أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل يومين بشأن أفكار لعقد
مؤتمر يحمل شعار "شعوب
سوريا" للمصالحة تساؤلات حول دلالة التسمية والهدف من ورائه بالإضافة لقدرة
روسيا على جمع كافة المكونات السورية لعقد مصالحة.
وقال بوتين في كلمته بمنتدى فاليداي بمدينة سوتشي الروسية إن "الخطوة التالية بعد إنشاء مناطق خفض التصعيد عقد مؤتمر شعوب سوريا لمصالحة الحكومة والمعارضة".
وعقب دعوة بوتين لمؤتمر الشعوب خرج الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف بتوضيحات أن تفاصيل المؤتمر وتحديد موعد وآليات أمر سابق لآوانه.
وأوضح بيسكوف أن هناك "نقاشا جديا" يدور حول الطرح الروسي بهدف "التوصل إلى تسوية سياسية تتضمن وضع دستور جديد في سوريا". على حد قوله.
وأوضح أن حديث بوتين كان عبارة عن "خطوط عامة"، محذرا في الوقت ذاته من "التسرع في التوصل لاستنتاجات حول آليات التنفيذ للمؤتمر".
وجاء حديث بوتين عن "مؤتمر الشعوب السورية" بالتزامن مع سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والتي تمثل المليشيات الكردية عصبها الرئيس على مدينة الرقة بدعم أمريكي.
وأطلقت "سوريا الديمقراطية" تصريحات بعد أيام من دحر تنظيم الدولة من الرقة قالت فيها إن المدينة ستصبح جزءا من "سوريا اتحادية لا مركزية".
أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة باريس الدكتور رامي الخليفة العلي قال إن الفكرة الروسية محاولة لاجتذاب الأكراد الذين يقيمون تحالفا عسكريا مع القوات الأمريكية في منطقة الجزيرة السورية.
وأوضح العلي لـ"
عربي21" أن أكبر مكونين عرقيين في سوريا هما العرب والأكراد وبقية المكونات ليس بإمكانها تشكيل دولة على التراب السوري لاستحالة الأمر وعدم توفر مقومات لذلك.
ودلل على محاولة روسيا اجتذاب الأكراد بالدعوة التي وجهت لزعيم قوات سوريا الديمقراطية لزيارة موسكو وقال إن طائرة عسكرية نقلته إلى مطار حميميم ومن هناك استقل طائرة خاصة إلى موسكو والتقى بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
لكن العلي رأى أن الروس يدركون أن الوقت مبكر جدا للحديث عن مؤتمرات مصالحة أو رسم ملامح للحل السياسي في سوريا في ظل التعقيدات والوضع الميداني المتداخل ومناطق النفوذ لعدة جهات.
وقال إن الدعوة محاولة لوضع العوائق أمام الأمريكان خاصة أن منطقة نفوذهم الأهم والأبرز في سوريا هي منطقة الجزيرة وبالتعاون مع القوات الكردية.
وبشأن الحديث عن رغبة روسية في إيجاد شكل فيدرالي في سوريا قال العلي إن الروس يدركون أن هذا الحل من الصعب تطبيقه في سوريا لأن كافة الأطراف ترفضه سواء الولايات المتحدة أو إيران وتركيا وحتى النظام والمعارضة.
وأضاف: "التفاهمات الإقليمية على الأرض بين إيران وتركيا والعراق أفشلت مشروع الاستقلال بكردستان العراق"، متسائلا: "كيف ستنجح فكرة انفصالية للأكراد في الشمال السوري في ظل الاختلافات الهائلة عن الواقع في كردستان العراق؟".
من جانبه قال المعارض السوري نزار خراط إن بوتين يبحث عن وصفة لمزيد من شرذمة الساحة السورية بعدما دخل بكل قوته عسكريا إلى هذا الملف.
وقال خراط لـ"
عربي21": "اليوم بدأنا بالحديث عن الأكراد وحلم إنشاء دويلة لهم شمال سوريا وغدا سنتكلم عن مكونات عرقية صغيرة مثل الآشوريين والشيشان وربما يصل الأمر للمكونات العقائدية ولن ينتهي التقسيم عند هذا الحد".
ورأى أن دعوة بوتين للمؤتمر محاولة لـ"الخروج من المستنقع السوري بأي طريقة وبأقل الخسائر بعدما قام بتأمين موطئ قدم في أهم المواقع".
وقال إن الروس "أمنوا مناطق الساحل وما تمثله من أهمية استراتيجية لهم على المياه الدافئة بالإضافة إلى أطماعهم النفطية في البحر المتوسط علاوة على السيطرة على قلب سوريا مدينة دمشق".
وبشأن الولايات المتحدة وموقفها من الأفكار الروسية للحل بسوريا قال خراط إن "واشنطن تريد للروس مزيدا من التورط في سوريا لأن الأفكار التي تطرحها تزيد الإشكالات الداخلية ولا تحلها وبالتالي فالأمريكان مستفيدون من أي فوضى تغرق الروس".