نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية تقريرا تطرقت فيه إلى أعمال العنف المتزايدة في مصر، فمنذ اعتداءات الأقصر في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1997 والتي أسفرت عن مقتل 62 شخص، يتم القضاء على الجماعات المتطرفة، حتى أن بعضها أصبح موال للنظام، لكن رغم ذلك، لم يتم حتى الآن القضاء على الإرهاب في مصر.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الانتصار الذي حققه حزب البناء والتنمية في مصر، التابع للجماعة الإسلامية، لم يستمر سوى أيام قليلة حيث عين الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، أحد أعضاء الحزب، المهندس عادل الخياط، محافظا للأقصر في 16 حزيران/ يونيو سنة 2013. ويعتبر الخياط البالغ من العمر 62 سنة أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في مصر، التي نفذت هجمات الأقصر.
وأوضحت الصحيفة أن ذلك لم يمنع قيام جماعة إرهابية جديدة في شمال سيناء بعد سبع سنوات فقط من حادثة الأقصر. وعموما، لم يتمكن الرئيس السابق، محمد مرسي من تهدئة الأوضاع في شمال سيناء، على الرغم من أنه يعد أول رئيس مدني منتخب، على خلفية الثورة التي اندلعت سنة 2011.
وفي هذا السياق، تصاعد الوضع أكثر فأكثر بعد سقوط مرسي، وتعرض أنصاره لعمليات قتل جماعية في ميدان رابعة العدوية وسط القاهرة.
وأفادت الصحيفة أن صيحات الاستهجان انطلقت ضد عادل الخياط، ما اضطره إلى تقديم استقالته بعد أسبوع. وبعد مرور ثلاث أسابيع، أطاح الجيش بالإخوان المسلمين من الحكم. في المقابل، كانت ردة فعل حزب البناء والتنمية على الانقلاب هادئة للغاية. وعلى الرغم من رفض أغلب أتباع الحزب للانقلاب العسكري، من خلال المظاهرات التي شاركوا فيها، فضلا عن الزج بالعديد منهم في السجون، إلا أن الحزب ما زال يعمل كذراع سياسي للجماعة الإسلامية ولم يلق مصير الإخوان المسلمين. والجدير بالذكر أن الحزب غير مرحب به من قبل حكومة عبد الفتاح السيسي، إلا أنها لم تقم بحل الحزب حتى الساعة.
وذكر الرئيس الجديد للحزب أن السبب الرئيسي لعدم حل الحزب يتمثل في عدم دخوله في أية تحالفات مع جماعة الإخوان المسلمين، التي وصفها بالإرهابية. وفي سياق آخر، قال أحد أعضاء الحزب إن الحزب وافق على دستور حكومة السيسي خلال سنة 2014، ووصفه بالخطوة الأولى نحو طريق الديمقراطية، مؤكدا على أن الحزب لا يرغب في خلط الدين بالسياسة. وفي هذا الشأن، قالت صحيفة الأهرام المصرية، المقربة من النظام، إن الجماعة الإسلامية أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة السياسية في مصر.
اقرأ أيضا: ما دلالات استغاثة السيسي بترامب لمواجهة "الإرهاب"؟
وأضافت الصحيفة أنه قبل عقدين من الزمن كان وضع الجماعة مختلف تماما. ففي مطلع التسعينات، أعلنت الجماعة الإسلامية بالإضافة إلى جماعة أخرى تطلق على نفسها اسم "الجهاد"، الذي كان رئيسها آنذاك القيادي في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، الحرب ضد قوات الأمن المصرية. وبالطبع، استهدفت هذه الحرب الأقباط والعلمانيين على غرار فرج فودة. وفي نفس السياق، أضافت: " برر أعضاء الجماعة الهجمات على السياح في الأقصر بأن بلادهم أصبحت غير إسلامية وتتشبه بالغرب. لذلك، يجب تحريرها من يد الفرعون الظالم حسني مبارك بالقوة". وبعد فترة، أعلنت قيادات الجماعة استسلامها رسميا للدولة، وأطلق سراح العديد منهم ممن كانوا محتجزين في السجون.
وذكرت الصحيفة أن بعض القيادات رفضت الاستسلام وأعلنت استمرار الجهاد ضد الدولة، على غرار الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن، ورفاعي أحمد طه، الذي فر إلى أفغانستان وأعلن عن انضمامه لتنظيم القاعدة. ووفقا لمصادر أمنية مصرية، فإن الأمر المباشر القاضي بتنفيذ مذبحة الأقصر جاء من أحمد طه نفسه.
وأشارت الصحيفة إلى أن أغلب أعضاء الجماعة ابتعدوا بالفعل عن العنف وحاولوا الانخراط في السياسة بأفكارهم المحافظة. وقد حرص السادات في السبعينات على تعزيز وجود الحركات الإسلامية في مواجهة الاشتراكيين والقوميين العرب. وعلى الرغم من مقتل السادات على يد متطرفين، إلا أن الدولة أعلنت عن التزامها الحياد مع الإسلاميين الملتزمين بقوانين الدولة.
اقرأ أيضا: لماذا تأخر السيسي بتشكيل "مجلس مكافحة الإرهاب" للآن؟
وأضافت الصحيفة أن العديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأتباع بعض الجماعات المتطرفة أعلنوا استمرار المقاومة ضد نظام السيسي القمعي بعد الانقلاب العسكري. ومن جانبها، قابلت الحكومة هذه الاعتراضات بمزيد من القمع. والجدير بالذكر أن عشرات الآلاف من المعتقلين، من بينهم علمانيون ويساريون يملؤون سجون السيسي، ويتعرضون للتعذيب بصورة فظة. وبالفعل، اختفى العديد من المعارضين للنظام تماما. ومن جهة أخرى، يؤكد ناشطون حقوقيون أن الحكومة الحالية أسست نظاما أكثر قمعا من نظام مبارك.
ولفتت الصحيفة إلى ما قاله مراقبون من أن النظام المصري يؤسس لمرحلة جديدة من التطرف خاصة وأنه لم يتبق سوى عدد قليل من الشباب، الذين يمارسون المعارضة السياسية التي يقمعها النظام المصري.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن العديد من الشباب في مصر يفرون إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط، في حين يختار البعض الآخر الانضواء تحت راية الجماعات المتطرفة على الرغم من محاولات قيادات الجماعة الإسلامية إقناع شبابها بتقديم فروض الولاء للدولة.
صحيفة: إسرائيل مستعدة للتدخل بسيناء بحجة تنظيم الدولة
فورين أفيرز: هل هناك مشكلة تدعى الإرهاب الأوزبكي؟
ميدل إيست آي: لماذا تواجه مصر مشكلة تمرد متنامية؟