نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن هندسة قوائم الطعام، التي تحولت في عصرنا الحالي إلى أداة تسويق متطورة، نظرا لقدرتها على التأثير على اختيارات المستهلك.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بمجرد وصول العميل إلى المطعم، يقدم له النادل قائمة الطعام بكل مهارة. وبمجرد تصفح القائمة، تنجذب عينا العميل إلى جملة من الوجبات التي تم تقديمها في شكل جذاب من خلال الوصف والصور وغيرها من اللمسات. وفي معظم الأحيان، لا يختار غالبية الأشخاص أطباقهم المفضلة نتيجة تأثير هذه العوامل.
وبينت الصحيفة أن حسن تصميم قائمة الطعام، عامل من شأنه أن يضمن لأصحاب المطاعم أرباحا طائلة. علاوة على ذلك، لفن طباعة الحروف، قوة تأثير هائلة على المستهلك. وفي هذا المجال، يحمل كل حرف من حروف قائمة الطعام، رسالة معينة ومختلفة، وهو ما جعل أصحاب المطاعم يعيرون هذا الجانب أهمية فائقة. فعلى سبيل المثال، تشير الحروف المتصلة إلى الجودة، الأمر الذي ترغب جميع المطاعم في الترويج له.
وأضافت الصحيفة أن معظم المطاعم تعتمد على الدقة في وصف الأطباق، للتأثير على المستهلك. وفي هذا الصدد، أكد أحد مواقع الوكالات المختصة في التسويق على نجاعة هذه التقنية، حيث نشر نصيحة مفادها أنه "كلما اعتمد وصف مفصل، ضمن صاحب المطعم مبيعات أكثر".
ففي حال كان على العميل الاختيار بين طبق "هامبرغر كامل"، أو طبق "هامبرغر من لحم البقر المشوي، مع الطماطم الكرزية المزروعة والمنقوعة في زيت روزماري، والفلفل المحمص، وشرائح رقيقة من الجبن..."، فسيختار الطبق الثاني. وعلى الرغم من كون الطبقين متماثلين ويكلفان السعر ذاته، إلا أن الطبق الثاني يجعل المستهلك يشعر بالجوع أكثر. ومن هذا المنطلق، يتجلى تأثير اللغة المذهلة الشائعة في هذا المجال.
اقرأ أيضا: هذه هي العادات الغذائية التي تميز شعوب العالم عن بعضها
وأوردت الصحيفة أن الكثيرين لا يمانعون في دفع المزيد من المال، في حال بدا لهم أن أحد الأطباق معد بشكل جيد مقارنة بغيره، أو أنه من الوجبات المألوفة أو من صنع منزلي. علاوة على ذلك، توجد عبارات لها تأثير خاص على المستهلك، وخاصة عبارة "الجدة". وبالإضافة إلى مشاعر الحنين التي تولدها، يعد لهذه الكلمة تأثير عميق على المستهلك بفضل الإيقاع الرائع الذي تخلفه على مسامعه. ووفقا لدراسة أجرتها جامعة ستانفورد، تبين أن الإيقاع المميز للكلمات، يزيد من المبيعات بنسبة 23 بالمائة.
ومن المثير للاهتمام أن هناك جملة من الحيل المتعلقة بالثمن والتي تساهم في التأثير على اختيارات المستهلك. وفي الأثناء، تعتمد غالبية المطاعم على التسلسل الهرمي وتضع الأسعار الأغلى في مقدمة القائمة. ومن خلال هذه الطريقة ستبدو باقي الأسعار منطقية بالنسبة للمستهلك. علاوة على ذلك، يساهم الوصف المدقق للأطباق في رفع أسعارها، وهو ما أكده دان جورافسكي، أستاذ علم اللغة الحاسوبية في جامعة ستانفورد من خلال إجراء تجربة في الصدد. وتوصلت نتائج هذه التجربة إلى أنه كلما كان الوصف أطول كلما كانت المبيعات أضخم. فضلا عن ذلك، تساهم كل كلمة إضافية في الوصف في زيادة السعر بمعدل 0.15 يورو.
وذكرت الصحيفة أن الألوان والعناصر البصرية تلعب دورا أيضا في التأثير على اختيار المستهلك. وعموما، يستخدم اللون الأخضر للتأكيد على أن الوجبة صحية وجيدة، أما البرتقالي فهو مخصص لتحفيز الشهية. في الوقت ذاته، يستخدم اللون الأحمر لنقل شعور ضرورة الاستعجال في اختيار الأكل، فضلا عن جذب اهتمام العميل للأطباق التي يرغب المطعم في بيعها.
وقالت الصحيفة إلى أن العديد من المطاعم تعمد إلى وضع الأسعار دون علامة العملة، أو الإشارة عبرها إلى أنه يوجد نوع من التخفيض، مثل 4.99 أو غيرها من مثل هذه الإشارات. وعلى هذا النحو، لا يهتم المستهلك بالقيمة المالية للطبق، ولا يعير اهتماما إلى الأسعار إلا عند وقت الدفع.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن حضور الإنترنت في أي مجال ليس بالأمر الجديد، في حين أن تحقيقها لثورة في قائمات الطعام التقليدية أمر غير مستبعد. وفي المستقبل، من المتوقع أن تتغير نماذج قائمات الطعام، وتصبح متاحة عبر الإنترنت ومدعومة بصور متحركة ومقاطع فيديو.