برزت العلاقة بين الأزهر والنظام إلى صدارة المشهد مجددا في مصر، بعد إعلان نواب برلمانيون مؤيدون للنظام تقدمهم من جديد بقانون لتنظيم مؤسسة الأزهر، كان الأزهر قد أعلن مرارا رفضه له.
وأعلن النائب عمرو حمروش تقديم مشروع قانون جديد يهدف، حسب قوله، إلى تنظيم مؤسسة الأزهر وإعادة هيكلتها من الداخل وتطهيرها مما أسماه سيطرة الإخوان والسلفيين" ليكون ثاني قانون لإعادة هيكلة الأزهر بجانب قانون سابق تقدم به النائب محمد أبو حامد في كانون الثاني/ يناير الماضي، وهو ما قوبل برفض كبير من جانب الأزهر ومؤيديه.
وجاء هذان المشروعان ليكسرا الهدنة القصيرة بين الأزهر والنظام بعد تراجع البرلمان عن مناقشة قانون أبو حامد وإعلان رئيس مجلس النواب علي عبد العال وقتها أن القانون كان صفحة وطويت، مؤكداً على عدم المساس بالإمام الأكبر أو مؤسسة الأزهر.
اقرأ أيضا: هل قرر السيسي التخلص من الأزهر واستبداله بمؤسسة جديدة؟
ويقول مراقبون إن إثارة الموضوع مجددا يعكس بوضوح إصرار النظام على تطويع المؤسسة الدينية الأهم في العالم الإسلامي.
اختلافات
ويعد مشروع قانون حمروش مختلفا بعض الشئ عن قانون حامد الذي كان يتضمن تحديد مدة ولاية شيخ الأزهر وجواز إقالته من منصبه، وهو ما يتعارض صراحة مع نصوص الدستور الحالي.
أما مشروع قانون حمروش فقد تفادى التطرق لمنصب شيخ الأزهر من الأساس، لكنه طال جميع القطاعات الأخرى في المؤسسة، حيث نص على إلغاء الكليات المدنية من التعليم الأزهري والاكتفاء بالكليات الشرعية فقط، كما نص على وقف إنشاء المعاهد الأزهرية وإلغاء الغالبية العظمى منها، وسمح لأعضاء مجمع البحوث بالتصويت والترشح لمنصب شيخ الأزهر، وعدم اقتصار الأمر على أعضاء هيئة كبار العلماء فقط.
وأعلن عمر حمروش أن مشروع القانون الذي تقدم به يهدف إلى هيكلة كافة قطاعات الأزهر ما عدا الإمام الأكبر، مضيفا، في تصريحات صحفية، أن الأزهر يعاني من حالة ركود ويحتاج إلى تجديد دماء قياداته والتخلص من سيطرة بعض الإخوان والسلفيين عليه لاستعادة دوره ومكانته.
من جانبه أعلن النائب محمد أبو حامد إصراره على التقدم مجددا بمشروع القانون الخاص به، مؤكدا أنه سيتم مناقشته قريبا بعد أن جمع 80 توقيعا من النواب بالموافقة عليه.
حملة تشويه
وفي السياق ذاته ، شن سياسيون وإعلاميون مؤيدون للنظام حملة انتقادات قوية ضد الأزهر في الأيام الماضية، حيث قالت النائبة مارجريت عازر إن شيخ الأزهر محاط بقيادات إخوانية بعضهم شاركوا في اعتصام رابعة العدوية.
اقرأ أيضا: مصر.. صراع بين الأزهر والحكومة على أحقية الظهور بالفضائيات
أما النائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، فرفض وضع الأزهر قائمة الشيوخ الذين يحق لهم الإفتاء، مؤكدا أن الازهر "يختار شيوخا متعصبين تضر فتاواهم بالمجتمع وتسبب الإرهاب".
ووجه عابد رسالة إلى شيخ الأزهر قائلا:"انظر حولك يا فضيلة الشيخ فيجب إعادة تنظيم رجالك من حولك، وبدون أن يدعم الأزهر قبول الآخر فلن تكون مصر بخير أبدا، على حد قوله".
أما صحيفة "فيتو" فقالت في تقرير لها السبت الماضي، إن الأزهر خرج طوال العقود الماضية العديد من المتطرفين والإرهابيين، منهم الشيخ عمر عبدالرحمن الزعيم الروحى للجماعة الإسلامية والشيخ يوسف القرضاوي عضو هيئة كبار علماء الأزهر والشيخ عبد الرحمن البر مفتي جماعة الإخوان، ورغم ذلك يرفض الأزهر تنقية مناهجه الدراسية من الدعوة إلى العنف.
"تربص"
وتعليقا على هذا القانون، قال عضو ھيئة كبار العلماء محمود مھنى إن هؤلاء النواب والإعلاميون "يتربصون واضحا بالأزهر ولا يريدون به خيرا"، مؤكدا أن "سن قوانين تخص الأزهر ليس مبدأً مرفوضا، لكن الإصرار على تحديد ولاية شيخ الأزهر بالمخالفة للدستور أو تقليص التعليم الأزهري هو ما يثير الشكوك حول غرض هؤلاء النواب".
فيما قال عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، محمد الشحات الجندي، إن تقديم تشريع جديد بدعوى تنظيم الأزهر هدفه الحقيقي "إعادة إشعال الصراع بين مؤسسة الأزهر والبرلمان بعد أن تم رفض اقتراح النائب محمد أبو حامد الذي رفضه الرأي العام ومؤسسات الدولة".
وأوضح الجندي، في تصريحات صحفية، أنه "ليس من حق أحد من خارج الأزهر أن يتحدث عن إعادة تنظيمه"، مشددا على أن الأزهر فقط هو الجهة الوحيدة التي تملك سلطة إدخال أي تعديل أو هيكله على قطاعاته، وأكد أن الأزهر يرفض القانون الجديد شكلا ومضمونا كما رفض سابقه.
اقرأ أيضا: إعلاميو السيسي يهاجمون الأزهر لرفضه "تكفير" منفذي هجوم سيناء
وردا على الاتهامات المتكررة بوجود شخصيات إخوانية في مناصب قيادية بالأزهر، طالب محمد الشحات الجندي من يرددون هذه الاتهامات بالتوجه إلى القضاء لتقديم بلاغات في من يعتقدون أنهم من الإخوان.
انقسام برلماني
وفي خطوة أظهرت وجود انقسام داخل البرلمان في التعامل مع الأزهر، أعلن عدد من النواب رفضهم للقانون الجديد، وأكدوا رفضهم المساس بالأزهر أو الانتقاص من قيمته بحجة إعادة هيكلته.
وفي هذا السياق، أعلنت النائبة عبلة الهواري أن 150 نائبا سيقومون بتنظيم "زيارة تاريخية وغير مسبوقة لشيخ الأزهر أحمد الطيب في مكتبه الثلاثاء المقبل لتقديم الدعم له، وإرسال رسالة للخارج والداخل أن الأزهر يلقى تقديرا واحتراما كبيرين في مصر".
وأوضحت الهواري أن "نواب البرلمان بكافة طوائفهم لا يقبلون المساس بالأزهر الشريف وشيخه"، مضيفة أن مشروعات القوانين التي يصر بعض النواب على تقديمها تضر بالأزهر ومكانته العالمية، مشددة على أن غالبية النواب يرفضون هذه القوانين رغم حصولها على التوقيعات المطلوبة لعرضها أمام المجلس.
شيخ الأزهر يدعو لانتفاضة جديدة من أجل القدس
منظمات حقوقية: لا بديل عن إلغاء قانون الجمعيات الأهلية بمصر
لماذا رفض الأزهر تكفير تنظيم الدولة بعد حادث مسجد الروضة؟