عشرات الصحفيين خلف القضبان، وتهديد دائم للمعارضين بالتنكيل والإقصاء والفصل من العمل أو الحبس والاعتقال، وعشرات المواقع الإخبارية بين مغلقة أو تم حجبها أو التضييق عليها، واتهامات بالعمالة والتخوين والتمويل الخارجي والتبعية للإخوان المسلمين، كلها مواقف تصف حالة حرية التعبير في مصر.
وفي آذار/مارس الماضي، أكد التقرير السنوي لمنظمة "فريدوم هوس"، والمعنية بتقييم حرية الصحافة والحريات السياسية عالميا، أن مصر الثالثة عالميا في عدد الصحفيين المعتقلين، لأسباب مرتبطة بعملهم الصحفي.
ويتم بشكل دوري فصل عشرات الصحفيين الشباب من عملهم بالصحف الخاصة وحرمانهم حقوقهم المالية دون دور للنقابة، وكان أشهر تلك المواقف فصل صحيفة "اليوم السابع" الموالية للنظام عشرات الصحفيين بينهم 4 نقابيين.
وتدخل أزمة المواقع الإخبارية المحجوبة في مصر شهرها السادس؛ في إصرار من سلطات الانقلاب على فرض القيود على وسائل الإعلام ومحاربة حرية التعبير ومنع المصريين من حق المعرفة، في الوقت الذي تصر فيه على حصر المادة الإعلامية في ما يقوله إعلام النظام.
وفي ذات الوقت يسمح الانقلاب للمواقع الإباحية بالبث دون تشويش أو تعطيل أو حجب رغم صدور حكم قضائي نهائي عام 2009 يوجب حجبها؛ ما وضع مصر بالمركز الثاني كأكثر دول العالم مشاهدة للمواقع والأفلام الإباحية بعد باكستان، فيما تأتي فتيات مصر بالمرتبة الـ16 عالميا لمشاهدة الأفلام الإباحية.
محو ذكرى رابعة
وفي واحدة من جرائم النظام الجديدة ضد حق المصريين بالمعرفة وتوثيق الأحداث للتاريخ، تحاول سلطات الانقلاب محو ما يتعلق بمجزرتي رابعة العدوية والنهضة 14 آب/أغسطس 2013، من وثائق وتقارير رسمية.
وطالب مركز "هردو" لدعم التعبير الرقمي، بتدشين ذاكرة رقمية لأحداث مجزرتي فض اعتصامي رابعة والنهضة، مشيرا إلى "تعارض مواد الدستور مع ما يحدث من حذف بعض البيانات الرسمية من أرشيف بعض المواقع أو حجْب للمواقع بأكملها أو إلغاء بعض المواقع لأسباب مختلفة".
وطالب "هردو" بـ"رفع الحظر عن أرشيف الصحف الإلكترونية والحجب عن المواقع ذات المحتوى التوثيقي للأحداث".
عقاب البدل
وفي أزمة أخرى جديدة، أصبح صرف بدل التدريب والتكنولوجيا المقرر للصحفيين النقابيين يمثل لهم أزمة شهرية؛ حيث يتم تأخيره عن موعده وتُلقي كل من وزارة المالية والهيئة الوطنية للإعلام ونقابة الصحفيين اللوم على الأخرى.
بدل التكنولوجيا الذي من المفترض أن يتم صرفه شهريا بموعد ثابت بين أيام 27 وحتى 30 من كل شهر، لم يصرف خلال الشهر الماضي إلا بعد أسبوعين، والشهر الجاري لم يتم صرفه إلا أمس الثلاثاء، متأخرا عن موعده 12 يوما، ما دفع عشرات الصحفيين لتنظيم وقفة احتجاجية بداية الأسبوع الجاري.
وفي الوقت الذي دعمت فيه سلطات الانقلاب موقف النقيب الحالي الموالي للنظام بزيادة البدل 300 ليصبح 1700 جنيه شهريا (مائة دولار)، لم تصرف وزارة المالية تلك الزيادات إلا مع صرف بدل شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ما جعل بعض الصحفيين يعتبرون ذلك عقابا من النظام لهم خاصة وأنهم أول من تظاهروا ضده رفضا للتنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، والتي أعقبها أزمة كبيرة بين الصحفيين ووزارة الداخلية والنظام.
وتحت عنوان "لعبة لطيفة"، أشار الكاتب الصحفي محمد الصباغ، إلى محاولات النظام تطويع الصحفيين والضغط عليهم بتأخير صرف بالبدل.
الصباغ كتب عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "استمارة تأييد السيسي وصلت المؤسسات الصحفية؛ في الوقت الذي تأخر فيه صرف البدل النقدي المقرر صرفه بشكل ثابت منذ سنين للشهر التالي علي التوالي"، مضيفا أنه "بما يعني (ابصموا تقبضوا)".
أحدث الانتهاكات
وحول أحدث انتهاكات حرية الرأي بمصر، أكد الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة ورئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، قطب العربي، أن تشرين الأول/أكتوبر، شهد واقعة هي الأغرب وربما الأولي في تاريخ الصحافة المصرية، حيث تم احتجاز الصحفي سليمان الحكيم وهدم منزله عقابا له على ظهوره بفضائيات معارضة.
العربي أضاف لـ"عربي 21"، أنه تم تسجيل 43 انتهاكا بحق الصحفيين الشهر الماضي، مع استمرار حبس 94 صحفيا، موضحا أنه تم حبس الصحفية بجريدة "فكرة " أسماء زيدان بحجة إهانة السيسي بـ "فيسبوك"، والصحفية بشبكة "رصد" علياء عواد، لاتهامها في القضية المعروفة بـ"كتائب حلوان ".
وأكد العربي، أنه تم ظهور المصور الصحفي أحمد السخاوي، بعد إخفاء قسري لمدة شهر وحبسه 15 يوما، مضيفا أنه ورغم صدور قضائي بالإفراج عن الصحفي بجريدة "النهار" محمود مصطفي، إلا أنه لا يزال محتجزا.
وأشار إلى منع الأمن المصري الصحفيين من حضور محاكمة الناشط السياسي أحمد دومة، وقضية المتهمين بالشذوذ، ومنع أمن نقابة الأطباء أيضا الصحفيين من تغطية انتخابات التجديد النصفي بها.
وتم منع مقال للكاتبة غادة الشريف وحذف آخر بجريدة "المصري اليوم"، والتحقيق مع الإعلامية بالتليفزيون المصري عبير الفخراني بسبب تغريدة صنفت مسيئة للسيسي، فيما أحالت "روزا اليوسف" الحكومية الصحفي علاء عبد المنعم للقومسيون الطبي لمنعه من الكتابة بسبب موقفه الرافض للنظام.
وأضاف العربي، أن النظام قام مؤخرا بفصل الفنانين هشام عبد الله، وهشام عبد الحميد، ومحمد شومان من نقابة الممثلين على خلفية عملهم بقناة "الشرق" بحجة عدم تجديدهم الاشتراك.
سقوط النظام
وحول كيفية وصول الأسرة الصحفية لحالة التوافق حول هدف ولغة ووسيلة للتخلص من التضييق على حرية الرأي وإيصال رسالتها للنظام، أكد الكاتب الصحفي محمد منير، أنه لن تحل أي جماعة فئوية بما فيها الجماعة الصحافية مشاكلها بعيدا عن حل أزمة الشعب المصري، مضيفا أن "الأزمة تتعلق بسقوط هذا النظام".
منير في حديثه لـ"عربي 21"، أشار إلى أن الحل مع حجب المواقع وتراجع دور الصحفيين المعارضين والتضييق على الصحفيين أنفسهم كما حدث ويحدث لعشرات المعارضين لسياسات صحفهم الموالية للنظام؛ هو "الاصطفاف الآن في جماعات تغيير شعبية والعودة للتشكيلات السياسية"، موضحا أن "وقت الاصطفاف في جماعات فئوية قد انتهى".
لهذا السبب.. البرادعي يحجب 30 ألفا من متابعيه على "تويتر"
مصر.. مقتل 12 في اشتبكات مع قوات الأمن بالوادي الجديد
مصر: جنون الحب.. قتل حبيبته وأحرق أهلها