أكد وزير الخارجية
المصري، سامح
شكري، في تصريحات صحفية السبت، أن مصر تأمل في عودة العلاقات مع
تركيا، رغم عدم تغير الموقف التركي من النظام المصري، مضيفا أن القاهرة منفتحة ولديها رغبة دائمة في تجاوز أي توتر.
وفي حوار نشرته صحيفة "أخبار اليوم" الحكومية، السبت، قال شكري: "هناك الكثير الذي يربط الشعب المصري ونظيره التركي، فهناك صلات قوية وتمازج ومصاهرة وتراث مشترك، ونأمل أن تعود العلاقة فمصر دائما منفتحة".
ورغم أن شكري اعترف بأن "الأوضاع مع تركيا ما زالت على ما هي عليه"، إلا أنه أوضح أن "مصر تؤكد الرغبة على تجاوز أى توتر، على أساس مبادئ عدم التدخل بشؤون مصر الداخلية، وعدم الإساءة لها".
وأشار إلى بعض التغير في الجانب التركي، وقال: "نراقب حاليا أن هذا الوضع ليس بالوتيرة السابقة، ونستمع من حين لآخر لرغبات بعض المسؤولين الأتراك للتقارب، ولكن على تركيا أن تعتمد هذه المبادئ حتى نعود لعلاقة طبيعية، تعود بالنفع والمصلحة على البلدين".
وعلى إثر انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013؛ ساءت علاقات القاهرة وأنقرة بعد إعلان الأخيرة أن ما جرى بمصر انقلاب عسكري، وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، اعتبرت مصر السفير التركي "شخصا غير مرغوب فيه"، وقررت تخفيض التمثيل الدبلوماسي لمستوى القائم بالأعمال، فيما ردت أنقرة بالمثل.
سجل التهدئة
ومؤخرا، خرجت تصريحات من الجانبين تدعو لتخفيف حدة التوتر، وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في 21 آب/ أغسطس 2016، إن أنقرة ترغب بتطوير علاقاتها بالقاهرة، وعقد لقاءات بين مسؤولي البلدين وخاصة بالملف الاقتصادي، معلنا رفض بلاده الاعتراف بالانقلاب العسكري كسلطة شرعية لمصر.
وإثر تصريح بن علي يلدريم، بيومين، قال عبدالفتاح
السيسي، بحوار للصحف الحكومية 23 آب/ أغسطس 2016، ، إنه لا يوجد سبب للعداء بين شعبي مصر وتركيا، مضيفا: "نحن نعطيهم الوقت لإعادة النظر بموقفهم منا وتصويب تصريحاتهم".
وبدا لافتا مرونة الموقف التركي عندما أعلنت أنقرة الحداد الرسمي وقامت بتنكيس الأعلام فوق البنايات الحكومية تضامنا مع ضحايا مصر بتفجير مسجد الروضة شمال سيناء، 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وعلى الرغم من أن تسليم مصر قيادة منظمة التعاون الإسلامي، لتركيا في 14 نسيان/ أبريل 2016، لم يحضره السيسي، وشهد مغادرة لوزير الخارجية المصري للجلسة بمجرد تسليمه رئاسة المؤتمر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان دون مصافحته، إلا أن سامح شكري شارك مؤخرا في قمة المنظمة بإسطنبول حول قضية القدس المحتلة 13 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وعلى الجانب الاقتصادي، أعلنت القاهرة عن ارتفاع صادراتها إلى أنقرة منتصف العام الجاري بنسبة 52 بالمئة، وقام وفد مصري بالمشاركة في مؤتمر اقتصادي تركي احتضنته مدينة قونية نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
التخابر والإرهاب وأردوغان
إلا أنه ورغم تلك المحاولات للتقارب بين البلدين؛ ألقت سلطات أمن الانقلاب في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، القبض على 29 شخصا ووجهت لهم اتهامات "تمرير المكالمات الدولية بغير ترخيص، وغسل الأموال المتحصلة من تلك الجريمة، والاتجار في العملة بغير ترخيص"، وهو ما عرف إعلاميا بقضية "التخابر مع تركيا".
وفي الوقت ذاته، لايزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حاضرا بقوة في مشهد برامج التوك شوك المصري، حيث تواصل الأذرع الإعلامية للنظام توجيه الاتهامات له ولبلاده بالوقوف خلف أعمال العنف والجرائم الإرهابية التي تقع في مصر.
وتعليقا على تصريح شكري، قال الناشط أحمد صيام، عبر صفحته في "فيسبوك": "طيب وموضوع تركيا إرهابية وتمول الإرهاب في سيناء؛ أخباره إيه، ولا هنلاقي لميس الحديدي وعمرو أديب قاعدين مع أردوغان".
والسؤال: هل تصريح شكري يعد خطوة فعلية نحو استعادة علاقات الدولتين؟ أم أنها لتثبيت التعاون الاقتصادي؟ أم رسالة ترهيب من النظام للمعارضة المصرية في تركيا؟
تركيا وملف مرسي والمعتقلين
من جهته، أكد الصحفي المصري في التليفزيون التركي سمير العركي، أن "من يتابع علاقة البلدين خلال الفترة الماضية يلاحظ بوضوح أن هناك تهدئة متبادلة بين الجانبين، ورغبة واضحة في تعظيم المكاسب المشتركة خاصة في المجال الاقتصادي".
وأشار العركي في حديثه لـ"
عربي21"، إلى بعض جوانب ذلك التقارب، موضحا أن تركيا شهدت خلال الأسبوعين الماضيين مؤتمرا اقتصاديا استضافت فيه مجموعة من الصحفيين المصريين، وأطلعتهم على التجربة التنموية الاقتصادية.
وأضاف أن "مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد بصفة استثنائية في إسطنبول بناء على دعوة من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، شهد حضورا مصريا رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية، سامح شكري".
وأكد العركي، أنه "ولذا فمن الضروري تقييم تصريحات شكري في هذا الإطار".
واستدرك قائلا: "ولكن احتمال تطبيع العلاقات بين البلدين؛ لا أظن أنه سيتم دون حل عدد من الملفات العالقة، وعلى رأسها ملف اعتقال الرئيس محمد مرسي، وبقية المعتقلين، الذين تطالب أنقرة بضرورة الإفراج عنهم".
مصر وفضائيات المعارضة
وعلى الجانب الآخر، وصف الباحث والمحلل السياسي محمد حامد، تصريحات شكري بأنها "أمر جيد وإيجابي، وصرح بمثله قبل ذلك في لقاءات تلفزيونية وصحفية"، مضيفا: "ولكن تحدث أمور في الإقليم تعرقل التقارب الدبلوماسي".
وقال حامد، لـ"
عربي21"، "مازالت هناك أمور عالقة في الملف المصري التركي تعرقل التقارب"، مشيرا إلى وجود "القنوات الفضائية التي تهاجم النظام المصري من تركيا".
وتساءل حامد، حول "رؤية الحكومة التركية حول هذا الأمر"، منتقدا استضافة أنقرة لما أسماهم بـ"الوجوه المتطرفة التي تستضيفها تركيا مثل وجدي غنيم (داعية مصري يقيم في تركيا) الذي تسبب في أزمة دبلوماسية بين أنقرة وتونس، أصدر فتوى في آب/ أغسطس الماضي كفر فيها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي".
وتابع حامد: "أيضا هناك في تركيا عاصم عبد الماجد (عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية)، وطارق الزمر (القيادي بالجماعة الإسلامية والرئيس السابق لحزب البناء والتنمية)"، مضيفا أن "كل هؤلاء يجب أن يكونوا خطوات تركية للتقارب مع مصر دبلوماسيا".
وحول التعاون الاقتصادي بين القاهرة وأنقرة، قال حامد: "أما اقتصاديا؛ فهناك قناعة مشتركة بين الجانين حاليا أن الخلاف السياسي بينهما يجب أن يبتعد عن ملفات الاقتصاد، باعتبار أنها تساعد الشعبيين في تحسين أوضاعهما المعيشية والاقتصادية".