خلال أسبوع واحد شهدت مصر إعلان سلطات الانقلاب عن إقامة ودراسة سبعة مشاريع اقتصادية وصناعية وتجارية عملاقة بين دول حوض النيل وأفريقيا وكذلك روسيا، ما أثار التساؤلات حول حقيقة تلك المشاريع.
مشاريع مع أفريقيا
وأعلنت مصر، الجمعة، عن إقامة مشروع لربط بحيرة فكتوريا بالبحر المتوسط عبر نهر النيل، ليمر بتسع دول أفريقية هي: السودان، جنوب السودان، رواندا، بوروندي، أوغندا والكونغو وتنزانيا وكينيا وأثيوبيا.
وقال وزير الري محمد عبد العاطي، إن المشروع "يدفع عجلة التنمية، ويحسن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لكل الدول المشاركة"، التي من المقرر أن تستضيف القاهرة الاثنين المقبل، اجتماع اللجنة التوجيهية العليا للمشروع، لمناقشة المكتب الاستشاري (الألماني البلجيكي)، المسؤول عن الدراسات الفنية، ودراسة الجدوى.
والسبت، قام وفد من وزارة الري المصرية على مدار يومين بمعاينة منطقة أبرق ووادى حوضين بشلاتين، لإنشاء سد كبير بوادي حوضين، في شلاتين (جنوب شرق البلاد)، والمتنازع عليها مع السودان، وذلك بهدف تخزين 7 ملايين متر مكعب من مياه السيول سنويا وتنمية المنطقة وحمايتها من السيول.
وخلال فعاليات منتدى الاستثمار والأعمال "أفريقيا 2017" السبت، والذي افتتحه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الجمعة، أعلن اتحاد الغرف المصرية والأفريقية ووزير الاقتصاد التشادي عن دراسة إنشاء طريق برى يربط بين مصر وتشاد يمر عبر السودان أو ليبيا، لتنشيط حركة التبادل التجاري بين الدولتين.
مشاريع روسيا
وشهد الاثنين، تدشين ثلاثة مشاريع كبرى، حيث وقعت مصر وروسيا بحضور السيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في القاهرة على إنشاء محطة الضبعة النووية بقدرة 4800 ميجاوات باستثمارات 25 مليار دولار، وبالتعاون مع شركة (روس اتوم) الروسية.
وشهد أيضا لقاء السيسي وبوتين، الإعلان عن إنشاء أول منطقة صناعية روسية بمحور قناة السويس، بمساحة 5 كلم مربع واستثمارات تبلغ 7 مليارات دولار في شرق بورسعيد، وقال الرئيس الروسي إن المنطقة الصناعية الروسية بمصر، ستكون مركزا هاما للتصدير إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.
كما تم الحديث عن تطورات دراسات إنشاء منطقة لوجستية للصادرات المصرية في روسيا أيضا.
نووي فرنسا
وخرجت صحيفة الجمهورية الحكومية الإثنين، بعنوان "(النجيلة) المفاجأة النووية الثانية بالتعاون مع فرنسا"، وقالت إن مصر بدأت مفاوضات مع فرنسا لإقامة ثاني مشروع نووي 40 كيلومترا غرب محطة الضبعة بمنطقة "النجيلة" وتتضمن إقامة 4 محطات نووية بقدرة 1650 ميجاوات لكل منها.
ودأب نظام الانقلاب في مصر على رفع شعار "المشاريع العملاقة"، منذ منتصف 2013، وتصديره إعلاميا للشعب، دون تحقيق تلك المشاريع أيا من أهدافها التي روج لها، ومن بينها مشاريع (تفريعة قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع استصلاح مليون ونصف المليون فدان.. وغيرها).
الأنظمة العسكرية
الباحث السياسي، عبد الله النجار، تحدث عن مشاريع الأنظمة العسكرية في مصر والتي يفرد لها الأحاديث الإعلامية، دون أن تجد صدى لها في الواقع.
وقال عبر صفحته بموقع "فيسبوك": "مع بداية حكم العسكر في الخمسينات بشرونا بوكالة فضاء مصرية وبأن مصر ستصنع مركبة فضائية ستغزو الفضاء وستصنع الصواريخ التي تبلغ بها عنان الفضاء.. تماما كما جاء خلفاؤهم وبشرونا بالقضاء على الفيروسات بالكفتة"، مضيفا: "وهناك دوما من يصدق".
وقال السفير فوزي العشماوي: "أم المشاكل في مصر هي أن الرئيس والحكومة يتبنون مشروعات ويفخرون بإنجازات لا يشعر ولا يعترف بها أغلبية الشعب؛ في حين أن ما يطمح إليه يتمناه أغلبية الشعب من مشروعات وإنجازات لا يشعر ولا يعترف بها الرئيس والحكومة"، معتبرا أنها "معضلة كبرى".
وفي تعليقه أكد الباحث الاقتصادي المصري، عبد الحافظ الصاوي، أن "هذه طريقة عتيقة لدى الأنظمة المصرية؛ تعتمد على أنه لا توجد مساءلة أو رقابة ولا تؤمن بوجود مؤسسات مالية أو رقابية ولا تعبأ بالمجتمع المدني أو السلطة التشريعية التي لها حق محاسبة ومراقبة الحكومة".
وأوضح لـ"عربي 21"، أن "مصر لا تمتلك من الموارد المالية ما يسمح لها بتنفيذ هذه المشروعات"، مشيرا إلى أن إحدى تلك المشروعات وهي المنطقة الصناعية الروسية طرحت قبل ذلك أكثر من مرة منذ عهد حسني مبارك، وكان الحديث عن إقامتها بمنطقه برج العرب (شمال غرب)".
وأكد الصاوي، أنه "لو توافرت لمصر الأموال لإقامة هذه المشروعات لأقامت بها مشروعات بالداخل"، مشيرا إلى أن "مصر تعاني من فقر في الاستثمارات، وأنها تقترض من الخارج لمجرد سد عجز الموازنة"، متسائلا: "فكيف ستتوفر لها أموال لإقامة مشروعات مشتركة أو في الخارج".
واعتبر الصاوي، أن تلك المشاريع أكثرها للاستهلاك الإعلامي، وقال: "هي كذلك مجرد حملات إعلامية مصاحبة لمؤتمرات رأس الانقلاب فقط".
وحول استخدام بعض تلك المشاريع وخاصة الأفريقي منها للضغط على السودان بملف سد النهضة مثل مشروعي سد شلاتين وطريق تشاد البري؛ قال الصاوي، إن "مصر الآن عاجزة عن تنفيذ أية مشاريع ضد أيا من دول الجوار".
خوف
وتعجبت الكاتبة الصحفية، مي عزام، من هذا الكم من المشاريع التي تم الإعلان عن بعضها ودراسة الأخرى، مثل مشروع الطريق البري بين مصر وتشاد، مشيرة إلى أن المشاريع التي تأكد تنفيذها هي التي تتم مع الجانب الروسي، وأن الموقف الأساسي فيها هو التقارب المصري الروسي.
عزام، أكدت لـ"عربي21"، أن الإعلان عن تلك المشاريع في توقيت واحد له دلالته، معتبرة أنها "محاولات من النظام لطمأنة الداخل المصري أننا كدولة نضع أقدامنا في أفريقيا بمشروع الربط البري مع تشاد وتوصيل بحيرة فكتوريا بالبحر المتوسط وردا على مشروع سد النهضة الإثيوبي"
وقالت عزام، إن "الوضع الذي يستحق الوقوف عنده هو ما قيل عن أن دولا خليجية وبالطبع الولايات المتحدة تقف ضد أهم تلك المشاريع وهو المفاعل النووي والتقارب مع روسيا".
وأوضحت أن "مصر هنا تحاول بتلك المشاريع أن تحمى نفسها من غدر الأصدقاء"، مشيرة إلى أنها "نفس سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إثر انقلاب تموز/ يوليو 2016، حيث أنه لم يأمن غدر الغرب وأمريكا وبدأ بالتقارب مع روسيا، وغير سياسته بسوريا وبدأ تفاهمات كثيرة واستيراد لأنظمة دفاعية روسية تضر بحلف الناتو بعد رفض أمريكا تصدير أسلحة متطورة لتركيا".
وفي سؤال حول إمكانية أن تحسن تلك المشاريع صورة السيسي بالشارع الغاضب، أكدت عزام أنه "لا التوجه مع روسيا ولا المشاريع التي يعلن عنها بأفريقيا؛ تستطيع أن تنتزع غضب الشارع"، مضيفة أن الشارع الغاضب تنقصه قوة، والحق لابد له من قوة تحميه، والشارع غاضب لكنه ليس متحدا ولا يستطيع التوافق على مرشح واحد يقف خلفه".
إنشاء وكالة مصرية للفضاء.. مشروع حقيقي أم فنكوش جديد؟
لماذا يواجه المصريون "السيسي" بالسخرية والنكات؟
إحالة صحفية "اغمز يا ريس" للنيابة.. ونشطاء: ليس له صاحب