرة تماما لما يحاول النظام تسويقه عن صورة مصر بالخارج، خاصة في قارة أفريقيا التي يفترض أن تكون مصر الأولى بدعمها.
نتيجة طبيعية
من جهته، قال الباحث السياسي جمال مرعي؛ إن خسارة المرشحة المصرية مشيرة خطاب كانت نتيجة طبيعية لضعف تأثير مصر الخارجي، مشيرا إلى أن ما حدث في انتخابات اليونسكو "يؤكد فشل السياسة الخارجية فشلا ذريعا؛ بعد أن اتضح للجميع أن مصر لا تمتلك علاقات دبلوماسية وتفتقد للتأثير القوي على الدول الهامة في المنظمة".
وأوضح أن مصر لم تستطع تجميع سوى أصوات عدة بلدان أفريقية فقط، وحتى الدول العربية لم تتمكن من الحصول على أصواتها، "بينما كان مرشح قطر أقوى وكان ينافس حتى آخر لحظة، كما أن لبنان دفع بمرشح ضد مصر كل هذا يدل على ضعف تأثيرنا خارجيا"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وأكد أن الدفع بالسفيرة مشيرة خطاب كمرشحة كان "أكبر خطأ" منذ البداية؛ "لأنها لا تملك أي سيرة ذاتية مناسبة لهذا المجال، ولا يمكنها إقناع المجتمع الدولي بأحقيتها في شغل هذا المنصب الدولي الكبير"، لافتا إلى أن من دفع بها لهذا المنصب هو وزير الخارجية سامح شكري.
وتابع: "مشيرة خطاب لم يكن لديها أي ثقل دبلوماسي أو ثقافي يؤهلها لهذا المنصب، وأعتقد أن السيسي لم يكن يعرفها جيدا، وأنها حصلت على تزكية من قبل وزير الخارجية لأنها من "الشلة المقربة لديه"، على حد وصفه.
خطأ جسيم
من جانبه، قال أستاذ العلاقات الخارجية أيمن سيد إن نتيجة الانتخابات تكشف عن وجود خطأ جسيم في السياسة الخارجية لمصر، وتحديدا في التأثير داخل مجتمع اليونسكو.
وأضاف أن هذه الانتخابات كشفت للجميع ضعف المرشحة المصرية خلال جولات الانتخابات، وحصولها على المركز الثالث في كل مراحل التصويت وبفارق كبير عن مرشحي قطر وفرنسا "وهو ما أظهر انعدام التأثير، وفشل حملة مشيرة خطاب منذ البداية في تجميع عدد كاف من الأصوات"، كما قال.
وتابع: "مصر لديها ذكريات سيئة مع اليونسكو، فهذه ليست المرة الأولى التي يسقط فيها مرشح مصري في انتخابات المنظمة"، موضحا أن وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني خسر هذه الانتخابات عام 2010 أمام مرشح فرنسا "الذي كان مدعوما وقتئذ من اللوبي الصهيوني، وفي هذه المرة أيضا كانت مرشحة فرنسا مدعومة من اللوبي الصهيوني داخل دوائر صنع القرار باليونسكو"، وفق قوله.