قائد وقيادة، مقود وموقد، ساحب ومسحوب و(مسحب)، جار ومجرور و(مجرجر)، تابع ومتبوع وأي مصطلح يدل على الانقياد (كالسخل) في لغة راعي الأغنام.
بعض يصح استخدامه في اللغة
العربية وبعض واضح الخلل، لكن أردناه لوصف حالتنا في القيادة، والتبعية، والفشل في
مواجهة الأخطار.
قد تكون مساحة التعبير تدل على إحباط
الكاتب، أو المكتوب له، أو الحالة العامة التي عليها الشعب الفلسطيني.
ثلاثية الإحباط أردتها للدلالة
على واقعنا الفلسطيني من حيث إدارة الحالة السياسية، وسلوك قيادته، وشكل تعاطيها
مع الواقع السياسي الذي ما زالت تكشفه الكواليس التي نطلع عليها بين الفينة
والأخرى ومنها:
أولا: المصالحة: الحماس الذي
أبدي في ملفها، وتصريحات القيادة المتفائل، عاد للنقطة صفر، إذ بات حديث المصالحة،
متوقفا، بل ميتا كعبارة أدق، على خلفية تجميد التعاطي من قبل السلطة الفلسطينية في
ملف الاستحقاق الخاص بغزة، مما ترتب على ذلك وقف وتجميد مصطلحات التمكين والسلاح
والواحد والسلطة وهيبتها.
هذا الملف يعيدنا لسؤال: هل كان
التوجه للمصالحة استراتيجيا أم تكتيك لدى فتح؟
هل تريد فتح حقيقة المصالحة
وحمل ملف غزة؟ هل واقع المصالحة على أجندة القيادة ؟
الإجابة للأسف لا، وهذا ما يمكن
استدلاله من جلسة لمجموعة قيادية في السلطة والتي تحدثت بوضوح أن الموازنات،
والواقع الذي فيه غزة لن تتيح لنا استلام المدينة بعد كل هذه السنوات من الانقسام،
عدا عن رؤية بعض الدول العربية للمصالحة وشكل مخرجاتها، غير معزولا عن وتوجهات
الكيان والولايات المتحدة.
ثانيا: القدس: الحراك السياسي،
اكتفى بالعمل الدبلوماسي، إذ أنجزنا فيه موقفا رافضا للاحتلال ولهيمنة الإدارة
الأمريكية على المؤسسة الدولية من خلال التصويت في الأمم المتحدة على ثلث القدس،
واعتمادنا منهجية المواجهة على الصعيد الدبلوماسي كخيار وحيد وأوحد.
هذا ما يمكن مشاهدته في ملف
التصعيد على الأرض في الضفة الغربية، إذ بعد الأسبوع الثاني من الأحداث انسحبت فتح
وترك الأمر للشباب، ينظمون أنفسهم، يواجهون، يستشهدون.... ورويدا رويدا تنتهي
الحالة.
هذا الحديث كشف عورة الضعف
الفصائلي، ورؤية السلطة وفتح للمستقبل،رؤيتها للنضال والمقاومة لمشروع الاحتلال
كما يقال في العامية(بح) على كافة الأصعدة.
هذا الواقع المأزوم والمدرك
شعبيا، سينتج استمرار حالة الضعف، والخيبة المجتمعية وقتل روح النضال، مما سيحولنا
إلى حالة لا تغضب حتى لو اقترف بحقنا ما اقترف، لقناعتنا بخيبة الحالة القيادية
لدينا.
ثالثا: الاحتلال: لم أشاهد في
حياتي راحة عليها الاحتلال تجاه واقعنا الذي نحن عليه، مقاومتنا مجرمة منا،
سلميتنا ميتة، سياستنا لا تضايقه، ونحمل أمام ذلك عبء الاحتلال من حيث المكنة
الإدارية كصحة وتعليم، بل يتجاوز واقعنا إلى أبعد من ذلك حين نستخدم في الحالة
الأمنية له.
هذا الواقع المهين جعل الاحتلال
يصنع ما يريد، ويمارس في ذلك كل السياسات التهويدية والقمعية ضد الشعب، دون أي
تخوف من الردع وغيره.
لذلك سنشاهد في الشهور القادمة
تهويدا على جبهة القدس غير مسبوق، وكذلك الضفة بالإضافة إلى اجراءات تصعيد على غزة
لم يسبق له مثيل.
رابعا: العرب: بلا شك أن أنظمة
العرب في غالبها، تعيش حالة من زواج المتعة مع الاحتلال، لكن نحن للأسف قبلنا
المشاركة كشاهد في عقد عهرهما، إذ كانت بعض قيادات السلطة حين جاء عشقي السعودي
والتقى الاحتلال، ودحلان كان عراب العلاقة مع بعض الأنظمة، عدا عن قبولنا العمل
بصيغة بعض الملفات بوجود الاحتلال والعرب.
لن نحمل كثيرا الفلسطيني
مسؤولية هذا الملف، لكن نحن وفرنا بيئة لاستخدام المثل" لن نكون ملكيين أكثر
من الملك".
الحديث كثيرا في سوء واقعنا، و
الحديث النظري عن الحل كررناه كثيرا، لكن أصارحكم بالقول أن، ما نطرحه نظريات خداع
وكذب، لعلمنا أنها مستحيلة، لا القيادة جاهزة لرفع السقف، ولا السلطة قادرة على
مصالحة، ولا قادرة على حمل مشروع غير الذي نحن فيه.
الحل الوحيد، هو رحيل القيادات،
والاكتفاء منهم مشكورين ومقدرين بإدارة مصالحهم الشخصية، مقابل ترك الشعب
الفلسطيني يرمم كرامته، وحالته التي تميل إلى العدمية والفناء بسبب الخيبات
المتتالية.
خلاصة الواقع: الفاتحة لواقع
ميت نحن فيه، والعرب فيه، تخوفي أن البيئة العدمية، ستؤسس لإكمال مشاريع التصفية
للقضية، خوفي على غزة وأهلها، وعلى القدس، واللجوء المنحور في سوريا والمؤامرة
عليه في لبنان، خوفي على الداخل وما يحاك له.
الأمل في الحالة الفلسطينية
أحيانا يأتيك من الضعف، ومن المجهول، من رب يدبر حين يعجز البشر.
رحمة الله هي الطاقة التي ننظر إليها
دوما بعد أن أزحنا وجوهنا عن بوابة العبيد.
ذهب هريرة... وماتت ليلى....
وقيس لم يعد له في القلب حبيب.... وخارطة التاريخ الجميلة اندلعت في أقوسها النار
بعد حرقت مراكب فرسانها .. الله على الظالم