قرأت تقارير إعلامية عربية وأجنبية، تغيرا في الموقف السعودي من رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وأوردت أن الرياض أصبحت أكثر ميلا لبقاء رأس النظام في السلطة مستقبلا، وأن موقفها هذا يتماهى مع الموقف الروسي المتمسك بالأسد.
وأثار الأمر تساؤلات لدى الناشطين والمعارضين السوريين، حول حقيقة هذا الأمر، وأبعاده، وكيف سيؤثر على الثورة السورية، والمفاوضات المقبلة.
وتعليقا على الأمر قال الكاتب والباحث السوري خليل المقداد، إن الموقف السعودي "سلبي من الثورة السورية، ويسعى إلى فرض بقاء الأسد، وصولا إلى تسوية تتماهى مع الموقفين الروسي والأمريكي".
وأضاف لـ"عربي21": "الموقف السعودي كان سلبيا منذ البداية، إذ دعمت الرياض الأسد بأكثر من أربعة مليارات دولار ما بين قروض ومنح ومشاريع، لكنها اليوم تنتقل من السرية إلى العلنية، ومن يقول بغير هذا واهم"، وفق قوله.
واعتبر أن التصعيد السعودي ضد إيران وحزب الله هدفه داخلي يخص تثبيت حكم محمد بن سلمان، "فالسعودية غارقة في المستنقع اليمني، وتسعى بشتى الوسائل للخروج من مأزقها، ومن غير الممكن أن تتورط في مستنقع جديد لا قبل لها به، وما يحدث من تصعيد يهدف لأمرين، الأول تلميع محمد بن سلمان والتمهيد لتنصيبه ملكا على السعودية، والثاني التسويق لعملية التطبيع مع الكيان الصهيوني بحجة التعاون ضد المشروع الإيراني المدعوم روسيا، الذي ما كان ليكون لولا الرضى والقبول الإسرائيلي والغربي"، على حد تعبيره.
وأكد المقداد أن الموقف السعودي منذ انطلاق الثورة السورية "متذبذب"، وبأنه "لم يدعم الثورة السورية"، مضيفا أن "السعودية لم تفعل شيئا يوم كانت الفصائل تخوض المعارك وتسيطر على مساحات واسعة من الأرض بل على العكس، وجدناها والإمارات يقومون بفرملة الفصائل، وإجبارها على التوقف عن قتال نظام الأسد، والتقهقر على كافة الجبهات".
وتعكس تصريحات المقداد غضبا واسعا من المعارضين السوريين جراء التقارير التي تتحدث عن الموقف السعودي من مستقبل الأسد، وتغيره.
وأضاف الكاتب أن "علماء السعودية ممثلين بهيئة كبار العلماء جزء من منظومة الحكم، ومهمتها وظيفية ولا تستطيع الخروج عما هو مرسوم لها، فالسعودية تحاول لعب دور العراب، من خلال حشد معظم أطياف المعارضة وإجبارها على القبول بما تم الاتفاق عليه بين روسيا وأمريكا".
وأشار إلى أن الموقف السعودي من الأزمة السورية في أسوأ حالاته هو متوافق تماما مع الموقفين الروسي والأمريكي، وبهذا تحاول المملكة أن تبقى أحد أطراف اللعبة، ودورها ينحصر في مسألة جمع المعارضة وفرض الشروط الروسية الأمريكية عليها، وفق قوله.
وفي هذا الصدد، اعتبر القاضي الشرعي في الثورة السورية، عبد الرزاق المهدي، أن ما أسماها دعوات السعودية لبقاء الأسد صادمة للشعب السوري، متسائلا: "كيف يمكن للسعودية القبول بهذا النظام الذي أذاق شعبه كل أصناف العذاب والتشريد ؟".
وقال المهدي لـ"عربي21": "الموقف السعودي من الثورة السورية سلبي، فهي لم تقدم للثورة إلا القليل، وربما لفصيل أو مكون معروف، بل ما قدمته السعودية للحكومة اللبنانية كثير جدا، والحكومة اللبنانية هي شريكة حزب الله، فهي إذا دعمت حزب الله وليتها قدمت نصف هذه المبالغ للثورة السورية".
وأضاف: "كنا نتوقع الكثير من السعودية التي تعتبر ثقل السنة، ومن المفترض أن تكون عدوة إيران وحزب الله".
ولفت إلى أن "السعودية ليست جادة في محاربة النفوذ الإيراني في سوريا واليمن، ولو كانت جادة في ذلك لقدمت الدعم للثورة السورية من سلاح ومال وتوجيه، ولكان أرسلت خبراء يوجهون الثورة السورية كما فعلت إيران تجاه النظام".
وأكد المهدي أن "علماء السعودية فقدوا دورهم فهم طبقات وأصناف فمنهم من يوالي الحاكم مطلقا، ومنهم من يلتزم الصمت ولا يتكلم عن وضع سوريا وأكثر العلماء هم يقبعون في السجون".
من جهته، اعتبر الناطق باسم أحرار الشام، محمد أبو زيد، أن الموقف السعودي الذي جاء على لسان الجبير، يدل على "الاستسلام" و"عدم القدرة على مواجهة التمدد الإيراني".
وقال أبو زيد لـ"عربي21": "الموقف السعودي من الثورة السورية واضح منذ البداية، ونأمل أن يبقى الموقف السعودي لمواجهة التمدد الإيراني، لا سيما أن الإيرانين أصبحوا في الجنوب والشمال السعودي، وهذا التمدد لن يتوقف ما دامت إيران لا ترى قوة مواجهة لها".
ونفى أن يكون لدى فصائل الثورة تبدل في موقفها بخصوص بقاء الأسد، مضيفا أن "هذا الأمر بيد الشعب السوري الذي عانى من النظام، ولا يمكن لشعب خرج لطلب الحرية أن يقبل بطاغية".
وفي هذا الموضوع، يتساءل الناطق باسم فصيل جيش العزة النقيب مصطفى معراتي: "هل يجرؤ أحد أن يفكر مجرد تفكير ببقاء الأسد، وينسى الشهداء والمعتقلين والمفقودين والنازحين؟".
وقال الناطق في حديث لـ"عربي21": "إن مطلب بقاء الأسد هو مطلب روسي، بالتالي يخدم إيران، وما نراه أن السعودية تخوض الآن حربا ضد إيران، فهل يمكن لها أن تخدم إيران خدمة مجانية بتمييع المعارضة والعمل على إبقاء الأسد؟".