قالت مجلة "إيكونوميست" إن الديكتاتوريين العرب هم الذين يدفعون باتجاه العلمنة خدمة لمصالحهم مستخدمين الحرب على الإسلاميين، مؤكدة أن أهم نزعة للعلمنة هي ما يجري في السعودية.
وسلطت المجلة في عددها الأخير الضوء على أن ميول العلمنة في العالم العربي تحظى بدعم من الحكام الشموليين، مشيرة إلى أن الدعوة للتعددية والانفتاح تأتي دون السماح للمواطنين بممارسة الحرية السياسية ولا حتى تمثيل حقيقي. وأحيانا تأتي على حساب حرية التعبير وسجن المعارضين.
وذكرت ما قاله إمام من مدينة المنصورة أنه يكون مسرورا لو امتلأ نصف الجامع يوم الجمعة. وفي القاهرة البعيدة 110 كلم تجلس النساء في المقاهي يدخن الشيشة علانية. فيما تقدم بعض المؤسسات الكحول المحرم تناوله في الإسلام.
وبحسب استطلاعات، تحدثت عنها المجلة، فإنها تظهر تراجعا في معدلات التدين بالمنطقة، إذ إن الشباب الذين دعموا الإسلاميين في ذروة الربيع العربي شعروا بالخيبة؛ نتيجة لأدائهم السيئ وغيروا مواقفهم.
وأوضحت أنه في مصر تراجع دعم تطبيق الشريعة من 84 بالمائة في عام 2011 إلى 34 بالمائة عام 2016. ولاحظت تزايدا في نسب الذين لا يصلون.
وأضافت المجلة أن قادة المنطقة بدأوا يتقبلون هذا التغير وإن كان لخدمة مصالحهم. فمن حاول التعاون مع الإسلاميين بدأوا ينظرون إليهم كأكبر تهديد على حكمهم. ومن خلال الحد من تأثير علماء الدين يحاولون تخفيف رقابتهم على السلطة.
وعلى صعيد العلاقة بين السيسي ومحمد بن زايد، تقول المجلة إن هناك عددا من القادة العرب مهتمون ببناء مجتمعات علمانية منفتحة رغم أن إصلاحاتهم هذه لا تشمل المجال السياسي.
وبينت أن دولة الإمارات التي خففت أولا القيود الدينية والاجتماعية في الوقت الذي قادت فيه حملة إقليمية ضد الحركات الإسلامية، وقام الشيخ محمد بن زايد، ولي العهد في أبو ظبي والحاكم الفعلي بالتوازي مع حربه للإسلاميين ببناء الجامعات الغربية وقاعات الفن. ورغم تبنيه التعددية إلا أن القيود المشددة على المواطنة لا تزال موجودة.
أما في مصر فلم يحظر عبد الفتاح السيسي جماعة الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية بالمنطقة فقط، بل وانتقد "عدم تسامح" الأزهر وأغلق العديد من المساجد ومنع المصريين من ذبح الأضاحي في بيوتهم في أثناء العيد دون رخصة. وحظر الشواطئ المخصصة للمحجبات. وعلق مسؤول مصري قائلا: "أصبحنا مثل الأوروبيين".
السعودية ومحمد بن سلمان
وتطرقت المجلة إلى أكثر التطورات المثيرة، وإن كانت في بدايتها هي التحولات في السعودية، حيث قام ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، بالحد من سلطة الشرطة الدينية وعزل آلاف الأئمة، وإعلانه مركزا للاعتدال من أجل تمحيص النصوص ورفض المزيف منها، وسيسمح للمرأة قريبا بقيادة السيارة وحضور المباريات في الملاعب الرياضية، وشجعت الدولة النساء على دخول سوق العمل.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن ابن سلمان عن بناء مدينة جديدة "نيوم" التي صممت على ما يبدو لتكون مثل دبي. وفي الأفلام الترويجية لمدينة المستقبل ظهرت المرأة دون حجاب.
وقال ابن سلمان في حديث خلال جلسة إعلان "نيوم"، إن السعودية تعود للوضع الطبيعي الذي كانت عليه قبل الثورة الإيرانية. وترى المجلة أن النزعة نحو الاعتدال ليست واسعة الاعتدال في كل أنحاء العالم العربي.
ووصفت المجلة التغيرات الحالية هي بمنزلة "حامض حلو" لليبراليين الذين يريدون تحولات سياسية أوسع. ومن خلال أجندة الحداثة يقوم الأمير محمد بتقليل قوة التحالف القديم الذي عملته عائلته منذ 250 عاما مع مشايخ الوهابية، الذين فرضوا تفسيرا محافظا للإسلام، وبدوا كمن يحكم البلاد إلى جانب العائلة.
وأشارت إلى أن المشايخ الذين لم يدعموا الإصلاحات تعرضوا للتكميم والسجن. وتم اعتقال العشرات من الشخصيات العامة بمن فيهم ليبراليون ممن انتقدوا سياسات الأمير. وكذا يقوم السيسي بتغذية النقد ضد الحركات الدينية وفي الوقت نقسه يمنع حتى السخرية غير المباشرة لحكمه. ومنع مئات الصحف والمواقع على الإنترنت وأسكت الفنانين والموسيقيين الذين قد يشجعون على المعارضة.
واختتمت المجلة تقريرها بالقول إنه في الوقت الذي يعبر فيه بعض العرب عن استعداد للتخلي عن حقوقهم السياسية مقابل الحريات الفردية، إلا أن العلمنة قد تستمر طالما ظل الديكتاتوريون يدفعون بالخطة حتى لم يمضوا إلى المدى الذي يريده الناشطون. وستكون قيادة المرأة للسيارة امتحانا لمدى التسامح الرسمي السعودي.
"شيك الـ4 مليار" لخاشقجي.. عبد الله يرد وأديب يهاجم (شاهد)
هل يستمر ابن سلمان في اتباع سياسته التصادمية؟
بعد زيارته للسعودية.. العبادي يصل مصر ويلتقي السيسي