تعكس الشروط
الإسرائيلية تجاه
المصالحة الفلسطينية، حجم التدخل الإسرائيلي في الشأن الداخلي الفلسطيني، وهو السلوك المرفوض فلسطينا، وفق ما أكده متحدثون لـ
"عربي21"، ويقابل هذا التداخل عزم فلسطيني على المضي في طريق المصالحة وتحقيق الوحدة.
سلاح المقاومة
وأكدت الحكومة الإسرائيلية عقب اجتماع المجلس الأمني المصغر الثلاثاء الماضي، برئاسة بنيامين نتنياهو، أنها لن تتفاوض مع أي حكومة فلسطينية تضم "حماس"، ما لم تعترف بـ"إسرائيل" وتتخلى عن سلاحها، وتنبذ العنف وفقا لشروط الرباعية الدولية.
واشترطت "إسرائيل" أيضا مجموعة من الشروط أبرزها قطع "حماس" علاقتها بإيران، وتسليم الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها، والتخلي عن سلاح المقاومة، وسيطرة السلطة الأمنية على القطاع وما يترتب عليها من تنسيق أمني وتحويل الأموال عبر السلطة الفلسطينية.
وشدد القيادي البارز في حركة
حماس حسن يوسف، على أنه "لا يجوز لأحد أن يتدخل في شؤوننا الداخلية، والمصالحة شأن داخلي وهي مصلحة فلسطينية بالدرجة الأولى".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "حماس تقدمت بخطوات جادة وعملية في هذا الجانب، وستذهب لأبعد مدى لتحقيق المصالحة"، مضيفا: "من حقنا أن نرتب بيتنا بالطريقة التي نراها مناسبة، وأي تدخل هو بمنزلة وضع العراقيل أمام المصالحة لإبقاء الانقسام".
ودعا يوسف المقيم في الضفة الغربية المحتلة، القوى والفصائل الفلسطينية كافة "دون استثناء، ألا تخضع لأي إملاءات أو اشتراطات أو ابتزاز من قبل الاحتلال أو غيره في العالم"، مشددا على أهمية "تجاوز العراقيل كافة؛ لأن مصلحة الشعب الفلسطيني تكمن في تحقيق المصالحة والوحدة فقط".
وأوضح أنه "ليس مطلوبا من كل الشعب الفلسطيني أن يعترف بالاحتلال، هناك منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت به، وقادت عملية تفاوضية معه وصلت لأفق مسدود وفشل ذريع"، مضيفا: "نحن لا يمكن أن نعيد التجربة مرة أخرى في ظل فشل مشروع التسوية".
تعطيل المصالحة
ولفت القيادي البارز، إلى أن القضية الفلسطينية "تمر بخطر شديد جدا، ما يتطلب وحدة فلسطينية شاملة، وهو ما دفع حماس بشكل أساسي لإتمام المصالحة"، مشددا على أنه "لا خيار لنا كفلسطينيين إلا أن نتحد ونسير في طريق المصالحة".
وأشار إلى ضرورة أن "تعطي مصر راعية مسيرة المصالحة، المزيد من الدفعات لإتمام الوحدة وترتيب الوضع الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية".
من جانبه، أكد مستشار رئيس السلطة الفلسطينية للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، نبيل شعث، أن "إسرائيل تسعى دائما لتعطيل المصالحة الفلسطينية، وعملت من خلال حصار غزة على استمرار هذا الشقاق".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "اليوم الوضع مختلف، فلتتحدث إسرائيل كيفما تشاء، نحن مستمرون في المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية، عبر حكومة وطنية لديها سياسية واستراتيجية ورؤية واحدة؛ وذلك على الأقل فيما يتعلق بالعدو الإسرائيلي".
وشدد شعث، على أهمية دعم الجميع وخاصة الدول العربية للفلسطينيين "من أجل الوقوف في وجه إسرائيل"، مؤكدا أن "كل ما يتحدث به قادة الاحتلال لن يؤثر على قرارنا في استمرار العمل من أجل تحقيق الوحدة، ولن نتراجع أمام التصريحات الإسرائيلية".
وأوضح مستشار رئيس السلطة، أن الحكومة الفلسطينية "ستواصل العمل في غزة، وستستلم المعابر وستعمل على إصلاح أوضاع غزة الاقتصادية و السياسية".
وحول الموقف المصري تجاه الشروط الإسرائيلية، أكد أن "مصر معنية جدا بنجاح هذه المصالحة، وهي بعملية فتح معبر رفح البري، سترفع هم تهديد الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة"، مقللا من شأن التصريحات الإسرائيلية "مالم يكن هناك تهديد إسرائيلي بإجراءات عسكرية على الأرض".
الحكومة المقبولة
وتعليقا على الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة؛ "الشروط الإسرائيلية جديدة قديمة، وهي شروط الرباعية الدولية ذاتها، وفرضت قديما على الفلسطينيين، عقب فوز حماس في انتخابات عام 2006 وتشكيل الحكومة العاشرة".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "حماس باتت تعلم تماما أنه لا مفر من هذه الشروط التي فرضها المجتمع الدولي قبل 12 عاما، فإما أن تقبل بها وتكون جزءا من أي حكومة وحدة فلسطينية قادمة؛ وهذا غير متوقع، وإما أن ترفضها؛ وهنا يتعين عليها ألا تشارك في أي حكومة فلسطينية قادمة، وهو المرجح".
وأضاف أبو سعدة، وأما "الخيار الثالث أمام حماس؛ هو الإبقاء على الحكومة الحالية المقبولة لدى المجتمع الدولي"، مبينا أن "المصالحة إذا كانت تعني عودة السلطة لغزة، فإسرائيل ليس لديها مانع، خاصة أنها تتخوف من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة؛ لأنها تتحمل جزءا كبيرا من هذه المسؤولية، باعتبارها قوة احتلال وهي من يحاصر قطاع غزة".
وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن "إسرائيل لا تريد رفض المصالحة، لأنها تدرك أن هذا من شأنه أن يغضب المصريين، باعتبار أن القاهرة هي راعية ملف المصالحة، وأيضا الولايات المتحدة التي باتت تدفع باتجاه عودة السلطة إلى غزة، تمهيدا لمفاوضات قادمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وقال: "إسرائيل أرادت أن تقول، على أي حكومة فلسطينية قادمة أن تقبل بشروط الرباعية، والمفاوضات كحل استراتيجي"، مؤكدا أنه "ليس لإسرائيل أي فيتو على أي حكومة فلسطينية تقبل ببرنامج منظمة التحرير السياسي".