أكد خبراء فلسطينيون، أن الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر، دخل مرحلة "الموات"، وهو ما ينذر بتفجر الأوضاع الأمنية في وجه الاحتلال الإسرائيلي، الذي تعتبره المقاومة الفلسطينية المتسبب الأكبر في هذه الأزمة.
حالة ركود اقتصادي
ويعكس الإضراب الجزئي للمحلات التجارية السبت الماضي، في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بسبب "سوء الأوضاع الاقتصادية"، حجم الانتكاسة التي مني بها الوضع الاقتصادي في القطاع، والذي لم يعد يتحمله المواطن الفلسطيني والتاجر كذلك.
وبحسب متابعة مراسل "عربي21" لحركة البيع والشراء، فإنه لوحظ انخفاض كبير في الإقبال على العديد من السلع؛ وشكوى التجار (الجملة والتقسيط) من تراكم الديون على المواطنين وعدم قدرتهم على السداد، وخاصة فئة الموظفين.
وفي مؤشر على حالة الركود الاقتصادي في القطاع، كشف الخبير العسكري الإسرائيلي في صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هرئيل، أن الأسابيع الأخيرة شهدت انخفاضا في عدد الشاحنات التي تنقل البضائع للقطاع، فمن حوالي 530 شاحنة في اليوم، مقابل 1000 شاحنة في السنوات الأخيرة".
وأوضح أن "حجم البضائع التي تم إدخالها للقطاع كان منخفضا في الربع الأخير من عام 2017، بنحو 20 بالمئة مقارنة بالربع الموازي من عام 2016"، معتبرا أن "السبب الرئيس لهذا الواقع، هو انخفاض قدرة الشراء في غزة في أعقاب سوء الوضع الاقتصادي".
وأكد الخبير الاقتصادي، عمر أبو شعبان، أن "قطاع غزة دخل مرحلة الموات الاقتصادي، وذلك لتراكم عوامل الضعف؛ التي لا تعود لأسباب ذات علاقة بالعام 2017 (إجراءات السلطة ضد القطاع) فقط، وإنما لدخول القطاع في العام الحادي عشر للحصار والانقسام".
"النزعة الأخيرة"
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "تضاعف تداعيات عوامل الضعف عبر الزمن، أدت إلى ركود اقتصادي غير مسبوق، وخاصة مع الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد غزة في 2017، في ما يتعلق بتخفيض رواتب الموظفين بنسبة تراوحت ما بين 30 و55 بالمئة، وتقليص كمية الكهرباء وعدم التقدم في مسار المصالحة وإعادة الإعمار".
وقال أبو شعبان: "ونتيجة لكل هذه العوامل القديمة والجديدة، كان 2017 هو الأسوأ في ما يتعلق بالنشاط الاقتصادي الذي يرتبط بشكل وثيق بكافة القطاعات الحيوية الأخرى، وخاصة عمل القطاع الخاص الذي دخل مرحلة النزعة الأخيرة".
وحول المخرج من هذا المأزق الاقتصادي الكارثي الذي يعصف بأكثر من مليوني فلسطيني، شدد الخبير الاقتصادي على أهمية "تحقيق وإنجاز المصالحة الفلسطينية كأحد المخارج الاستراتيجية والأساسية، لأنها قد ترفع الأعذار في ما يتعلق بالحصار الإسرائيلي، وتعيد عمل المؤسسات الدولية بشكل أو بآخر".
اقرأ أيضا: "اتحاد الصناعات الفلسطينية" يحذر من انهيار اقتصاد غزة
وأضاف: "وربما تأتي المصالحة أيضا بتمويل دولي للقطاع، ورفع الخصومات عن رواتب الموظفين ودخول السلطة بخطط تمويل لتحريك الحياة في غزة، إضافة إلى أنها تعيد بعض الثقة لسوق غزة ما يشجع المستثمرين على إعادة الاستثمار في القطاع"، لافتا إلى أن "الانفتاح على مصر، أو تخلي حماس عن النظام السياسي، كل هذه خطوات إجرائية لن تساهم في حل استراتيجي".
وإضافة لما ذكره الخبير الاقتصادي، أكد الخبير الأمني الفلسطيني البارز إبراهيم حبيب، أن من بين الأسباب التي أدت لتردي الوضع الاقتصادي بشكل كبير، أن "الإيرادات التي كانت تدخل خزينة القطاع عبر المعابر، ذهبت إلى خزينة رام الله، في حين أن هناك فقدانا للسيولة النقدية في القطاع".
انهيار المنظومة الاقتصادية
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "فقدان السيولة، سيكون له تبعات اقتصادية كبيرة، وربما انهيار في المنظومة الاقتصادية في القطاع خلال الأسابيع القادمة، في حال لم تقم السلطة بشكل عاجل بإعادة ضخ الأموال للقطاع وتوفير رواتب موظفي غزة، وعودة رواتب الموظفين المحسوبين على رام الله بشكل كامل".
ولفت حبيب، إلى أن "هذا الوضع الذي لا يطاق، سيكون له تداعيات أمنية وسياسية وسيؤدي إلى حالة انفجار"، مؤكدا أن "المقاومة الفلسطينية ترى أن الاحتلال هو المتسبب الأكبر في هذه الأزمة، مع عدم إعفاء حركة فتح والسلطة ورئيسها محمود عباس من المسؤولية تجاه غزة، وقيام حكومة التوافق بتحمل مسؤولياتها تجاه مليوني مواطن في غزة، كما تطالب بالتمكين".
ونوه إلى أنه "في حال لم تكن هناك نظرة جدية من الرئيس عباس والحكومة، فإن ملف المصالحة سيتعرض لانتكاسة كبيرة مع الدخول في نفق مظلم ستكون له تبعات على كل القضية الفلسطينية".
وحول دور حركة "حماس" تجاه هذا الواقع، رأى الخبير الأمني، أن "حماس قدمت ما عليها من استحقاقات فرضتها أجندة المصالحة في رام الله والقاهرة".
وأضاف: "كان الأجدر من التسويف الذي يمارسه الرئيس تجاه تحقيق المصالحة رغم ما يتعرض له الملف الفلسطيني من استهداف وتدمير ممنهج، أن يلجأ لتحقيق الوحدة الوطنية، لكن يبدو أن أجندته مختلفة تماما عن ما يجري في ساحتنا الفلسطينية، ولديه رؤية مختلفة بشأن المصالحة".
وتابع حبيب: "الرئيس عباس ببساطة يريد غزة بلا حماس، ويريد القطاع منتكسا عاجزا وفقا لشروط ومعايير الاحتلال الإسرائيلي، كما هو معمول به في الضفة الغربية المحتلة"، وفق تقديره.
صادرات مصر لتركيا تقفز 44 بالمئة في عشرة أشهر
كيف تزيد المصالحة الفلسطينية الفجوة التمويلية بموازنة السلطة؟
اكتتابات الشرق الأوسط تصعد 400 بالمائة في الربع الثالث