نشرت مجلة "بوليتكو" مقالا للكاتب مارك باري، يبحث فيه الاستخدام المتزايد للجنرالات المتقاعدين في مناصب سياسية في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويقول باري إن الخطاب الذي ألقاه الجنرال المتقاعد جون ألين تأييدا للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في تموز/ يوليو 2016، ثم خطاب الجنرال المتقاعد مايكل فلين تأييدا لترامب، تسببا بموجات من عدم الارتياح في جسد المؤسسة العسكرية الأمريكية، حيث رأت المؤسسة أن الجنرالين تجاوزا حدودهما، وكتب الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة في وقتها، قائلا: "الجيش ليس جائزة سياسية.. على السياسيين الاستماع إلى نصح قيادات الجيش، لكن ينبغي إبقاؤهم بعيدا عن حلبة السياسة".
ويجد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن ما عمق من الحوار في المؤسسة العسكرية حول الدور اللائق للعسكريين المتقاعدينن، هو استخدام الرئيس ترامب لعدد من الضباط ذوي الرتب العالية، السابقين والحاليين، في مناصب سياسية رئيسية في إدارته، فكان جنرال البحرية المتقاعد جون ماتيس رئيسا للبنتاغون، وجنرال البحرية المتقاعد جون كيلي، رئيسا لموظفي البيت الأبيض، والفريق هربرت ماكماستر، الذي لا يزال في الخدمة العسكرية، مستشارا للأمن القومي، بدلا من فلين.
وتورد المجلة أن الخبير في العلاقات المدنية العسكرية في جامعة نورث كارولاينا، ريتشارد كون، أشار إلى أن بعض الناقدين لترامب رحبوا بتلك التعيينات؛ لأنهم رأوا في ذلك إبقاء لترامب في المسار الصحيح، لكنه حذر من أن المشكلة في هذه النظرة، وهي أن "الوضع الطبيعي أن يكون العاملون مع الرئيس، يأخذون الأوامر منه، ونحن نطلب منهم الآن أن يوجهوا الرئيس بدلا من ذلك".
ويشير باري إلى أن القادة العسكريين السابقين يتفقون مع هذه الرؤية الأخيرة، وكثير منهم منزعج من الدور السياسي الذي يؤديه زملاؤهم، فيقول الجنرال المتقاعد ديفيد بارنو، الذي كان يرأس التحالف في أفغانستان: "سيبدأ المدنيون الآن بالتفكير، هل هيئة الأركان المشتركة جمهورية أم ديمقراطية؟ كما سيبدأ الرجال والنساء في الجيش بالتفكير إن كان يمكن لهم أن يصبحوا يوما ما وزراء دفاع أو مستشارين أمنيين"، مع أنه يقر بأهمية الخبرة التي يجلبها شخص مثل ماتيس لمنصبه.
ويلفت الكاتب إلى أن "هناك إدراكا في الكونغرس والمؤسسة العسكرية لأهمية الخبرة التي يجلبها جنرالات سابقون لإدارة مثل إدارة ترامب، لكن ما يقلقهم هو أن ماتيس وكيلي وماكماستر يثبتون أن ضباط الجيش غير مناسبين لمناصب تحتاج سنوات من الخبرة السياسية والتعامل مع الرأي العام، وكان الثلاثة قادة عسكريين ناجحين، والآن نتساءل إن كانوا يظهرون في مناصبهم الكفاءة ذاتها التي أظهروها بصفتهم قادة عسكريين، عندما يحاولون إقناع الشعب بميزانية أكبر مؤسسة للحكومة الأمريكية، أو الدفاع عن الرئيس في مكالمته مع أرملة جندي مقتول، أو تنسيق بيروقراطية جهاز الأمن الوطني الضخم، ربما نتوقع الكثير منهم، وربما يكون ماتيس وكيلي وماكماستر حملوا أكثر من طاقتهم".
ويقول باري: "يبدو أن المشكلة ليست ماتيس وكيلي وماكماستر، إنها ترامب، (فلو لم يكن الرئيس شخصية استقطابية جدا لما شكلت هذه التعيينات مشكلة)، بحسب خبير الحرب البحرية في معهد هدسون برايان ماكغراث، الذي قال: (لم أكن دائما مؤيدا كبيرا للنظرة (إنك دائما عسكري)، لا: إنك دائما مواطن، وفي أحيان كثيرة تكون لدى الجنرالات خبرة في بعض الجوانب أكثر من أي شخص آخر، فلماذا نحرم أنفسنا من حكمتهم؟)، لكن حتى ماكغراث لديه بعض الشكوك، فيقول: (يبدو وكأننا نتوقع من هؤلاء الرجال أن يؤدوا دور أركان الجيش التركي، بصفتهم ضامنين للدستور العلماني، أبغض أن أرى ذلك في الولايات المتحدة.. لكن يمكنك أن ترى لماذا يمكن أن يكون ذلك ممكنا، خاصة عندما يكون لديك رئيس معرفته بالبند الأول من الدستور معرفة عابرة)".
ويضيف الكاتب: "لا يشعر الجميع في واشنطن بهذا الشعور، فظهور كيلي الأسبوع الماضي في قاعة الإيجازات الصحافية في البيت الأبيض، وهو يهاجم عضو الكونغرس الذي انتقد مكالمة الرئيس مع والدة الجندي الذي قتل في النيجر، أثار موجة من الانتقادات.. فكتبت جينفر روبين في (واشنطن بوست): (يجب استبدال كيلي بشخص يفهم الحكم الديمقراطي، ويستطيع أن يوصل الأخبار السيئة والانتقادات للرئيس.. ويجب على الكونغرس أن يبدأ بمنع الجنرالات من العمل في مناصب مدنية في البيت الأبيض)، لكن يبقى الشعور العام لدى النخبة في واشنطن هو أن الجنرالات يحمون الجمهورية من الرئيس، وحتى الجنرال مارتن ديمبسي، الذي انتقد كلا من ألين وفلين، بدأ بتوجيه انتقادات حذرة لترامب على (تويتر)".
ويتابع باري قائلا: "قد مررنا بهذا سابقا في ستينيات القرن الماضي، ما أثار مخاوف العامة من النظرة المقبولة على نطاق واسع، لكن التي لم تكن في مكانها، بأن الجيش قد يتدخل ليفرض نظرة أصلب على سياسات الحرب الباردة، وكان ينظر إلى ضباط الجيش الكبار على أنهم محافظون ولا يتنازلون ومواجهون، وكان أفضل كتاب وأفضل فيلم هو (سفن ديز إن ماي)، اللذين افترضا قيام انقلاب عسكري من مؤسسة عسكرية ضد رئيس كان مستعدا للتفاوض على الأسلحة مع الاتحاد السوفييتي، لكن بعد 50 عاما تغير الوضع تماما، فأصبح معظم واشنطن الرسمية مقتنعا بأن ما يمنع وقوع (النار والغضب) جنرالان سابقان وآخر لا يزال يخدم، ودورهم الأساسي هو تقديم المشورة لرئيس محافظ ويرفض التنازل ويحب المواجهة".
وينوه الكاتب إلى أن مدير برنامج الدراسات الاستراتيجية في جامعة جونز هوبكنز، أليوت كوهين، يعكس هذه الآراء بالقول: "اعتبرها طغمة عسكرية حميدة.. وفي الواقع علينا أن نشكر ماتيس وماكماستر وكيلي في مناصبهم"، لكنه يحذر من أن المطلوب منهم وهو إسداء النصح للرئيس مسألة صعبة، فهو ليس كإسداء النصح لقائدك في الجيش.
ويخلص باري إلى القول إن "وجود جنرالات في مواقع صنع قرار سياسي المؤسسة العسكرية منذ أن وقف المتقاعدان فلين وألين على المنصة في المؤتمرين الجمهوري والديمقراطي، وقال الأدميرال المتقاعد مايكل مالين في خطاب له في معهد البحرية: (زرت الكثير من البلدان حول العالم، حيث يوفر الجنرالات الراحة للمواطنين.. وليس هذا في الولايات المتحدة الأمريكية)، ولحسن الحظ، فإن القليل في المؤسسة العسكرية من يختلف معه".
واشنطن بوست: الـCIA تكشف شحنة أسلحة كورية شمالية لمصر
جون بولتون: الاتفاقية مع إيران لا تستحق الإنقاذ
إندبندنت: هل يقترب المحقق الخاص بالتدخل الروسي من حل اللغز؟